الأستاذ الدكتور الداعية عطية الوهيبي

( 1953- معاصر )

 

أبو حفص وما أدراك ما أبو حفص ؟ 

إنه إنسان متواضع كلما أراهُ يخطر على بالي قول الشاعر :

ملء السنابل تنحني بتواضع    والفارغات رؤوسهن شوامخُ

يتفجر علماً وحيوية ، فهو متعدد المواهب، حباه الله بالقلب الكبير ، والحب الوفير ، والعلم الغزير .. وهو مجاهد ضحى بالمال والولد نصرة لدين الله عز وجل ....

فما هي سيرته؟؟ وما هي أبرز ملامح تفكيره ومنهجه في التربية ؟.

المولد والنشأة :

ولد أستاذنا الحبيب أبو حفص في الجولان المحتل عام 1953م .

ونشأ في ظل أسرة مسلمة محافظة ، هاجرت من فلسطين عام 1948م، وراحت تعمل في الزراعة .

الدراسة ومراحل التعليم :

درس المرحلة الابتدائية والمتوسطة في الجولان .

ثم حصل على الثانوية العامة من درعا عام 1972م .

ثم حصل على ليسانس في الأدب العربي من جامعة دمشق عام 1976م .

وأبرز أساتذته في الجامعة هم :

-عاصم بهجة البيطار : درس عليه النحو .

-شكري فيصل : درس عليه الأدب .

-أحمد راتب النفاخ : سبق وأن ترجمتُ له في مقالة ضافية، وهي منشورة على موقع رابطة أدباء الشام .

-د. شاكر الفحام : وزير التعليم العالي في سورية .

-د. إحسان النص : صاحب كتاب حسان بن ثابت : حياته وشعره .

د. عبد الكريم الأشتر : درس عليه النقد الأدبي الحديث .

د. عزيزة مريدن : صاحبة أدب المهجر .

ودرس الدبلوم الخاص في الدراسات العربية من جامعة دمشق عام 1977م .

ثم هاجر إلى العراق في الثمانينات، وكان من أساتذته : د. حاتم صالح الضامن .

ثم حصل على الماجستير من الجامعة المستنصرية في بغداد عام 1996م .

وكانت الرسالة تحت عنوان : مصطلح الإشارات في القراءات الزوائد المروية عن الثقات، وكان المشرف على الرسالة د. عبد الله أحمد الجبوري ، وقد نجح أستاذنا أبو حفص فيها بدرجة ممتاز .

ثم حصل على الدكتوراه في الأدب العربي من نفس الجامعة عام 1999م .

وكان عنوان الرسالة : المجيد في إعراب القرآن المجيد، وكان المشرف عليها د. خليل العطية فلما مات أشرف عليها د. محمد عبد اللطيف .وقد نجح فيها الأستاذ عطية الوهيبي بدرجة قدرها 96 بالمئة ، وهي بمعدل ممتاز عالٍ .

الأعمال والوظائف التي تقلدها :

وبعد تخرجه وحمله للدكتوراه فتحت له الجامعات أبوابها، فدرّس في كلية الشريعة في رأس الخيمة، وهي فرع من جامعة محمد بن سعود الاسلامية بين عامي 2002- 2005م  .

درس في المعهد العالي في التوجيه والارشاد في صنعاء عاصمة اليمن بين عامي  2005 – 2007م .

ثم درس جامعة العلوم والتكنولوجيا في جامعة صنعاء في اليمن عام 2008م .

ثم انتقل إلى جامعة صنعاء بين عامي 2012- 2010 .

ثم ترك اليمن ، وهاجر إلى تركيا ، وبعد الثورة السورية المباركة راح يعظ الناس ويذكر المجاهدين، وأسس مع ثلة من إخوانه مجموعة (( دعاة الى الخير))، ودخل المخيمات وألقى المحاضرات في المراكز الإسلامية ، وفي مراكز همة ..وغيرها ، وكان طاقة مشتعلة لا تنطفئ ، وهمة لا تفتر ، وجذوة حماس لا تخبو ..بارك الله لنا في همته وأطال في عمره ، ونفع المسلمين بعلومه .

مؤلفاته :

1- زيادة التتمة في قراءة الثلاثة الائمة - الحسن البصري - ابن محيص المكي - الاعمش - ابن القاصح البغدادي المتوفى سنة 801 للهجرة .

2- تحقيق الكلام في قراءة الادغام - ابن القاضي المغربي - دار الفكر في عمان .

3- القول الشهير في تحقيق الادغام الكبير - ابن القاضي - منشورات في جامعة ذمار في اليمن .

4- الرد المستقيم على ما تفعله الاعاجم من تحريك الميم - ابن النجار الدمشقي- منشور في جامعة ذمار في اليمن .

5- مصطلح الاشارات في القراءات المروية عن الثقات - ابن القاصح البغدادي / 801/ دار الفكر في عمان .

