حسن رزوق

 

1337 – 1422 هـ

1918 – 2001 م

 

    الشيخ حسن بن مصطفى الرزوق الخطّابي الحمَوي ثمّ الحلبي.

 

    عالم عامل، وخطيب ماهر، وداعية مهاجر.

 

    ولد الشيخ المترجم له في قرية (خطّاب)، التابعة لمحافظة حماة، وإليها نسب، ونشأ في بيئة صالحة محبة للعلم والعلماء، وبعد تعلمه لتلاوة القرآن الكريم، ومبادئ القراءة والكتابة، لزم شيخه الشيخ موسى بن حسين الموسى الحلفاوي ، وهو رجل فاضل من أهل العلم والصلاح، فأخذ عنه مبادئ العلوم العربية والشرعية.

 

     ولما بلغ أشده، وأضحى أهلاً للسفر في طلب العلم، شدّ الرحال إلى مدينة حلب، التي كانت في ذلك الوقت موئل العلم والعلماء، وأنتسب إلى المدرسة (الخسروية) ـ الثانوية الشرعية الآن ـ وفيها التقى جلّ شيوخه من علماء حلب الكبار، وعنهم تلقى مختلف العلوم الشرعية والعربية، وكان لهم الأثر الجلي في تكوينه العلمي، وما يزال الشيخ المترجم له يذكرهم بكلّ إجلال وحبّ واحترام، فقد تلقى علوم القرآن الكريم، تلاوةً وتجويداً ومبادئ علم القراءات، وحفظ بعض أجزاء من القرآن الكريم، على شيخه العلامة المقرئ الشيخ عمر مسعود الحريري، ودرس علم التفسير على شيخه محمد زين العابدين الأنطاكي، وأخذ علم الحديث الشريف ومصطلحه والسيرة النبوية، على شيخه المحدث المؤرخ العلامة الشيخ محمد راغب الطباخ، وقرأ الفقه الحنفي، فروعه وأصوله، على شيوخه الفقهاء، الشيخ مصطفى الزرقا، والشيخ أحمد الكردي، والشيخ محمد الرشيد، والشيخ محمد السلقيني، والشيخ محمد اللبابيدي، وأخذ علوم التوحيد والمنطق والفلسفة، على شيخه فيض الله الأيوبي، كما تلقى علم التربية والأخلاق، على شيخه المربي الشيخ عيسى البيانوني، أما علوم اللغة العربية، نحوها وصرفها وبلاغتها، فقد تلقاها على أئمتها في حلب وقتئذ، أمثال الشيخ محمد الناشد (الزمخشري الصغير)، والشيخ أسعد العبجي، مفتي الشافعية بحلب ، كما حصّل الشيخ في هذه المدرسة بعض العلوم الكونية، كالرياضيات والفيزياء والعلوم العامة والجغرافيا، وكان الشيخ حسن في هذه المدرسة، مثال طالب العلم المجد، وكان ينتقل فيها من صفّ إلى صفّ بتفوق ملحوظ، حتى تخرج فيها بمرتبة جيدة، سنة 1361 هـ ـ 1942 م. 

    وما أن تخرج الشيخ المترجم له في هذه المدرسة المباركة، حتى نهض إلى الدعوة إلى الله، ونشر العلم الذي حصله فيها، فعاد إلى قريته (خطّاب) ليقيم فيها إماماً وخطيباً ومدرساً داعياً إلى الله، لكنه لم يستقر فيها طويلاً، إذ جاءته دعوة من أهل قرية (صوران) ـ القريبة من مدينة حماة ـ ليقيم بينهم إماماً ومرشداً وداعياً إلى الله، وأحبه أهل هذه القرية، وتأثروا بخطبه ومواعظه، وتعلموا من حاله وقاله، فتاب على يديه خلق كثير من أهل هذه القرية، وأصبحوا من أهل التقى والصلاح، أمضى الشيخ في قرية (صوران) مدة ثمان سنوات تقريباً، قطعها في العمل بالدعوة إلى الله، وإرشاد الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثمّ عاد إلى موطنه في قرية (خطّاب)، ليواصل بها عمله في الدعوة وإرشاد أهل قريته، وتربية الناشئة فيهم، وأقام في قريته فترة من الزمن، تزوج خلالها وأنجب عدداً من أولاده فيها.

