الفقيه الشافعي المعمر أحمد الدوغان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد

اسمه ونسبه

هو الشيخ الورع الزاهد شيخ المدرسة الشافعية في الأحساء،  وأحد علمائها البارزين: أحمد بن عبد الله بن الشيخ محمد بن الشيخ حسين الدوغان الأحسائي الخالدي المهاشير ويرجع نسبهم الى قبيلة بني خالد.

الولادة والنشأة

ولد الشيخ رحمه الله سنة 1332هـ، في حي الكوت في مدينة الأحساءـ، والتي كانت على مر العصور مهداً للعلم والعلماء الذين بذلوا جهداً كبيراً في خدمة العلم وطلابه، وقد اعتنى بتربيته والده  المحب للعلم ومجالسة العلماء،  أحمد نجل الشيخ العالم الشيخ محمد بن الشيخ حسين  وكان جده هذا من العلماء.

 

 حفظ الشيخ أحمد القرآن الكريم في سنِّ الثامنة عشرة من عمره، وجلس في حلقات العلماء في الأحساء،  وتلقى على علمائها مشافهة، وكان يتمتع بحافظة قوية، وحفظ متن الزبد في الفقه الشافعي، وثلث ألفية ابن مالك في النحو والصرف، ومتن الرحبية في الفرائض، وقرأ كتاب إرشاد الساري، وشرح الزبد، وفتح المعين شرح قرة العين، وفتح الوهاب، وشرح الألفية وتفسيري البغوي والخازن.

أخلاقه وصفاته:

 كان الشيخ قدوة وأي قدوة،  فقد عرف بالورع والتقوى والتواضع ، ودائماً ينسب النقص لنفسه والكمال وعلو الشأن لغيره، ويرفض المديح ويكرهه، ويتمثل دائما بقول القائل:

 

يظنُّ الناس بي خيراً وإني          لشر الناس إن لم تعف عني.

 

وقد أجبر أحد تلاميذه على حرق قصيدة مديح كان قد كتبها في حقه كتعبير صريح لرفضه أياً من صور المديح.

 

 وهو بقية السلف الصالح كما قال  عنه ذلك الشيخ المحقق محمد عوامه حفظه الله، وكان مثالاً للزاهد الناسك الذاكر، فلا يفتر لسانه عن ذكر الله، محافظ على السنَّة في كل أحواله وأقواله، وقد ورّث هذا العلم أولاده وأحفاده وحفيداته، وورثوا عنه الخلق والذوق والأدب والتواضع والكرم والجود ،فقد كان كريماً مضيافاً يفتح أبواب بيته أمام كل الناس خاصة طلاب العلم، ويهتم بجميع جلاسه وطلابه، وكلُ من يجلس عنده يظن أنه له مكانة خاصة عنده.

 

وكان الشيخ يوصي باحترام الكتب الشرعية، وقال تلميذه الشيخ الدكتور عبد الرحيم هاشم: ومما أذكر من تربيته -رحمه الله- لي أنني جئت مستعجلاً لدرسه في صلاة العشاء، فأدركت الإمام وهو راكع فرميت الكتاب على الأرض، ثم ركعت وصليت بجواره، فلما انتهينا من الصلاة، نبهني برفق وقال: هذا خطأ، ومشايخنا يعلموننا الأدب حتى مع الكتاب فيقولون: ارفع هذا الكتاب، ولا يقولون ضعه فوق الرف.

 

ومن مزاياه :أنه لا يغتاب أحداً ولا يذكر أحداً بسوء حتى مع من يختلف معه، فلسانه طاهر نظيف، وهو يعتبر من العلماء المعتدلين الذين كان لهم دور في حركة التجديد في منطقة نجد، وقد أسس قواعد ثابتة للتسامح والوسطية بين طلابه ومحبيه، وكان يكره التشدد والتعصب بكافة أشكالهما خصوصاً فيما يتعلق بالدين والعبادة، وقد كان مقصداً لكثير من علماء مكة المكرمة والمدينة المنورة بل حتى لعلماء من خارج المملكة يحرص على لقائهم ويحرصون على لقاءه لمناقشة المسائل الفقهية والفرضية الدقيقة.

 

شيوخه

تلقى العلم عن عدد من الشيوخ وأبرز شيوخه:

1-الشيخ محمد بن حسين العرفج الشافعي 1287-1360ه.

