الأستاذ الدكتور الداعية حسين حامد الصالح

(1961- 2017م )

 

هو الأستاذ الدكتور الداعية حسين بن حامد الصالح المخلف الذي ينتمي إلى 

 قبيلة  العكيدات، وهي عشيرة عربية معروفة في الجزيرة العربية، تمتع الأستاذ الدكتور بجملة من الصفات والخلال جعلته يتسنّم منزلة عالية ومكانة سامية، فهو دائب النشاط، كثير الحيوية، متواضع خلوق، طيب القلب، لطيف المعشر، أجمع كل من عرفه على حبه واحترامه فهو سخي اليد ،كريم النفس، مشرق الروح يألف ويؤلف ويدخل القلوب دون استئذان، فمن هو ؟ وما هي سيرته، ومسيرته ورحلة حياته ؟؟ 

 

المولد والنشأة :

وُلِدَ الأخ الحبيب حسين حامد الصالح في مدينة الميادين التابعة لدير الزور في شرق سورية عام 1961م ، وأصوله من قرية الطيبة، حيث يوجد أكثر أقربائه ..

نشأ وترعرع في كنف والده الحاج حامد بن صالح المخلف، والناس يعرفونه باسم علي الصالح، ووالدته هي (( سكوت بنت داود الحمش المحمد الظاهر ))...

كان والده رجلاً فقيراً متعففاً يأكل من تعب يده، وهو معروف بالتدين والزهد وملازمة القرآن الكريم، وكان الناس أكثر ما يحترمون فيه الصدق، لذلك تأثر أولاده بأخلاقه، وبالأخص الابن الكبير حسين-رحمه الله.

نشأ حسين الصالح في كنف والده على حياة التقوى وحب العلم واحترام العلماء، فكانت الأسرة هي المحضن التربوي الأول له، ونظراً لظروف الفقر التي كانت تعيشها العائلة، اضطر للعمل منذ نعومة أظفاره، ليسد حاجته وحاجة أهله، فكان يعمل ويدْرُسُ ليساعد أُسرته في المعيشة، وأبى إلا أن يكمل دراسته بالرغم من الظروف الصعبة والعقبات التي واجهته حينها، بقي على هذا الحال طوال فترة دراسته وغربته سندًا لأهله ومعينًا لهم، وبعد أن توفي والده، زادت مسؤولياته تجاه أهله، وبقي على ذلك إلى أن توفاه الله.

توفي والده حامد الصالح عام 2009م عن عمرٍ ناهز السادسة والسبعين، إثر مرض عضالٍ عانى منه كثيرًا، وكان يتمنى رؤية ابنه البكر، ولكن لم يتسن له ذلك.

دراسته ومراحل حياته :

دَرَسَ المرحلة الابتدائية في مدرسة الحسن ومدرسة علي بن أبي طالب، ثم درس المرحلة الإعدادية والثانوية في ثانوية عبد المنعم رياض، وكان ذكياً متفوقاً في دراسته، ثم التحقَ بقسم اللغة العربية في جامعة حلب؛ لأنه كان يحب الأدب العربي، وكان من أساتذته الكبار الذين نهل العلم على أيديهم الطاهرة :

 الأستاذ الدكتور فخر الدين قباوة، والأستاذ محمد الأنطاكي صاحب كتاب المحيط، الأستاذ محمود فاخوري .

في عام 1981م  اضطر للهجرة إلى العراق، وهناك أكمل دراسته، في الجامعة المستنصرية حيث حصل منها على شهادة البكالوريوس عام 1985م، دورة تاج المعارك، وكان من الثلاثة الأوائل على الدفعة في قسم اللغة العربية، ثم حصل على شهادة الماجستير من جامعة بغداد عام 1990م، وكانت بحثه بعنوان : (ابن الجزري ودراساته الصوتية في ضوء علم اللغة الحديث )، وكان المشرف على رسالته الأستاذ الدكتور : حسام النعيمي .