شاعريته :

قلت لكم إن الأخ أبا حفص إنسان متعدد المواهب فهو خطيب مصقع ؛ وهو شاعر مجيد بالإضافة إلى أنه منشد يثير الحماس والمشاعر النبيلة .

وله بعض القصائد الجميلة نرجو أن تتاح الفرصة لنشرها ودراستها .

جهاده وهجرته :

هاجر الشيخ أبو حفص إلى العراق في الثمانينات من القرن العشرين ، ثم هاجر إلى اليمن ، ومن ثم هاجر إلى تركيا ؛ وطاف في البلدان، واطلع على ثقافة تلك الشعوب، وانضم إلى مجموعة ( دعاة الى الخير ) ؛ التي غطت ثغرة من ثغور الإسلام فوعظت في المخيمات وفي الثكنات ، وكان شيخنا أبو حفص في غرة هؤلاء ، فهو متعدد النشاط ،كثير الحيوية .

أما عن جهاده في سبيل الله ونصرة لدعوة الإسلام، فقد قدّم فلذة كبده الشهيد عبد الله عطية الوهيبي الذي قضى شهيداً في 24 / 8 / 2013م .

متزوج ولديه ثمانية أولاد : خمس إناث ، وثلاثة ذكور ، والشهيد عبد الله واسطة العقد ..رحمه الله ، وشفعه فينا، وفي والديه .

ومن أقواله :

يربط الأستاذ الدكتور عطية الوهيبي بين الماضي والحاضر، بين التاريخ والواقع المعاصر، بين الدين والحياة، والدين والسياسة تمتزج هذه الأشياء في خطبه ودروسه امتزاج الروح بالجسد ، وهذه جملة من أقواله تدلنا على معالم تفكيره وسحر بلاغته:

1-ما أكذب فرنسا ترسل طائراتها الحربية وقواتها الخاصة واستخباراتها وخبراءها وأكابر مجرميها لمساعدة المجرم الخوان " حفتر" في اغتيال الشعب الليبي المسلم ، واستئصال خضرائه ،وذبح أبنائه وأطفاله ونسائه، وتدعي صداقة هذا الشعب، وتمكر به من أمامه وورائه، وهي من ألد خصومه وأعدائه وتمعن في اغتيال زعمائه وشراء ذمم عملائه وسفهائه. 

فرنسا أفعى لدغت الشعب الجزائري أكثر من مئة واثنتين وثلاثين سنة، وقتلت أكثر من مليون جزائري مسلم ،وأيدت الانقلابيين على خيار الشعب الجزائري عام 1992 ،وسلوا عن كيدها وتآمرها وجرائمها الشام وأقطار الإسلام وأمة القرآن والأمصار والبلدان، وتزعم أنها دولة الحريات وحقوق الإنسان...

تعسا لهؤلاء الفرنجة لا خلاق لهم سوى المكر بالمسلمين ،و الفتك بهم ،واحتلال ديارهم، ومصادرة قرارهم، وسرقة درهمهم ودينارهم، وقتل خيارهم، ومؤازرة فجارهم وطغاتهم وشرارهم، ولا ينخدع بوعودهم ومواثيقهم وعهودهم إلا من عمي جنانه، وانطمست بصيرته ،وماتت غيرته، وخبثت سريرته، وساءت سيرته. 

سلام من صبا بردى أرق ودمع لا يكفكف يا دمشق 

سلي من راع غيدك بعد وهن أبين فؤاده والصخر فرق 

دم الشهداء تعرفه فرنسا وتعلم أنه نور وحق 

وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق 

فرنسا عدوة المسلمين إلى الهوان المشين ، ليبيا لن تهزم، ليبيا عمر المختار تنتصر.

2-داريا مدينة علت فوق النجوم بتضحيات أبنائها الغر الميامين وثباتهم في سوح الجهاد، قهرت فرنسا وعملاءها في القرن الماضي برجال مجاهدين صدق في الحرب صبر في الهيجاء أرخصوا أنفسهم في سبيل الله تعالى رب الأرض والسماء، وتواجه اليوم أذناب فرنسا ووكلاءها بني نصير حمير يهود وكل مجرم كفار كنود. 

لك النصر والظفر والفخار وأكاليل الغار يا مدينة المجاهدين الأحرار ولأعداء المسلمين الذل والهزيمة والعار.

3-حامل القرآن الكريم في الإسلام هو حامل لواء الجهاد في سوح الجهاد وميادين الحمام ليس بينهما انفصام لقد كان سالم مولى أبي حذيفة إمام المسلمين في المدينة المنورة وحامل لواء المهاجرين في معركة اليمامة وكان شعاره رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين :"بئس حامل القرآن أنا إن فررت من الميدان وأتاكم العدو من قبلي " فلما قطعت يمينه أخذ اللواء بشماله فلما قطعت اعتنقه إلى أن حاز وسام الشهادة في سبيل الله تعالى. واستحر القتل في القراء في ذلك اليوم وكانوا يشيطون على رماح الأعداء وتسيل نفوسهم على حد الظبا ويسارعون إلى المنايا وهم يهتفون: "وعجلت إليك رب لترضى "وهم يقولون: "فزت ورب الكعبة". هؤلاء هم أهل القرآن غير الغالين فيه ولا الجافين عنه أهل الله تعالى وخاصته وحماة الأوطان والفائزون بالغفران والرضوان والدرجات العلا في الجنان طوبى لهم وحسن مآب.