2-الشيخ أحمد بن محمد العلي العرفج الشافعي 1280-1357ه

3- الشيخ عبد العزيز بن صالح العلجي المالكي 1288-1362ه أحد كبار العلماء في الفقه المالكي والنحو في الأحساء.

4-الشيخ محمد عبد اللطيف.

من زملائه وأقرانه:

الشيخ محمد بن عبد الرحمن الخطيب الشافعي، وكان كفيف البصر ويحفظ متن الزبد في الفقه الشافعي، وألفية ابن مالك في النحو والصرف, يقول عنه الشيخ يحيى الغوثاني حفظه الله: ولقد تعرفت بالشيخ أول ما تعرفت به عندما زار المدينة المنورة بصحبة العلامة الفقيه الشيخ محمد عبد الرحمن الخطيب الكفيف، وجمع من طلبته، وقضينا بصحبته في المدينة عدة أيام لم تفته خلالها صلاة الجماعة في المسجد النبوي الشريف، وذلك في حدود عام 1404 هـ تقريبا وأثنى على الشيخ الخطيب ثناء كبيرا، وإذا جلست مع الشيخين واستمعت كيف يتباحثون في مسائل العلم رأيت الأدب الجم والخلق العظيم متجسدين فيهما من خلال انتقاء الألفاظ والتواضع، وكانت هذه  المذاكرة بمثابة دروس عملية لنا جميعا، وكنت أرى الطلبة حوله كأنما على رؤوسهم الطير.

تجديد المدرسة الشافعية في الأحساء

أسرة الدوغان هم أصحاب مدرسة الروحاء، وهي المدرسة الشافعية في الأحساء، والشيخ أحمد هو مجدد هذه المدرسة  وراعيها في المنطقة، وكان طلاب العلم الشافعية يجتمعون في بيت الشيخ الدوغان قبل الظهر بساعة من كل يوم خميس تقريباً، وقد تمكنت هذه المدرسة من مد جسور التواصل المعرفي مع طلبة العلم الوافدين للأحساء, وكذلك مع باقي دول الخليج العربي والهند واليمن وغيرها.

إجازاته

تلقى الشيخ عدة إجازات، وممن أجازه: الشيخ المسند الكبير محمد ياسين الفاداني رحمه الله ت1410هـ، والشيخ المحدث الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ت1417هـ، والشيخ المحدث الشيخ عبد الله سراج الدين الحلبي ت2001م رحمهم الله، وغيرهم من العلماء، ويقال: أن بينه وبين الشيخ أحمد زيني دحلان مفتي مكة ت 1304هـ رجلا واحدا كما أخبره زميله الشيخ محمد بن عبد الرحمن الخطيب - رحمه الله -وهو من تلاميذ الشيخ العرفج أيضاً.

 

وللشيخ سند في كتب الفقه الشافعي رحمه الله وأئمة المذهب الإمام النووي وابن حجر الهيتمي وزكريا الأنصاري وغيرهم من أئمة المذهب.

 

