رحلة الثانوية الشرعية بتركمان بارح إلى اللاذقية وطرطوس عام ١٩٩٢م

 

قررت إدارة مدرسة الثانوية الشرعية بتركمان بارح القيام برحلة مدرسية إلى اللاذقية وطرطوس عام ‏‏١٩٩٢م. ‏

وبدأ الطلاب بتسجيل أسمائهم في الرحلة، ولكنني لم أتقدم لتسجيل اسمي، فطلبني فضيلة الشيخ مصطفى ‏منصور إلى غرفة الإدارة، وسألني لماذا لم تسجل اسمك؟ وقبل أن أجيب قال: إن الإدارة قررت تسجيل اسمك ‏بالرحلة لأنك من المتفوقين.‏

وكنت حينها قد نلت الدرجة الأولى على صفي، وأهدتني المدرسة كتاب (مع الأنبياء في القرآن الكريم، ‏تأليف: عفيف عبد الفتاح طبارة)، ونال الدرجة الثانية جابر الحجي، والدرجة الثالثة عمار نجار، والدرجة الرابعة ‏إياد الناصر.‏

وبعد أن اكتملت إجراءات التسجيل والتجهيز للرحلة حضر الباص ليلا وركب الطلاب والأساتذة فيه ‏وانطلقت الرحلة بعد منتصف الليل من قرية تركمان ‏بارح إلى حلب ومنها إلى جسر الشغور والتي وصلناها فجرا، ‏فصلينا الفجر في أحد مساجد جسر الشغور، وكان إمام المسجد فضيلة الشيخ حسن عبروش والد الطالب أحمد ‏عبروش أحد طلاب الثانوية الشرعية بتركمان بارح حينها، ‏ومن ثم تناولنا الفطور هناك وواصلنا الرحلة باتجاه ‏اللاذقية.‏

وصلنا شاطئ اللاذقية ونزلنا فيه، فجاء باص مليء بالشباب والبنات ونزلوا بجانبنا ومع نزولهم بدؤوا ‏بالرقص ‏والغناء فأمرنا المشايخ بالصعود في الباص وانطلقنا إلى نهر السن الواقع بالقرب من مدينة بانياس، وهو نهر قصير ‏غزير، وعندما وصلنا النهر نزلنا ‏هناك للاستجمام واللعب على ضفافه وتناول الغداء. ‏

وقد التقطت هذه الصورة المرفقة أثناء تناول الغداء على ضفاف نهر السن، ويظهر في الصورة فضيلة الشيخ ‏مصطفى ‏منصور والذي يرتدي كنزة مشلحة فوق الكلابية وهو ثالث شخص من يمين الصورة، وعلى يمينه ‏ ‏فضيلة الشيخ إسماعيل ‏موسى، وعلى يمينه أستاذ رياض حمدان خليل، وعلى يمينه فضيلة الشيخ المربي عبدالقادر ‏عثمان والذي يضع يده اليسرى على رأسه وهو مؤسس المدرسة ومديرها- رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى-، ‏وعلي يمينه فضيلة الشيخ محمد ‏حمو والذي يرتدي كنزة فوق الكلابية، وأنا ذاك الطالب الصغير الذي يظهر في ‏الصورة أمام الأشجار ‏في طريقه لتسلق المنحدر.‏

وبعد تناول الغداء على ضفاف نهر السن انطلقنا إلى جزيرة أرواد.‏

ومن ثم زرنا جامع السلطان إبراهيم في جبلة، والمسمى على اسم السلطان الزاهد إبراهيم بن الأدهم، والمتوفى حوالي سنة (160 – 166ه)، وضريحه داخل الجامع، وقد كان السلطان إبراهيم هاجر من ‏خراسان- والتي تتوزع حاليا على أفغانستان وتركمانستان وإيران- إلى بلاد الشام لبركتها.

واليوم يهاجر أبناء خراسان إلى بلاد الشام لا لبركتها وإنما لتهجير أهلها وتقطيع أوصالهم وقتلهم ‏واغتصاب أرضهم ونشر الظلم والفساد بينهم، يتجولون في أصقاع بلاد الشام بينما لا يستطيع أبناؤها من ‏التجول بين محافظتين منها، عدا عن نشرهم المذهبية والطائفية والعنصرية بين أبنائها وحرمانهم من العلم فضلا عن الرحلات المدرسية التي محيت من ذاكرة معظم طلابنا. ‏ ‏

ما بين هجرة السلطان إبراهيم ورحلتنا المدرسية وهجرة أبناء خراسان اليوم

في رحلة مدرسية عام 1992م زرنا جامع السلطان إبراهيم في جبلة، والمسمى على اسم السلطان الزاهد إبراهيم بن الأدهم، والمتوفى حوالي ‏سنة (160 – 166ه)، وضريحه داخل الجامع، وقد كان السلطان إبراهيم هاجر من ‏خراسان- والتي تتوزع ‏حاليا على أفغانستان وتركمانستان وإيران- إلى بلاد الشام لبركتها. ‏

واليوم يهاجر أبناء خراسان إلى بلاد الشام لا لبركتها وإنما لتهجير أهلها وتقطيع أوصالهم وقتلهم ‏واغتصاب أرضهم ونشر الظلم والفساد بينهم، يتجولون في أصقاع بلاد الشام بينما لا يستطيع أبناؤها من ‏التجول بين محافظتين منها، عدا عن نشرهم المذهبية والطائفية والعنصرية بين أبنائها وحرمانهم من العلم فضلا عن الرحلات المدرسية التي محيت من ذاكرة معظم طلابنا. ‏ 

وختاما

أشكر فضيلة الشيخ عبدالله عثمان، على مساهمته بالمعلومات في هذا المنشور، حيث ساعدني بتذكر ‏أحداث ومسار الرحلة.‏

وأسأل الله أن يعجل الفرج عن سوريا، وأن يرفع عنها البلاء والشدة، وأن ينزل عليها الأمن والرخاء، ويرد ‏أهلها إليها، ويجعل مستقبلها أفضل من حاضرها وماضيها، ويحفظ علماءها وشيوخها ومدارسها مشاعل نورا ونهضة.