ترجمة فضيلة الشيخ الدكتور عبد المجيد معاذ

توفي يوم الثلاثاء الفائت العلامة الفقيه المحقق والأصولي المدقق أحد كبار علماء حلب الفحول وخبير الموسوعة الفقهية الكويتية التقي النقي الشيخ الدكتور عبد المجيد معاذ عن عمر ناهز الثمانين عاما.

عرفت عائلته بمعّاز ولكن الشيخ كان يؤكد على أن اسمه عبد المجيد معاذ وينبه على ذلك من يجري على لسانه الاسم المشهور.

ولد بحلب وتلقى العلم في ثانويتها الشرعية على أجلة علمائها ولازم أشياخها كالسلقيني وسراج الدين وزين العابدين وغيرهم ونهل من معينهم ثم أكمل تعليمه الجامعي في كلية الشريعة بدمشق وأفاد من أساتذتها وعلماء دمشق الآخرين ثم رحل إلى الأزهر فأكمل دراسته العليا ونال درجة الماجستير والدكتوراه سنة 1976 م بتفوق حتى استوى عوده ونضجت معارفه وتمكن في العلم وفاق أقرانه ودرّس بحلب في المدرسة الشعبانية وقد كان من خاصة تلاميذ مولانا الإمام الشيخ عبد الله سراج الدين ثم انتقل للتدريس بالجامعات في السعودية والكويت وأفاد طلبة العلم من دروسه فوائد جمة فقد كان فقيها حنفيا وأصوليا بارعا قل نظيره تحقيقا وتحريرا للمسائل وتدقيقا للفتاوى وعناية بحاشية ابن عابدين التي توجها بعد ذلك باختصارها وتقريبها للطالبين وكان رحمه الله صاحب سمت حسن جميل القسمات منور الوجه عذب الحديث لطيف الإشارة راسخ القدم لقيته مرات بحلب والكويت فكان لقاؤه عامرا بالفوائد حافزا على التحصيل وأذكر أنني سمعته ببيت الوالد بحلب ينتقد كتاب الجهاد للشيخ البوطي ويذكر أنه يرد على كلامه الجديد بكلام له قديم وينكر فتوى إباحة فوائد البنوك ويذكر أن شيخه الأزهري هد مصطفى مجاهد رحمه الله نشر في جريدة ردا على فتوى الشيخ محمود شلتوت عنوانه: شلتوت يرد على شلتوت وذلك ان لشلتوت كتابة جيدة قديمة فند فيها الشبهات التي قد يتميك بها مبيحو فوائد البنوك تفنيدا جيدا ثم صار بعد ذلك إلى تبني بعضها فعمد الشيخ مصطفى مجاهد إلى كلامه الجديد فجاء به ورد عليه من كلامه القديم وكان يقول: وهذا الكلام باطل أو نحو ذلك وقد قال الشيخ شلتوت في تفسيره كذا وكذا ويأتي بكلامه القديم.

ومما أخذته عنه التدقيق في فتوى تنسبها هيئة الفتوى بالكويت للمذهب الحنفي تزعم أن الحنفية يرون أن الطهارة من واجبات الطواف وليس شرطا في صحته ولذلك فإن للحائض أن تطوف بالبيت وتذبح بدنة فكان الشيخ عبد المجيد يقول: ان الحنفية لم يجيزوا للحائض الطواف فهو عندهم حرام كبقية المذاهب ولم يجيزوا للفقيه أن يفتي الحائض المبتلاة بذلك ولا أن يأمرها به ولكن يبين لها تدقيق الحنفية ورأيهم في كون الطهارة واجبة لا شرط صحة مجرد بيان ولا يدعوها لفعل ذلك حتى لا يكون آمرا لها بحرام ولكن إن سمعت الفتوى فهجمت من نفسها وطافت أجزأها الطواف مع حرمته ووجب عليها فدية وكفارة وهي بدنة الخ.

كانت إقامته وإقامة أمثاله من علمائنا الراسخين بالكويت عام 2005 سببا مهما من أسباب اختياري الإقامة والعمل بها ولكني للأسف لم ييسر لي أن أحظى منه بما كنت أرجوه من النهل من علمه فقد رجع بعد عام أو عامين من استقراري بها إلى حلب.

وسأورد في التعليقات مقالا في ترجمته للأستاذ الفاضل محمد عدنان كاتبي وكاملة عنه لتلميذه الدكتور أ.د. عبد السميع الأنيس.

رحم الله شيخنا ومولانا الشيخ عبد المجيد وأجزل مثوبته ونور قبره وأخلف على الأمة أمثاله من العلماء الأولياء الراسخين.