 ثم عاد إلى الجامعة المستنصرية، ليتابع فيها دراسته، فحصل منها على شهادة الدكتوراه، بتقدير امتياز، عام 1995م، وكان بحثه بعنوان ( التأويل اللغوي في القرآن الكريم ) حيث أشرف عليه الأستاذ الدكتور عبد الله الجبوري ، وقد أثنى عليها الأستاذ الدكتور حسام النعيمي ( أحد أعضاء لجنة التحكيم ) بوصفه لها (بعروس الرسائل) وتمت طباعتها على نفقة الجامعة لكونها من الرسائل العلمية المتميزة .

أعماله والوظائف التي تولاها :

-وقد شغل عدداً من الوظائف والمناصب حيث عمل الدكتور حسين رحمه الله تعالى :

-محاضراً في كلية الآداب - الجامعة المستنصرية- بغداد 1993-1994م

ثم صار أستاذاً مساعداً في كلية الآداب - الجامعة المستنصرية- بغداد 1995م

ثم انتقل إلى اليمن عام 1996م وتابع رسالته الإنسانية والعلمية في التعليم الجامعي فدرس في جامعة إب في كلية التربية – النادرة ، ثم انتقل ليعمل أستاذاً مساعداً في كلية التربية - جامعة صنعاء- اليمن 1996-2000م

وبعدها ترقى في التدريس فصار أستاذاً مشاركاً في كلية التربية - جامعة صنعاء- اليمن 2000-2007م

ثم حصل على درجة بروفيسور فعمل أستاذاً في كلية التربية - جامعة صنعاء- اليمن 2007-2009م

وتقلد عدداً من المناصب الإدارية :

فهو رئيس قسم اللغة العربية في كلية التربية بجامعة صنعاء 2001-2005م

ومقرر الدراسات العليا وأمين سر مجلس كلية التربية بجامعة صنعاء 2001-2002م

وكان له شرف المشاركة في وضع دليل كليات التربية بجامعة صنعاء الطبعة الأولى 2003م

والمشاركة في تأليف كتاب في النحو مقرر على معاهد المعلمين في اليمن 1999م

وقد أشرف وناقش العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة،  وكتب عدداً من الأبحاث والدراسات اللغوية، وكان من الأساتذة المحكِّمين لبحوث اللغة العربية في الجامعات ومجلات اللغة العربية والدراسات الاجتماعية، فكانت مسيرةً حافلةً بالإنجازات.

- انتقل إلى العمل في جامعات السعودية فصار أستاذاً في كلية اللغة العربية - جامعة القصيم – السعودية ما بين عام  2009-2016م ، فخلف جهوداً مزدهرةً في علوم اللغة العربية وخلاصات أعوام من البحث والتدريس.

مؤلفاته :

الكتب المؤلفة والمترجمة:

 الإمام المقرئ محمد بن الجزري الدمشقي المتوفى (833هـ) وجهوده في الدراسات القرآنية والصوتية - الناشر: دار ابن حزم.

 التأويل اللغوي في القرآن الكريم - دراسة دلالية - الناشر: دار ابن حزم.

-وهذه قائمة بأهم الأبحاث العلمية المنشورة بالمجلات التي قدمها الدكتور حسين رحمه الله تعالى:

1-دلالات أسلوب التقديم والتأخير في النسق القرآني –مجلة الدراسات الاجتماعية –اليمن-العدد السابع –يونيو/1999م

2-العربية ومشكلة التعريب في العصر الحديث –مجلة كلية الآداب بجامعة صنعاء –العدد 23-2000م

3-التطور الدلالي في العربية في ضوء علم اللغة الحديث-مجلة الدراسات الاجتماعية –اليمن –العدد الثاني-ديسمبر-2000م

4-لغات القبائل وأثرها في المعنى القرآني-مجلة الباحث الجامعي –جامعة إب-العدد العاشر –مارس -2006م

5-مكانة السياق في البحث الدلالي عند المفسرين-مجلة كلية التربية الأساسية –الجامعة المستنصرية-بغداد-العدد 46-2006م

6-سياق المقام وأثره في توجيه المعنى في القرآن الكريم-مجلة الأستاذ –كلية التربية ابن رشد –جامعة بغداد –العدد 57-2006م

7- ملامح النظرية النقدية عند العرب من خلال طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي - مجلة تهامة – جامعة الحديدة – العدد الثاني – (ديسمبر 2000) م.