وقد أجاز الشيخ كثيراً من طلاب العلم وأذكر منهم: تلميذه الشيخ الدكتور عبد الإله العرفج،  والأخ الحبيب الشيخ فياض العبسو السفيري الحلبي والذي له فضل السبق في إعداد ترجمة نادرة للشيخ، وقد استفدت منها كثيراً في إعداد هذه الترجمة جزاه الله عني خيراً, يقول الأخ فياض: استجزته فأجازني بقوله: أجزتك بما أجازني به مشايخي، وذلك بحضور ولده الشيخ عبد العزيز، وابن أخته الشيخ عصام الدوغان, وقد أجاز الأخ الحبيب الفاضل الشيخ حسن قاطرجي، والشيخ الكريم الحبيب مجد مكي حفظهما الله, قال الشيخ حسن: أكرمني الله سبحانه وتعالى باللقاء به قبل حوالي خمسة عشر عاما، وكنت أنا وأخي الأثير الحبيب في الله الفريد في وفائه لإخوانه العالم البحَّاثة الداعية الشيخ مجد مكي كنا في زيارة مسجد نبينا للصلاة فيه، وزيارة قبر الحبيب سيد العالمين، وفخر البشرية سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وبفضل الله استجزت الشيخ بالرواية وبكتب الشافعية، فتكرم بإجازتي في هذا المكان الشريف. اللهم اجمعنا في الجنة, وكذلك أجاز العلامة المحدث الشيخ محمد عوامة بارك الله بعمره، والشيخ الدكتور الحافظ القارئ يحيى الغوثاني حفظه الله، يقول الشيخ يحيى: ثم لقيت الشيخ في مكة المكرمة أكثر من مرة، وحصلت لي الإجازة من فضيلته أكثر من مرة، وقرأت عليه حديث الرحمة المسلسل بالأولية، ثم إن أنسى لا أنسى تلك الدعوة التي تكرم بها ابن الشيخ فضيلة العالم المحب الشيخ عبد العزيز، فدعاني إلى بيته في مدينة الأحساء على وليمة غداء بحضور الوالد- حفظه الله- وجمع من طلبته، وكان لقاء طيباً مباركاً بعد أن صلينا الجمعة في مسجدهم، وقد غمروني بكرمهم وحسن ضيافتهم, وجدَّد لي الإجازة مرة أخرى، فكانت غنيمة كبيرة وهدية غنيمة ثمينة لدي, ومن المعروف للجميع أن الشيخ متشدِّد في الإجازة ويتمنَّع كثيرا تواضعا منه. وأجاز كذلك الشيخ سلمان ابن المحدث العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة حفظه الله، وأجاز الشيخ محمد عبد الله الرشيد وابنه الأديب الباحث نواف حفظهما الله، وأجاز الشيخ الدكتور سلمان العودة ومعه الشيخ الداعية عبد الوهاب الطريري والوفد الذي كان معهم عندما زاروا الشيخ في الأحساء، كما ذكر ذلك الدكتور عبد الإله العرفج، حفظهم الله جميعا وغيرهم من العلماء وطلبة العلم.

رحلاته:

رحل الشيخ إلى الهند في وقت الفقر, ولم يحصل على وظيفة هناك، فدرّس فيها صغار السن، وكانت الأجرة عن التلميذ الواحد روبيتين، وقد استفاد الشيخ في الهند من الشيخ أسعد الله الهندي في القرآن وعلومه والتجويد والقراءات، وألقى خطبة الجمعة في تلك البلاد، وكونه يلقي خطبة الجمعة في تلك البلاد إذن هو محط إعجاب علمائها ومحل ثقتهم، وقد رأوا فيه عالماً مثقفاً قادراً على التوجيه والإرشاد، وكانت له رحلات  دعوية وعلمية كثيرة إلى الحجاز، واليمن، وزار سورية بقصد زيارة العلامة الشيخ المحدث المفسر عبد الله سراج الدين رحمه الله، والشيخ الدكتور زهير الناصر حفظه الله، وكان يصلي صلاة الجماعة في جامع الأنوار في حي الميريديان حيث يقيم، وكان يتقصد أن يصلي في الصفوف الخلفية ومعه ما يقارب العشرين من تلاميذه، وقد كان الشيخُ عبد الله مسعود إمام المسجد يجتهد في تقديمه للإمامة لكنه كان يرفض!

أعماله وتدريسه:

بدأ الشيخ بعقد حلقات علمية في المساجد لصغار السنّ وكبارهم، ولما رأى أن الأعداد بدأت تتزايد جعل للصغار حلقات منفصلة عن الكبار، ومما فعله الشيخ أنه هيأ لطلابه صغارهم وشبابهم أماكن للتسلية مرة واحدة في الأسبوع يروِّحون فيه عن أنفسهم عناء الدراسة الصباحية في مدارسهم والمسائية في مساجدهم، ودرّس الشيخ في مدارس الإحساء حوالي ربع قرن، وكانت له دروس في الفقه الشافعي استفاد منها الكثير من طلاب العلم في الأحساء وغيرها، وكان عنده حسن إدارة لحلقته العلمية، وحرصاً منه على نشر العلم جلس للتدريس في مسجد عبد اللطيف في حي الكوت، وفي بعض المدارس الخاصة في الكوت، ثم انتقل الى سكناه الجديد في حي الخالدية، وتولى الإمامة في مسجد الشعيبي، وقد درّس فيه وفي مسجد الإمام النووي.

وصيته لطلاب العلم:

يقول الشيخ فياض العبسو: طلبت منه وصية لطلاب العلم فقال: أوصيكم بتقوى الله وطاعته وطلب العلم والعمل الصالح وإخلاص النية.

الكتب التي درّسها وأقرأها:

1-             عمدة السالك وعدة الناسك للشيخ أحمد بن النقيب المصري في الفقه الشافعي.

