أبو اليسر عابدين خاتمة المفتين في سورية

أبو اليسر عابدين

1307 - 1401هـ = 1889 - 1981م

محمد أبو اليسر بن محمد أبي الخير بن أحمد بن عبد الغني بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد بن عبد الرحيم بن صلاح الدين، وهذا أول من اشتهر بلقب عابدين، فدرج اللقب على أسرته، وينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما: مفتي الشام لعصره.

ولد في حي سوق ساروجة بدمشق، ونشأ بها، وأخذ عن أبيه مفتي الشام القرآن الكريم والنحو والصرف والحساب والمنطق والفقه والأصول والحديث وأجازه وحبَّب إليه طلب العلم واقتناء الكتب وأنابه فيما بعد منابه في الخطابة بجامع الورد والتدريس والإمامة، واستمرَّ فيها بعد وفاة أبيه، كما أخذ عن كبار علماء عصره ونال إجازاتهم، كالشيخ بدر الدين الحسني، والشيخ سليم سمارة، والشيخ محمد أمين السويد وخلف الأخير في التدريس بمعهد الحقوق في الجامعة السورية في الوقت الذي كان فيه طالباً بالمعهد الطبي أيضاً. وأتقن الفرنسية والتركية وتعلم الفارسية عن أهلها وحفظ من شعرها زهاء ألف بيت.

وأخذ التصوف والطريق عن جده الشيخ أحمد وأجازة بالطريقة النقشبندية بعد تسليك عن العلامة ابن عابدين صاحب الحاشية عن شيخه الشيخ خالد النقشبندي.

كذلك أخذ عن جده المذكور الطريقة الخلوتية وهو عن الشيخ محمد المهدي السكلاوي، وأجازه بها.

ولما تخرج بمعهد الطب سنة 1345هـ1926م نال درجة التعادل (الكولكيوم) الفرنسية مضافاً إليها اختصاصات أخرى. ومارس الطب طوال ثلاثين عاماً والتدريس بالجامعة، ولما افتتحت كلية الشريعة عام 1955 عين فيها أستاذاً للنحو والأصول.

أسهم بتأسيس الكلية الشرعية في حي العمارة، وكان عميدها وقت كان مديرها الشيخ حسن الشطي.

وعندما توفي مفتي الشام، الشيخ شكري الأسطواني عام 1375هـ/1955م اجتمع مجلس الإفتاء الأعلى وانتخبه خلفاً له، وبقي في منصبه هذا حتى عام 1382هـ/1963م حين أحيل على التقاعد. فلزم وظائفه الدينية في الخطابة والتدريس في المسجد وبيته والإمامة حتى أدركته الشيخوخة وهزل جسمه، وضعف بصره، وتناولته الأوجاع، فلزم بيته إلى وفاته يوم الثلاثاء 8 رجب1401 الموافق2 أيار (مايو)1981. فصلي عليه بجامع الورد، ودفن في مقبرة الباب الصغير.

شارك في شبابه بالثورة السورية بنفسه وماله ورأيه، وكان يحمل السلاح للثوار ليلاً، ويتبرع بدمه عند الحاجة. كما شارك بحمل السلاح عند نكبة 1948، وكان رئيس لجنة التسلح أيام العدوان الثلاثي عام 1956 وتبرع آنئذ من أجل الدفاع عن البلاد بمبلغ كبير.

ترأس جميعة فقراء سوق ساروجة.

كان حادَّ الذكاء، سريع الحفظ، متواضعاً، ودوداً، محبوباً يجله أهل حيِّه، كما كان بسيطاً في طعامه ولباسه وسكنه نزيهاً مستقيماً. يديم المطالعة ويلمّ بثقافة العصر إلى جانب اهتمامه بكتب التراث. ورث عن أسرته مكتبة كبيرة أضاف إليها ما استطاع من نوادر الكتب المطبوعة والمخطوطة.

أثرت عنه مواقف مشهودة، منها نصيحته للملك فيصل بن الحسين لإقامة دستور البلاد على الشريعة الإسلامية، فقال له: «هذه أمانة، أخرجتها من عنقي ووضعتها في عنقك، واعلم أن ملكك زائل إن لم تحكم بالشرع، وسيضحك عليك الغرب كما ضحك على أبيك» فخرج من عنده مغضباً ولم يسلّم عليه.

من مؤلفاته : «أغاليط المؤرخين»، «لِمَ سُمّي؟»، «رسالة في القراءة والقراءات»، «رسالة الأوراد»، «أصول الفقه»، «كتاب الفرائض»، «كتاب الأحوال الشخصية»، «أحكام الوصايا»، «مختصر أحكام الزواج»، «التيسير لمختصر التفسير» (خ)، «إرشاد الأنام إلى أحكام الصيام»، «الأصول والكليات» (خ)، «الألفاظ اللغوية الطبية»، «الرداف اللغوية للألفاظ العامية»، «الإيجاز في تفسير آيات الإعجاز»، «إغاثة البررة في الأحاديث المشتهرة»، «البداهة»، «الهدية السنية في حكايات الصوفية»، «الفوائد الجلية لأرباب النفوس العلية» وهو ذيل للتذكرة الحمدونية، «أكاذيب مسيلمة الكذاب الذي عارض به كلام الله تعالى»، «قرة العيون فيما يستملح من المجنون»، «عمدة المفتين في فتاوى ابن عابدين»، «الرغائب فيما ينقل من الغرائب»، «محاضرات في علم الأحوال»، «ديوان خطب»، «رسالة في التعريفات»، «رسالة في الأحاديث القدسية» ذيَّل بها على رسالة ابن العربي، «القول الصحيح في المتواتر الصريح»، «رسالة في جوامع كلمه (ص)»، «البليغ من الكلام ما عدا كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام»، «النوادر والمستحسنات اللغوية».

وترك فتاوى نادرة لا تزال مخطوطة بدائرة الإفتاء بوزارة الأوقاف.

إتمام الأعلام 421 ط2

تاريخ علماء دمشق 2/968

عبقريات 148

عرف البشام 229

معجم المؤلفين السوريين 325

من كتاب علماء دمشق وأعيانها في القرن الخامس عشر الهجري لنزار إباظة

نشرت 2009 وأعيد تنسيقها ونشرها 21/4/2019