8- ظاهرة التضاد الدلالي في القرآن وأثرها في المعنى - دراسات يمنية - مركز الدراسات والبحوث اليمنية - العدد 80 – (يناير - مارس 2006) م.

وفاته :

استمر -رحمه الله - في مسيرته العلمية، وكان دؤوباً في عمله في الجامعة والمنزل، حيث كان يقضي ساعات كثيرة في مكتبه في البحوث والدراسات والتواصل مع طلابه، وفي ليلة وفاته كان ضحوكًا جداً، وكان مسرورًا بقدوم أحد أعز أصدقائه الدكتور خالد حماش -حفظه الله، فسهر تلك الليلة مع أصدقائه سهرة جميلة، أصلح فيها بين أخوين من إخوانه، وأعاد لحمة الأخوة بينهما بعد أن نزغ الشيطان بينهما، وأثناء السهرة أُذِّن لصلاة العشاء، فاستأذن بلطف، وذهب للصلاة في المسجد، ثم رجع، وفي نهاية السهرة خرج مع ضيفه متهلّل الوجه، وودعه، ثم دخل البيت، وتسامر مع أهل بيته، وصلى الوتر وختم القرآن في تلك الليلة قبل نومه، ولم يكن يخطر ببال أحد أنها كانت لحظات الوداع وابتسامة الفراق.

كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل حينما بدأ يسعل سعالًا حادًا وقويًا، أيقظت زوجته ابنه أنس لأخذه إلى المستوصف القريب من المنزل، في البداية ظنَّ أنه أمرٌ عادي، لأنه كان يعاني من الربو، ثم أيقظت الأم ابنه عمر، ليذهب هو الآخر وينظر حال أبيه، فهرع لذلك حافي القدمين، وعندما وصل وجد أباه يعاني من اختناق شديد حتى مع وجود قناع الأوكسجين، فقرر دكتور المستوصف إسعافه إلى مستشفى بريدة المركزي، فتم نقله بسيارة الإسعاف بمرافقة ابنه عمر، وفي الطريق إلى المستشفى لاحظ ابنه أن والده توقف عن الحركة فحاول مناداته علّه يستجيب، وقام بمحاولات لإنعاش قلبه دون فائدة، وفور وصولهم لقسم الطوارئ، تم إدخاله إلى قسم الإنعاش، واستمر الأطباء بمحاولة إنعاش القلب، ولكن لقوة الجلطة لم يتمكنوا من إنقاذه حيث كان قلبه متوقفًا عن العمل عند وصوله لقسم الطوارئ حسب تقرير الدكتور، فكان قضاء الله وقدره الذي لا يرد .

فتوفي - رحمه الله - الساعة الواحدة والنصف من فجر يوم الخميس 2/2/2017م – 5/5/1438 هـ، بعد غربة عن بلده دامت ستة وثلاثون عاماً، رحمه الله عاش غريبًا، ومات غريبًا، لقد كانت صدمة قوية وفاجعة لم يستوعبها أحد آنذاك حتى بعد مضي أسبوع على وفاته كان بعض أصدقاءه يتصل للتأكد من صحة الخبر، لمكانته رحمه الله في قلبه وعمق محبته له، وشدة وقع الخبر في نفسه، وقد أقيمت مجالس عزاء له في قريته الطيبة، والسعودية (بريدة-الرياض-الطائف) وتركيا، والأردن.

أخلاقه وشمائله :

عُرِفَ الدكتور حسين الصالح بحسن الخلق، وكرمه وهدوئه وحسن تواضعه وغزارة علمه ، شَهِدَ له بذلك القاصي والداني، وكان باراً بوالديه ، واصلاً لأرحامه ، لا ينسى القريب والبعيد حتى إن طلابه المتخرجين منذ سنوات طويلة كانوا على تواصل دائم معه، محبوباً بين الناس ...