2-             شرح منظومة الزبد للشيخ أحمد الحجازي الفشني في الفقه الشافعي.

3-             الإيضاح في مناسك الحج للإمام النووي.

4-             فتح المعين للشيخ زين الدين المليباري في الفقه الشافعي.

5-             فتح الوهاب للقاضي زكريا الأنصاري.

6-             كفاية الأخيار للشيخ تقي الدين الحصني.

7-             الإقناع للشيخ الخطيب الشربيني.

8-             مغني المحتاج شرح المنهاج للشيخ الخطيب الشربيني.

9-             فتح الجواد شرح الإرشاد للشيخ ابن حجر الهيتمي.

10-        طبقات الشافعية للشيخ تاج الدين السبكي في تراجم علماء الشافعية.

وكانت له إلى عهد قريب قبل أن يفقد قواه حلقات علمية يدرس فيها القرآن الكريم والفرائض والنحو وغيرها من الكتب.

تلاميذه:

من تلاميذه: الشيخ الدكتور قيس المبارك عضو هيئة كبار العلماء، والشيخ الدكتور أحمد العرفج، والدكتور عبد الإله العرفج، والشيخ الدكتور عبد الرحيم الهاشم، يقول الدكتور عبد الرحيم الهاشم: علاقتي بالشيخ الدوغان رحمه الله علاقة قديمة وطيدة فهو أول من فتق لساني بطلب العلم الشرعي، وبدأنا معه من قديم، وكذلك تتلمذ عليه أبناؤه الدكتور عبد الله ، والدكتور عبد العزيز وتتلمذ عليه الشيخ عبد اللطيف بن محمد العرفج، والدكتور عصام بن عبد العزيز الخطيب، وماهر بن عبد اللطيف الجعفري، والشيخ محمد بن إبراهيم أبو عيسى العمير وغيرهم.

 

موقفه من التصوف:

 

يقول الأخ الشيخ فياض العبسو: اتصلت بالأخ الفاضل الشيخ عبد العزيز نجل شيخ الشافعية بالأحساء الشيخ أحمد الدوغان عافاه الله، ونقلت له سؤال الإخوة عن عقيدة والده الفاضل فقال: عقيدتنا هي عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي مأخوذة من الكتاب والسنة، ونحن لسنا صوفية ولكننا نحب التصوف الحق كتصوف الشيخ عبد القادر الجيلاني- رحمه الله- الذي قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وردت إلينا كراماته بالتواتر, وتصوف السيدة رابعة العدوية رحمها الله التي قال عنها ابن تيمية أيضا: المؤمنة التقية رابعة العدوية.

وفاته

بعد معاناة طويلة مع العجز والمرض توفى الله عز وجل الشيخ يوم السبت 14 ذو  الحجة 1434هـ الموافق 19 أكتوبر 2013م عن عمر ناهز 102 سنة أمضاها في العلم والتعليم والدعوة  وخدمة الدين، وقد أدت في اليوم الثاني الأحد الآلاف من الجموع الغفيرة من أهالي الأحساء وأهل العلم والفضل والمسؤولين الصلاة عليه بجامع الجبري، في الكوت الذي شهد زحاماً وتدافعاً للوصول إلى الجنازة لإلقاء النظرة عليها ووداعها، وتهافتت جموع غفيرة من الأحساء ومن خارجها لتشييع الجنازة إلى مقبرة الكوت في الهفوف، والتي أودع في ثراها جثمان الشيخ رحمه الله، وجعله مع السفرة البررة الكرام في الفردوس الأعلى من الجنة إنه ولي ذلك والقادر عليه وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

الاتحاد العام لعلماء المسلمين ينعي الشيخ أحمد الدوغان

 

جاء في النعوة: فقد تلقينا بقلوب مفعمة بالرضا بقدر الله، نبأ وفاة أخينا الكريم: الشيخ المعمر الفقيه الشافعي أحمد بن عبد الله الدوغان الأحسائي الخالدي (المهاشير) أمس السبت عن عمر 102عاما.