 

    وفي عام 1958 م، عاد المترجم إلى مدينة حلب، وعمل مدرساً وموجهاً في المدرسة التي تخرج بها (الخسروية)، وكأن مشيئة الله أرادت لهذا الداعية المخلص أن يردّ لمدرسته المحبوبة بعض ما لها عليه من الفضل والإحسان، وكان بحق العالم المعلم، والموجه المرشد المخلص، المحب لطلابه العطوف عليهم ، ثمّ عهد إليه بالتدريس في الثانوية الشرعية للبنات، عندما تمّ افتتاحها في حلب، سنة 1963 م، كما تولى التدريس في الإعدادية الشرعية في مدينة عفرين.

 

    سلك الشيخ المترجم له الطريقة (النقشبندية)، منذ نعومة أظفاره، على شيخه الشيخ موسى بن حسين موسى الخطّابي، وتوثقت صلته بهذه الطريقة عندما التقى شيخه الشيخ محمد أبا النصر خلف الحمصي، في حلب أثناء دراسته في المدرسة (الخسروية)، فلازم مجالسه في حلب، وبعد وفاته لازم مجالس خليفته ابنه الشيخ عبد الباسط أبي النصر، وكان فيها المنشد والمرشد. 

واستمر الشيخ حسن على نشاطه في الدعوة ونشر العلم، دروساً وتوجيهاً في الثانوية الشرعية للذكور والإناث في حلب، وفي الإعدادية الشرعية في منطقة عفرين، وخطابة وإرشاداً في المساجد التي تولى الخطابة والتدريس فيها، فقد تولى الخطابة في جامع أبي عبيدة بن الجراح في حي الكلاسة وقد أطلق عليه زوراً (جامع جمال عبد الناصر)،  كما كانت له دروس في جامع أبي هريرة، وكان لكلماته العذبة الرقيقة، التي كان يلقيها في كلّ المناسبات، التي كان يحضرها، في حلب وحماة وريفهما، أكبر الأثر في تعليم الناس، وإرشادهم إلى جادة الصواب، فقد كان لشيخنا المترجم حضور لافت في كل مجلس علم، أو احتفال ديني أو اجتماعي، يقام في حلب أو حماة، فهو الإمام الحافظ، وهو المقرئ والمنشد صاحب الصوت العذب، وهو المتكلم الواعظ ذو التأثير البين في الحضور، كما شارك في تصحيح بعض الأجزاء من كتاب (كنز العمال)، وإعدادها للطبع، مع الشيخ الشهيد الأستاذ عمر زيتوني رحمه الله .  

    ثمّ شاء الله له الهجرة إلى المدينة المنورة، فهاجر إليها، سنة: 1400 هـ ـ 1980 م، بعد أن تعرض لكثير من المضايقات واعتقل بعض تلامذته وطلابه، فأقام فيها مجاوراً الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم سنتين، ثمّ شاء الله أن يرتحل عنها مكرهاً إلى مدينة (عمّان)، في المملكة الأردنية الهاشمية، سنة: 1402 هـ ـ 1982 م، وفها جدد نشاطه في الدعوة إلى الله، وإرشاد الناس، فعمل إماماً وخطيباً في جامع الحسين، والتف الناس من حوله، وكثر طلابه وتلامذته، وكان له الأثر الواضح في سلوكهم وأخلاقهم، واستمر في مسجده هذا قرابة العشرين سنة.

 

    عظيم النفس، عالي الهمة، صادع بالحق، جريء لا يخشى في الله أحداً، آمر بالمعروف، ناه عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، كريم النفس واليد، يحب ضيوفه، ويقوم على خدمتهم بنفسه، ويقدم لهم أفضل ما عنده على قلة ما عنده، حلو الحديث، قريب من قلوب محدثيه، ذا تأثير واضح فيهم، آلف مألوف، ألقى الله محبته في قلب كلً من عرفه، أو اقترب منه.