وكان من أخلاقه رحمه الله : 

1- التواضع ودماثة الخلق : وهذه الصفة تجعله قريباً من قلوب الناس .

2- التبسم في وجه الآخرين، وعدم إظهار الحزن الذي في قلبه، مع أن قلبه كان يعتصر حزناً على وطنه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تبسمك في وجه أخيك صدقة .

3- التسامح والعفو : كان رحمه الله لا يحمل في قلبه حقداً على أحد ولو ظلمه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صل من قطعك، واعف عمن ظلمك .

4- احترام الآخرين : كان رحمه الله يحترم الآخرين لدرجة كبيرة ، ويلتزم بآداب المجالس ، فلا يقاطع متكلماً ولا يرفع صوته إلا لحاجة ، ويخدم نفسه بنفسه، ويجلس حيث ينتهي به المجلس.

5- فعل الخير ومساعدة الآخرين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً ...

6- الكرم : كان رحمه الله معروفاً بالكرم والسخاء، وكان بيته لا يخلو من الأضياف ، حيث يحرص على خدمتهم بنفسه.

7- الالتزام بالعبادات وأداء الصلوات في المسجد، وقيام الليل، والإكثار من الصيام، وزيارة المسجد الحرام والمسجد النبوي، وقراءة القرآن الكريم ...

وغير ذلك من الأخلاق الفاضلة حيث كان - رحمه الله - قمة في الأخلاق وحب الخير للناس ...

وقد أثنى عليه إخوانه ؛ وأقاموا على روحه مجالس العزاء في السعودية وتركيا ..وغيرها من البلدان .

ثناء العلماء والأدباء عليه :

نعاه صديقه د. محمد حسين النقيب، فقال :

((أ. د / حسين حامد الصالح في ذمة الله

عرفته عالماً جليلاً وأستاذاً فاضلاً ، نهل من معينه الكثير من الطلاب في علوم اللسانيات والنحو والصرف بجامعة صنعاء وإب والجامعات السعودية

رحلت عن عالمنا المشحون بكل المتناقضات الى عالم آخر رحب الفضاء 

رحلت الى مليك جزيل العطاء وكان رحيلك مفاجئاً ومفجعاً

 زميلنا العزيز : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يسكنك مساكن الأخيار

عزاؤنا لعمر واخوانه وجميع محبيك إنا لله وإنا إليه راجعون)) .

وقد نعاه صديقه محمد عادل شوك على صفحته وفي رابطة أدباء الشام، فقال :

(( ( رحيلُك أحدثَ في القلب ثُلْمَةً يا حسين )

د. محمد عادل شوك: 7/ 2/ 2017م.

رحلَ عنّا فجر يوم الخميس: 2/ 2/ 2017م، أخي و صديقي الأستاذ الدكتور حسين حامد الصالح ( أبو عمر الميادين )، أستاذ اللغة والنحو في جامعة القصيم، عن عمر يناهز ( 55 ) عامًا، وهو في قمّة عطائه العلمي.

لقد كان للدكتور حسين الكثير من الطموحات، و المشاريع، والآمال، والأحلام، والرؤى؛ بيدَ أنَّ الموت كان أسرع إليه من ذلك كلّه.

ونحن إذ ندعو له بالرحمة والرضوان والقبول، ولأهله بالصبر والسلوان؛ ندعو أنفسنا لتجديد التوبة إلى الله، وإخلاص النيّة له، وتهذيب القلب من كل ما يشوبه من دخَل، وغشّ ، وإحَنٍ، وأحقاد، وظلم، وظلمات.

لقد عرفته في أكثر من محطة في سنوات الغربة، وفي كلٍّ منها كنّا دونه في البذل والعطاء، والهمّة والنجاح، والصدق والصفاء.

لقد كانت إحدى أهمّ لحظات سعادتنا في سنة 1995م، عندما صدر قرار منحنا درجة ( الدكتوراه ) في ( كلية الآداب ـ الجامعة المستنصرية ).