 

إن فضيلة الشيخ أحمد الدوغان مؤسس المدرسة الشافعية الأحسائية، تتلمذ على يد علماء الأحساء، ولديه سند في كتب الفقه الشافعي يتصل بالإمام الشافعي رحمه الله وأئمة المذهب, وتصدى لنشر العلم الشرعي والفقه الشافعي في الأحساء، وبذل نفسه ونفيسه له فنفع الله به البلاد والعباد وتتلمذ على يديه، وأخذ الإجازة منه عدد كبير من العلماء والشيوخ، وقد كانت له إلى عهد قريب حلقات علمية يدرس فيها القرآن الكريم والفقه الشافعي والفرائض والنحو، وقد فقدت الأمة الإسلامية واحدا من علمائها الزهاد, نرجو من الله العلي القدير أن يغفر له ويرحمه ويعفو عنه, ويجزيه خير الجزاء ويكرم نزله ويوسع مثواه ويدخله جنة الفردوس، ويمطر عليه شآبيب رضوانه ورحمته، ويحشره يوم القيامة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يلهم ذويه وأهله ومحبيه وزملاءه وتلاميذه الصبر والسلوان إنه نعم المولى ونعم المجيب وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

الأمين العام: أ.د علي القره داغي         رئيس الاتحاد: أ.د يوسف القرضاوي

 

تعزية رابطة العلماء السوريين بوفاة الشيخ أحمد الدوغان:

 

تعزي رابطة العلماء السوريين علماء العالم الإسلامي عامَّة وأهل الأحساء خاصة بوفاة العالم العامل الزاهد الورع القدوة الفقيه الشافعي المعمر الشيخ أحمد الدوغان الذي توفي يوم السبت 14 ذو الحجة 1434هـ الموافق 19 أكتوبر 2013م عن مئة وسنتين أمضاها في العلم والتعليم والتربية، وترك مدرسة علمية من الطلاب المتأثرين بمنهجه وتربيته العالية.

 

وفضيلة الشيخ الصالح أحمد الدوغان تربطه بعلماء سوريا وشائج علمية وقلبية, فقد كان على صلة بفضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، وفضيلة الشيخ عبد الله سراج الدين، والشيخ عمر ملاحفجي، والعالم المحقق المحدث محمد عوامة، والعالم الفاضل الشيخ زهير ناصر، وغيرهم كثير.

 

نسأل الله تعالى أن يتغمد شيخنا بواسع رحمته، وأن يجزيه خير الجزاء عما قدم لأمة الإسلام ولبلده الأحساء من غراس طيبة مباركة تؤتي أكلها ويجنى ثمرها المغدق المعطاء، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ثناء العلماء عليه:

قال عنه الشيخ المحدث المحقق الكبير محمد عوامة الحلبي حفظه الله: وفي مدينة الأحساء بقية السلف الصالح شيخنا العلم العامل القدوة المعمر الشيخ أحمد الدوغان حفظه الله وعافاه, ربى أجيالاً خلال عدة عقود يعتمد عليهم في الفتوى في الفقه الشافعي أقر الله عين الشيخ بهم.

 

وقال تلميذه الشيخ الدكتور عبد الإله العرفج حفظه الله, والذي لازمه لمدة تزيد عن ثلاثين سنة: فلما أراد الله بث الروح من جديد في المدرسة الشافعية, وأخصها بالذكر لأنني أحد أبنائها, اجتمع نفر قليل من الراغبين في تحصيل العلم عند مؤسس المدرسة الشافعية الأحسائية شيخنا الشيخ أحمد بن عبد الله الدوغان، وهو أحد طلبة جدي الفقيه الشيخ محمد بن حسين العرفج, وكان ذلك عام 1395هـ تقريبا والتحقت بركاب المدرسة الشافعية عام 1398هـ, ومنذ ذلك الحين والمدرسة الشافعية منطلقة بهدوء وتؤدة رغم ما يقف أمامها من عقبات, ومن الملاحظ كذلك تصاعد نشاط المدارس الشرعية الأخرى كالحنفية والمالكية, وألمس تنامياً لفكرة التمذهب من جديد, خصوصاً بعد ما عانى كثير من الناس من فوضى الإفتاء والاجتهاد في الدين بدعوى الاعتماد على الكتاب والسنة, ولي كتيب صغير عن المذهب الشافعي  في الأحساء.