 

    جميل الوجه، طويل القامة، مهيب الطلعة، عرفته في تمام قوته وشبابه بلحيته السوداء المهذبة، وجبته الطويلة، مزيناً رأسه بعمامة بيضاء، لفت بإحكام فوق طربوش أحمر.

 

    استمر الشيخ المترجم على دأبه في الدعوة إلى الله، متمسكاً بكلّ أخلاقه النبيلة، وعاداته الحسنة، إلى أن وافته المنية، في (عمّان)، في العاشر من شهر رمضان، سنة: اثنتين وعشرين وأربعمئة وألف للهجرة، الموافق، للخامس والعشرين من شهر كانون الأول، عام: واحد وألفين للميلاد، وحزن عليه إخوانه في (عمّان)، وودعوه بجنازة حافلة، ودفن في مسجده (مسجد الحسين)، وأقيمت له مجالس العزاء في عمان، وفي قريته (خطاب).

 

    ورثاه عدد من الشعراء بقصائد مؤثرة، ومن قصيدة رثاه بها ابنه السيد محمد منير، نقتطف هذه الأبيات: 

يا عالماً متَّ في عمان يا أبت            قد كنت للدين حصناً ليس ينهدم 

تموت في غربة عنّا فلا أملٌ              بأن نراك فجاء الهمُّ والسقم 

ملأت علماً بطاح الأرض قد شهدت 

خطاب، صوران، والشهباء والحرم

مساجد كلها تزهو وشاهدة              في طيبة وربا عمان فضلكم 

فكم هديت بنور الله منحرفاً             إذ ضلّ في اليمّ والأمواج تلتطم 

فعاد بصحو من الأوهام واعتمرت    في قلبه شعلة الإيمان تعتصم 

تدعو الله إخلاصاً وتضحية           ما رمت أجراً فأنت العالم العلم

وكم رأيت رسول الله في حلم        ومن رآه بحلم كلهم عظموا

ـ رحمه الله ـ

المصادر والمراجع

1. سجلات المدرسة الخسروية.

2. مقابلات شفهية مع عدد من إخوان الشيخ وطلابه أذكر منهم والدي الحاج عمر كاتبي رحمه الله وابن عمي الحاج زهير 

3. معرفتي الشخصية بالشيخ المترجم له. 

4. مذكرات المؤلف وذكرياته.

 

 

صورة نادرة تضم مجموعة من العلماء الذين تخرجوا مع المترجم في المدرسة الخسروية عام: 1942م وهم وقوفاً من اليمين: علي الجيني، صالح الرفاعي، فوزي فيض الله، رشيد عساف، فياض الأسود، جلوساً: حسن مكتبي، عبد الفتاح أبو غدة، حسن رزوق، عبد الله الخطيب، محمد بكار، موسى زيادة.

 

-------------

  نسبة إلى قرية (حلفايا) القريبة من قرية المترجم له (خطاب)، التابعة لمحافظة حماة.

  انظر ترجمات شيوخه في مكانها من الكتاب.

   تخرج مع الشيخ في هذه السنة، كل من وحسب ترتيب نجاحهم: (فوزي فيض الله، صالح الرفاعي

عبد الفتاح أبو غدة، عبد الله خطيب، حسن رزوق، (المترجم له)، حسن مكتبي، محمد بكار، فياض الأسود، علي الجيني، رشيد عساف، موسى زيادة) أ.هـ (عن سجلات المدرسة الخسروية).