وكنّا نسعى لأن نشدّ الرحال إلى اليمن السعيد سويةً، إلاّ أنّه قد تخلف سنة بعدي، ثم التقينا ثانية هناك، وتنقل كلانا في أكثر من كلية وجامعة، حتى التقينا معًا في كلية التربية ـ جامعة صنعاء في سنة 2000م.

وشاءت الأقدار أن أسبقه إلى المملكة في مدينة أبها، ثم يأتي هو بعدي بثلاث سنوات إلى مدينة القصيم، ومن يومها لم ينقطع التواصل بيننا، واجتمعنا في أكثر من لقاء علميّ، وكان آخر ذلك قبل شهرين، حيث هو والدكتور عمار الددو قاما بترشيحي لمناقشة إحدى طالبات الماجستير في جامعة القصيم.

وفي أثناء تلك السفرة كان حريصًا على أن نلتقي في أكثر من سهرة ودعوة وفسحة، وقد بثَّ لي كثيرًا ممّا يضايقه، وكنت أشعر أنّه قريب منّي أكثر من أيّ وقت مضى؛ فلكأنّه كان يودّعني وداع الرحيل.

لقد أتاني خبر رحيله ؛ فكان كالصاعقة التي أيقظتني من غفلة كنت فيها متدثرًا، فبكيت حتى لم يبقّ في العين ماؤها.

رحمك الله يا حسين، يا حبيب الروح، ويا صديق الغربة، ويا زميل العمل في المجال الإعلاميّ، ويا صنوي في التخصص؛ لقد أحدثَ رحيلُك في القلب ثُلْمَةً يا أبا عمر. )) .

وصفه د. عبد الحق الهواس مدير جامعة ماري وأستاذ الدراسات العليا في جامعة طيبة .

كان من دورتي، وهو الثاني بعدي، وأرسلت له ليكون أستاذاً زائراً لفصل فقد أقنعت العميد صالح الوعيل بذلك رغم أنه خارج قانون الجامعة، وكنت رئيس قسم اللغة العربية في اليمن.

وجاء للمملكة بطلب مني، وكان من المقرر أن يتعين بجامعة الحدود الشمالية فاختار له الله القصيم...

وسهرنا ببيته ومعي الدكتور عبد الحميد الحسامي، وكانت ليلة علمية قلَّ نظيرها...رحمه الله جل ذكرياتي مشتركة بذكرياته...آه يا أبا عمر ...

أأبكي عليك الدمع أم أنثر الزهرا...  وكيف أوفي غاليا مثلك القدرا

رحلت بصمت مثل كل محبب ...      تحير في ترحاله عمرنا عمرا

أبا المكرمات الغاليات وصنوها ... حرقت قلوبا لا تطيق لكم صبرا 

أبا عمر عذراً إذا كنت عاجزا ...   فقد هدني من لا أقول له عذرا

وقد نعاه الدكتور مصطفى رضوان رفيقه في التدريس، فقال :

كان - رحمه الله - رجل علم وتقى، إنه علم من أعلام الخير والإحسان والكرم، وكان كثير النشاط قمة في الأدب والصلاح، وكان موفقاً في التدريس محبوباً من الطلاب يسعى في خدمة الناس .

وقد وصفه زميله د. علي العشي بقوله :

(( الأستاذ الدكتور أ. د. حسين الصالح في ذمة الله:

فجعت فجر هذا اليوم بخبر وفاة زميلي وصديقي الأستاذ الدكتور حسين الصالح أستاذ اللغة العربية بجامعة القصيم، إثر نوبة قلبية فاجأته البارحة، نقل على إثرها إلى المستشفى في مدينة القصيم بالمملكة العربية السعودية.

عرفت الفقيد في جامعة صنعاء عالماً من علماء اللغة، كريماً عطوفاً، يتحبب إلى إخوانه وزملائه بكل خلق رفيع.