 

وقال أيضاً: شيخنا الفقيه الشيخ أحمد بن عبد الله الدوغان الشافعي الأحسائي وهو الذي تصدى لنشر العلم الشرعي والفقه الشافعي  في الأحساء وبذل نفسه ونفيسه له فنفع الله به البلاد والعباد وألحق به الأبناء بالأجداد فهو شيخنا ومعلمنا وقدوتنا, وعن طريقه اتصل سندي العلمي بعلماء الإسلام الكبار كالشهاب ابن حجر الهيتمي والشمس الرملي، وهو أحد طلبة جدي الشيخ محمد بن حسين رحمه الله, وقد لازمت شيخنا طويلا منذ أن كان عمري ثلاثة عشر سنة إلى تاريخ تحرير هذه السيرة وقد أكرمني الله عز وجل بالاستفادة منه كثيرا فقها ونحوا وفرائض وسيرة وخلقا وتربية، وقد أجازني إجازة عامة عن مشايخه.

 

قال الدكتور يحيى الغوثاني عنه: قمر الأحساء ومحيي العلم والعلماء وقال الغوثاني أيضاً: العلامة الجليل والفقيه المتمكن والزاهد الورع الشيخ أحمد الدوغان, وأنا عندما أذكر هذه الأوصاف لا أكيلها بدافع من الحب فحسب إنما هي أوصاف لشيخ لمستها منه ورأيتها رأي العين.

 

قال الشيخ أحمد بن حمد البو علي إمام جامع آل ثاني بالهفوف بعد وفاته: إن الفقيد رحمه الله عالم من علماء الشافعية، وكان فقيهاً زاهداً في حياته ورعاً في أعماله، متواضعاً مع طلابه ورواده، محباً للخير وأهله، كثير الصمت فلا يتحدث إلا فيما يعنيه، وأغلب وقته كان في طلب العلم والتدريس، وتغرب في صغره لطلب العلم في سورية والهند وتتلمذ على يديه كثير ممن نفع الله بهم البلاد، وزاره كثير من العلماء والدعاة للاستفادة منه وإجازتهم.

 

وقال الباحث الإسلامي مهنا الحبيل للعربية نت: إنَّ الراحل يعدُّ آخر شخصيات الجيل الذهبي لحركة الأحساء العلمية التي غادر كثير منهم الحياة قبل القرن الخامس عشر هجري، إلى جانب كونه جامعاً للزهد والورع والتواضع أمام كل من يحضر مجلسه وحلقاته العلمية. ولفت الحبيل الى المشروع التاريخي للشيخ الدوغان الذي أنقذ مسيرة الأحساء، وعمل على ترسيخ مسارات التشريع الإسلامي القائم على مسارات رعاية العلم ومنهجية الفقه في مذاهبه الأربعة وما يرتبط معه في الآداب والسلوك وأخلاق طلبة العلم وتوسيع العارضة الفقهية في فهم التعدد في استنباط الأحكام، وهو مشروع شاركه فيه الشيخ محمد بن إبراهيم المبارك المتوفى 1405ه عبر منهجه وعلاقاته من خلال مدرسته المالكية. وأضاف أن الدوغان نجح في ترسيخ مدارس المذاهب الفقهية العريقة المتعددة بالأحساء وحمايتها من الضعف خاصة مع ازدياد الجرأة على تكفير المخالفين وتضليلهم لذلك وصل مدرسته بمدرسة الأولين وعزز التواصل والتعاون مع المدارس الشرعية الأخرى، وقال: إن الراحل تعرض هو وبعض تلاميذه للهجوم والتعنيف جراء انفتاحه على المذاهب إلا أنه فضل التفرغ للعلم وترك الجدل.

 

وكتب الدكتور الداعية الشيخ محمد العريفي ناعياً الشيخ الفقيد: يقبض الله العلم بموت العلماء, رحم الله الشيخ أحمد الدوغان, ورفع درجته فقيد الأحساء. الإمام الدوغان في ذمة الله.

 

وقال الدكتور سلمان العودة عنه: عالم مهيب ينطق بالحكمة, وأستاذ جليل, ومقدم رعيل. اللهم أسكنه فردوسك.

 

مصادر الترجمة:

ترجمة للشيخ فياض العبسو

مقالة للشيخ يحي الغوثاني: تعقيب على ترجمة الشيخ العبسو.

ترجمة فاطمة العرجان.

موقع إسلام أون لاين.

صحيفة الأحساء أون لاين.

موقع رابطة العلماء السوريين.

صفحة الشيخ حسن قاطرجي على الفيس بوك.

صفحة الشيخ عبد الله مسعود على الفيس بوك.

جريدة عكاظ.

صحيفة دار الأخبار الألكترونية.