  أقول : لقد أكرمني الله بأن كنت أحد طلابه في الثانوية الشرعية، وقامت بيني وبينه علاقة تجاوزت علاقة الطالب بأستاذه، وبلغت درجة الأخوة والمحبة في الله، وتوطدت هذه العلاقة بصداقة والدي ـ رحمه الله ـ معه، عندما تولى الخطابة في أحد جوامع حينا (حيّ الكلاسة)، وهو جامع أبي عبيدة بن الجراح والذي يدعونه ـ زوراًـ جامع (عبد الناصر)، فكان والدي كثيراً ما يدعوه إلى بيتنا، فنشأت بيننا علاقة ودّ وحبّ في الله، ثمّ أكرمني الله سبحانه وتعالى، فأصبحت زميلاً له في التدريس في المدرسة الشرعية في مدينة عفرين، وكنت أصحبه في طريق الذهاب والعودة إلى عفرين كلّ يوم، وكان رفيقنا في هذه الرحلات المباركة، أستاذي الجليل وأخي الحبيب الأستاذ أحمد جاموس (أبو طه ) رحمه الله،  فكنا لا نشعر ببعد الطريق، إذ كان شيخاي يجعلان منه مجلساً علمياً استفدت منه كثيراً، وكان يحرك النقاش والحوار بينهما مدير المدرسة، أستاذنا المرحوم محمد علي الشاوي ـ رحمهم الله جميعاً ـ المؤلف.

  عند إنشاء هذا الجامع الجميل أطلق عليه أهل الحيّ ومديريه الأوقاف اسم (جامع ابي عبدة بن الجراح)، ثمّ ولظروف سياسية معروفة، قام بعض الجهلة من أبناء الحي بإزالة اسم الصحابي الجليل أبي عبيدة بن الجراح، وكتابة اسم هذا الطاغية مكانه، وذلك بدعم ومساعدة من أعوان هذا الطاغية، وقد شهدت الصراع الذي نشب بين مؤيدي الطاغية ومحبي سيدنا أبا عبيدة، وكان والدي رحمه الله منهم، واشترك في مشادة ومشاجرة كبيرة مع أنصار الطاغية، لكن الظروف السياسية والجو العام في ذلك الوقت كان في جانب الطغاة، الذين استطاعوا إزالة اسم الصحابي الجليل، واثبات اسم الطاغية، وأنا أرجو الله ان أعيش وأرى انتصار الحق، وعودة اسم سيدنا أبي عبيدة يزين هذا الجامع الجميل. (المؤلف)

   قام الأستاذ ضياء الدين برهاني مشكوراً بكتابة ترجمة للشيخ في صفحة رابطة العلماء السوريين بعنوان (الشيخ المهاجر حسن رزوق رحمه الله) بتاريخ 20 ذي القعدة 1424 هـ، جاء فيها: (إنه عالم موسوعي، فقيه شافعي محدث من طبقة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة وأقرانه.... وقال: إن الشيخ كان مغموراً ضيعه تلاميذه وأصحابه... فلم يأخذ حظه من الترجمة والعناية للمحسوبية الضيقة في حلب، ولأنه لا يتحدث بلهجة الحلبيين... وانه لم يكن في السبعينيات أخطب من الشيخ حسن، وأنه كان الأليق أن يكون خطيب الجامع الكبير بدلاً من الشيخ محمد زين العابدين الجذبة....) 

وأقول: إن الأخ الأستاذ ضباء الدين برهاني قد جاوز الحقيقة التاريخية في عدد من المواضع في ترجمة شيخنا وحبيبنا الشيخ حسن رزوق رحمه الله. 

أولاً: عندما وصف الشيخ بأنه (فقيه شافعي محدث من طبقة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة...)، والحق: إن شيخنا الشيخ حسن، كان عالما عاملاً داعية، لكن وصفه بأنه محدث من طبقة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة أمر يحتاج إلى دليل علمي، وعلى حسب ما وصل إليه علمي بالرجل، إنه لم يشتغل بالحديث النبوي الشريف اشتغال المحدثين، ولم يترك أي أثر في هذا المجال، ومما لا يخفى على أي باحث أن العلماء وضعوا ضوابط محددة لإطلاق مثل هذه الصفات على العلماء... وهذه الملاحظة تنسحب على وصفه بأنه فقيه شافعي، وكان الأولى بالأخ ضياء الدين أن يقول: إن الشيخ عالم بالفقه وعالم بالحديث.... 