اخترته ليكون أستاذاً محكماً من محكمي بحوث مجلة الدراسات الاجتماعية وهي مجلة علمية محكمة كنت مديراً لتحريرها لسنوات في جامعة العلوم والتكنولوجيا باليمن.فلمست فيه العلم والخلق والتلطف والصبر.

أوذي لسنوات طويلة فقد هاجر من سوريا منذ الثمانينيات، ولم يشفع له علمه، فبقي ممنوعاً من بلده حتى وافته المنية مغترباً عن بلده وداره ومراتع صباه.

رحمك الله أخي الحبيب، وعظم الله أجر ابنك عمر وكافة أفراد أسرتك وكل طلابك في بقاع كثيرة.)) .

وقد رثاه د. طارق باكير، فقال :

تدع المروءة والوداد وترحلُ               يا من له في كلّ قلبٍ محفلُ

تمضي سريعاً – يا حسين – وتنطفي     شمعاتُ عمر ما يزال يؤمّلُ

قد كنتَ في الظلماء نجماً ساطعاً          وإذا به قبل الصبيحة يأفلُ

قد كنتَ بين الناس حبلاً واصلاً     وعلى ذوي الحاجات غيثاً يهطلُ

قد أقفرتْ هذي المساكنُ بعدكم       الغصنُ يذوي و الأزاهرُ تذبلُ 

-وقد رثاه الدكتور خالد حماش، وأثنى على أخلاقه وسجاياه من فعل الخيرات والابتسامة الدائمة والوجه الطلق، ورقة الطبع، والكرم، والعفة والصبر، وفعل الخير.. وعدد كثيراً من خصاله النبيلة، فقال :

إلى الرحمن تمضي يا أُخيّا          بإذن الله مـــــــــــــــــرضيّا رضِيّا

أبا عمر مضيت وأنت نجمٌ      من الأصحاب قد بلغ الثُريّا 

مضيت مخلفاً إرثاً عظيماً       من الحسنات في الدنيا الدنيّة

كما الغيماتُ تأتي كل جدبٍ       فتســــــــــــــــــــقيه وتتركه روِيّا

حُسين الخَلق بسام رزين           خلوق صالح عذب المُحيّا

ألوف تؤلف الأخلاق فيه             رقيق الطبع محبوباً حييِّا

كريم يكرم الأضياف عفواً          كثير البذل معطاء سخيّا

دؤوب الطبع في تحصيل علم           وفي تعليمه فيضا رخيّا

كثير الشكر للرحمن فضلاً             عفيف النفس معتزاً أبيّا

صبور في البلاء فلا يبالي                إذا في الله نالته الأذيّة

رؤوف في الأرامل واليتامى               يمد الكف تحنانا وريّا

ويسعى في مصالح من يراهم       من الأصحاب حالهم عصيّا

رهيف الحس تؤلمه الرزايا               تصيب بلاده ظلما وغيّا

بكتك عيوننا دمعا غزيرا               بكت تلك المكارم والمحيّا

فقدنا فيك إنسانا عظيما                أخا شهما لدعوته وفيّا

فنرجو أن تنال بفضل ربي             مقاماً في الجنان غدا عليّا

مع الشهداء والأبرار تغدو             جميل الروح مبتهجا رضيّا

-ورثاه شقيقه بشار الصالح المخلف ، فقال ...