4-كان القائد الإسلامي الكبير السلجوقي ألب أرسلان محمد بن داود بن ميكائيل بن طغرل بن سلجوق قائد معركة ملاذ كرد التي هزم فيها عشرون ألفا من المسلمين بقيادته عام 463 من الهجرة مائتي ألف من الصليبيين بقيادة رومانس الرابع الذي أسره المسلمون في ذلك اليوم الأغر المشهود، كان يداعب أحد جنوده قبل المعركة، وكان صغيرا ناحل الجسم قصير القامة، ويقول له: لعلك تأسر ملك الروم رومانس الرابع، وتضع القيود في يديه ورجليه، وفي هذه الموقعة الحاسمة أسر الجندي المسلم ملك الروم ،وساقه أمامه خاسئا ذليلا ،يعلوه الصغار، ويكسوه العار، ورآه القائد المنتصر ألب أرسلان ،وسر بما رأى. ومن يدري لعل الصبي الشامي الحلبي عمران وأطفال الشام يأسرون أئمة الكفر والإجرام الذين جاؤوا إلى الشام مقبرة الغزاة وقاهرة الطغاة والعتاة ومنجبة القادة الأباة والعلماء المجاهدين الثقات والمجاهدين الصابرين الكماة، ويقودونهم أذلة صاغرين، لا تستهجنوا ذلك، فإن أحلام الأمس حقائق اليوم ،وأحلام اليوم حقائق الغد ":وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء ".

5-البراميل تربي الجيل، والسلاح الثقيل لن يهزم أمة التنزيل، والحق يدمغ جيوش الأباطيل ،ولا تقف أمامه الطائرات والأساطيل، وأمة الإسلام دحرت كل محتل عات، فارتد وهو خاسئ منهزم ذليل. أمة الإسلام لا تموت .

6-الذين عزوا بالقاتل الصهيوني زعيم الإجرام الراحل إلى الجحيم بيريز ومن قبله برابين سفهاء أقزام ،عملاء فئام، قتلة لئام، يطاردهم الخزي والذل والعار واللعنات في الحياة وبعد الممات، في أوكار الصهاينة درجوا ومن جحورهم خرجوا .

صغار في الحياة وفي الممات    وأذناب الصهاينة العداة

ثناء العلماء عليه :

أثنى عليه الأخ خليل محمد فقال :

(( أبو حفص ومن مثل أبي حفص علم وأدب وجهاد وتواضع وتقوى وحب للإسلام والمسلمين روحه عذبة تحبه من أول لقاء لا تمل من الجلوس معه كله فوائد 

لله دره ودر أيام قضيتها معه في التاجي كان الأب والأخ والصديق والمعلم في القول والعمل يحب الجميع والجميع يحبه لا يعرف كلمة لا في خدمة إخوانه ودينه 

والحديث عنه يطول ويطول ولا سيما جهاده وجزاك الله خيرا أخي عمر محمد العبسو، وحفظ الله الحبيب أبا حفص ونفع الله به...)) .

كما أثنى عليه د. محمد وليد حياني فقال :

(( رجل رباني قل مثيله تشرب الدعوة حتى ملأت قلبه... أستاذ جامعي وإمام وخطيب .. مرجع علمي رصين مع الضبط والربط وحضور الشاهد ... يعرفه المجاهدون في الساحات ويتمنون طول مكوثه بينهم ... نفع الله به وأعلى مقامه ... وهو أخ حبيب إلى قلبي وقلوب إخوانه وأحبابه ..)) .

وبعد :

هذه ترجمة متواضعة لعلم شامخ من أعلام الدعوة الإسلامية المعاصرة في سورية ، إنه الخطيب المفوه ، والعالم بالقراءات ، والداعية المؤثر، والشاعر والأديب الإسلامي ، والمنشد صاحب الصوت العذب الذي يهز المشاعر، إنه يتخذ من النشيد رسالة فهو دعوة وإصلاح وجهاد ...

وسوف أعود لدراسة كتبه حين تتوفر لدي إن كان في العمر بقية ..فمثل أبي حفص لا يجهل قدره ، ولا توفيه حقه مقالة كتبها أحد النكرات من طلاب العلم .

اللهم أطل في عمره، وانفع المسلمين بعلمه، واختم لنا وله بالثبات والأعمال الصالحات .

الله أكبر ولله الحمد .