ثانياً: إن الأستاذ برهاني قد جانب الحقيقة مرة ثانية، عندما قال: إنه لم يكن في مدينة حلب في السبعينيات أخطب من الشيخ حسن، وإنه كان الأليق أن يكون خطيب الجامع الكبير بدلاً من الشيخ زين العابدين الجذبة... والحق: إنّ شيخنا الشيخ حسن رحمه الله، كان خطيباً ماهراً مسقعاً، لكن شيخنا الشيخ محمد زين العابدين الجذبة، يعتبر بمثابة الأستاذ لكل الجيل، وإنه كان في حلب الكثير من العلماء الخطباء، أمثال: الشيخ طاهر خير الله، والشيخ عبد الله علوان، والشيخ محمد أبو الخير زين العابدين، والشيخ أحمد السردار، وغيرهم كثير. 

ثالثاً: إن الأستاذ البرهاني جانب الحقيقة مرة ثالثة، عندما ادعى أن الشيخ (لم يأخذ حظه من العناية والترجمة لأنه لم يكن حلبياً، ولم يتكلم بلهجة الحلبيين)، وربما كان الأستاذ قد غاب عنه أن الشيخ حسن رزوق بعد تخرجه من المدرسة الخسرويه، أقام في حماة وريفها مدة عشر سنوات، وبمجرد عودته إلى حلب فتحت له ذراعيها، وأعطته فرصة العمل في المدرسة (الخسروية) موجهاً ومدرساً، كما أعطته حقه في الخطابة والإمامة والتدريس في جوامعها، كأي عالم من علمائها، ولم يخطر في بال أحد من إخوانه العلماء، أو من سائر الناس أنه غير حلبي، وقد زوجوه امرأة من أكرم عائلات حلب، وهي ابنة رجل تقي حافظ لكتاب الله، وعاش في مدينة حلب معززاً مكرماً.

رابعا: وقع الأستاذ البرهاني في التناقض عندما قال إن الحلبيين أهملوا الشيخ لأنه لم يكن حلبياً، ولم يكن محسوباً على تيار معين ,,,. وبعد سطرين يقول: كانت علاقاته الاجتماعية ممتازة مع كل التيارات الدينية وكان موضع قبول عند كلّ الأطياف.

خامساً: جانب الأستاذ البرهاني الحقيقة مرة خامسة، عندما قال: إن الشيخ لم يأخذ حقه من العناية والترجمة للمحسوبية الضيقة في حلب، ولأنه لا يتحدث بلهجة الحلبيين... والحال: إن الأستاذ البرهاني أطلق هذا الحكم دون أن ينتبه إلى أنه لم يقم أحد بالترجمة الجادة والمتخصصة لكلّ الشيوخ الحلبيين في هذه الحقبة، وأن الشيخ حسن حظه من عدم الترجمة مثل حظ إخوانه العلماء الحلبيين، هذا إذا استثنينا بعض كتب التراجم غير المتخصصة بتراجم العلماء الحلبيين.

ولقد جهدت في الجزء الأول من كتابي علماء من حلب في القرن الرابع عشر أن أضع لشيخنا ترجمة تليق بمكانته العلمية والدعوية، لكنني لم أستطع الحصول على ما يشفي الغليل من المعلومات عنه، فأرجأت ترجمته حفاظاً على مكانته، وقد فعلت ذلك مع عدد من ترجمات شيوخنا من علماء حلب ,هذا مع العلم بأنني عرفت الشيخ معرفة حقيقية، وعشت معه أكثر من خمسة عشر عاماً، حيث كنت طالباً في الثانوية الشرعية وكان الشيخ أستاذنا وموجهنا، ثم رافقته وزاملته مدرساً في الإعدادية الشرعية في مدينة عفرين، ثمّ جاورته في حي الكلاسة، بعد أن تزوج ببنت أحد وجهاء الحي، وهو صديق والدي الحافظ الناسك الحاج بكور ياقتي ـ رحمه الله ـ واستمرت هذه العلاقة الوثيقة بيننا إلى أن هاجر، رحمه الله.