دهاني إذْ أتاني النَّعيُ ليلاً ذُهُولٌ ليسَ يكْشِفُهُ ذُهُولُ

فكُنْتُ أريدُ أنْ أشْدُو بشِعْرٍ أردتُّ الشِّعرَ لكنْ ما أقولُ؟

لفقدِكَ يا أبا عُمَرٍ دهاني أسًى في القلبِ ليسَ لهُ مثيلُ

أسًى يجري بجسميَ كالدماءِ فقلبي مُدْنَفٌ سَقِمٌ عليلُ

وداعاً يا ابن أُمِّي يا عظيمُ وداعاً أيُّها الرَّجُلُ الفضِيلُ

كأنَّ سنا خيالكَ إذْ رحلت أمامَ عيونِنا دوماً يجولُ

فحُبُّكَ قدْ تنزَّلَ في القلوبِ تزولُ لهُ القلوبُ ولا يزولُ

رحلتَ كما يغيبُ النَّجمُ فجراً ولكنْ لنْ يُغَيِّبكَ الأُفولُ

وداعاً مِنْ حياةٍ لا تدومُ كظلٍّ لُبْثُهُ أبداً قليلُ

وداعاً يا أبا البَسَمَاتِ يا ذا النَّ دى والجودِ إنْ نَزَلَ النَّزيلُ

ويا عوناً لملهوفٍ بِكَرْبٍ إذا ما همَّهُ الخطْبُ المهُولُ

ويا علماً على شُمِّ الجبالِ تميدُ به الجبالُ ولا يميلُ

وداعاً يا أبا الخُلُقُ الرَّفيعِ حَباكَ رِياضَ جنَّتِهِ الجليلُ

وسقْيا أَنْهُرٍ وعُيُونَ ماءٍ فُرَاتٍ سائغٍ هُوَ سَلْسبيلُ

فإنَّا صابرونَ على فراقٍ عَسَا لُقْيَا مُجَمِّعةٌ تطولُ

إذا ما اللهُ قَدَّرَ في عُلاهُ قضاءً مُبْرماً منْذا يحولُ

إذا حُمَّ القضاءُ فلا فَواتٌ وكلُّ النَّاسِ حينئذٍ ذَلولُ

-ورثاه د. حيدر البدراني بقوله... 

الكل يعلمه الإخاء والنبلَ عندك والوفاء

ويراكَ نهرَ محبة من قبل يجري في صفاء

ينساب بين ربوعنا شهدًا به نجد الشفاء

تسقي جديب إخائنا هذا المضمخَ بالجفاء

أَ حُسين يا علمًا وَ يَا رمزَ المحبة والإخاء

أنت الذي قد كنت لي نجمًا من العليا أضاء

تهدي الحيارى أينما كانوا بنور منك جاء

يامن رحلت مؤملًّا من بعد في دار البقاء

مهما ابتعدت تظل في آفاق غربتنا ذُكاء

في الصيف أنت ظلالها والدفء في برد الشتاء

وتظل في عصر الأسى للسائرين به الضياء

وكما عهدتك أنت للظمآن في دنياه ماء

دانٍ من الأصحاب في وقت الشدائد والرخاء

في كل ما تأتي به ساعات صبحك والمساء

أيامنا تلك التي كنّا نعيش كأصدقاء

لم تمضِها إِلّا بما يرضى الإِله وما يشاء

ولكم صبرتَ صبرت لم تجزع بها رغم البلاء!

ونعم بصبرك قبل ذا الأرض تشهد والسماء

في أنك الخل الوفي وأين أين الأوفياء؟

وقال فيه بعد مرور عشر أيام على وفاته:

عشر مضين يا خلي المؤدب والحبيب

والطيف طيفك عن خيالي كل يوم لا يغيب

عشر بها احسست أني ذلك النائي الغريب

من بعد ما كنا نتأمل الفتح القريب

ودعتنا ولعالم تزهو معالمه رحيب

رحم الله الأخ الدكتور حسين حامد الصالح وأدخله فسيح جناته ..

إنه كان علماً شامخاً وصديقاً صدوقاً أحببته من غير أن أراه فقد أصبت بالعدوى من إخوانه وأحبابه الذين عرفوه، وعملوا معه...وكانوا يصفونه أحسن الأوصاف، ويثنون عليه بأجمل الخصال، ويلهجون بذكره ...

اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله .

مصادر الترجمة :

1-معلومات من ولده البار الأستاذ عمر حسين الصالح حفظه الله .

2-رابطة أدباء الشام – مقالة د. محمد عادل شوك .

3-صفحة د. طارق باكير .. 

4-قصيدة د. خالد حماش – اتحاد كتاب سورية .

5- أصدقاؤه وزملاؤه المخلصون...

... وغيرها من غرف على وسائل التواصل الاجتماعي .