الشيخ عبد العزيز بن أحمد المراد

 

( ت / 1385 هـ ـ 1965م )

 اسمه ونسبه:

 هو الشيخ عبد العزيز بن الشيخ أحمد بن الشيخ محمد سليم بن مراد آغا بن خالد آغا الكردي، الزركي نسباً، الحموي مولداً وموطناً الحنفي مذهباً

ولادته:

 ولد الشيخ عبد العزيز في مدينة حماة في حي الفراية بمنطقة باب البلد سنة / 1321 هـ - 1901 م في ليلة شتوية باردة جداً، بين أبوين كريمين، أما والده الشيخ أحمد رحمه الله فغني عن الذكر ديناً وعلماً وسلوكاً وأخلاقاً، وأما والدته رحمها الله فهي الكريمةُ النسب الشريفةُ الحاجة آمنة بنت الشيخ محمد المليح الذي كان تاجراً متفقهاً تلميذاً للشيخ إبراهيم الحافظ المتفق على علمه وولايته.

نشأته العلمية والروحية:

نشأ الشيخ عبد العزيز في كنف والده الشيخ أحمد ووالدته، فربياه أحسن تربية، وأدباه أحسن تأديب، وأقرآه القرآن الكريم، ثم لما بلغ من العمر ستَ سنوات تقريباً أرسله والده إلى عمه الولي الصالح القارئ الشيخ محمد الحسن المراد لتعلم قراءة القرآن الكريم في الجامع الجديد ( جامع يوسف باشا ) في الغرفة العليا، فقرأ عليه القرآن الكريم، وحين قارب العاشرة من عمره ختم القرآن العظيم تلاوةً، ثم نقله والده إلى كُتَّاب الشيخ محمود الحامد بجوار جامع المسعود، فتعلم عنده خط الثلث، وبقي ملازماً له سنةً كاملةً، وبعد وفاة الشيخ محمود دخل مدرسة التطبيقات سنةً واحدةً، وكان التعليم باللغة التركية وذلك في أثناء – سفر برلك – الحرب العالمية الأولى، وبعد انتهاء الحرب وضع له والده العمامة وألبسه الجبة، فصار يؤم الناس عند غياب والده في جامع المسعود، ثم أرسله والده إلى بعض القرى المجاورة ليخطب الجمعة، وكذلك في جامع الحيات (أبي الفداء ) في حماة، كل هذا وعمره قريباً من السادسة عشرة، ولما بلغ الثانية والعشرين من عمره زوجه والده ابنةَ عمه نادرة بنت الشيخ محمد علي المراد، وذلك بعد وفاة عمه بسنة، ولقد حضر عقد القران الشيخ السيد بدر الدين الحسني المغربي الدمشقي الذي جاء زائراً لمدينة حماة، وذلك في الجامع الجديد.

نشاطه العلمي والعملي:

 بدأ عطاؤه ونشاطه العلمي بفتح مكتبٍ لتعليم قراءة القرآن الكريم، وتعليم الكتابة، وأنشأ درس فقهٍ ونحوٍ بعد العصر والعشاء في جامع المسعود، وبعد مضي خمس سنوات تفرغ لخدمة والده وطلبِ العلم على يديه في جامع المسعود، فكان يقرأ عليه صباحاً مع الطلبة، ويقتنصُ كل دقيقة فراغ لديه ليقرأ الفقه والنحو والتوحيد والحديث والتصوف، حتى صار يساعده في مراجعة المسائل الشرعية والفتاوى وكتابة السندات وقسمة التركات والمناسخات.

وبعد أن شبَّ ونضج كلفه والده بإلقاء الدرس في الجامع الجديد نيابة عن ابن عمه الشيخ محمد ظافر لمرضٍ ألمَّ به، وذلك بعد المغرب من كل ليلة عدا ليلة الجمعة، ثم يصلي العشاء في جامع المسعود إماماً وبقي على هذا الأمر مدةَ خمسة عشر سنة، وأخيراً حلَّ محل والده في جامع المسعود إمامةً وتدريساً.

وكان نشاطه العلمي والدعوي يتجاوز حدود المسجد إلى تجمعات الناس في المناسبات الدينية والعائلية، وفي مضافات بعض الأسر الحموية، حيث كان يزورها يومياً يجلس معهم ويستمع إلى مشكلاتهم، ويجيب عن تساؤلاتهم.

ولما قارب السادسة والعشرين من عمره اجتهد لأداء فريضة الحج، فسافر سنة / 1352 هـ من بيروت، وقد بلغ عدد حججه ثلاثاً وعشرين حجةً، آخرها في السنة التي توفي بها / 1385 هـ - 1965 م، حيث كان مثال الأخ المتواضع المتعاون مع رفاقه في كل أحوالهم، إلى جانب إرشادهم وتوجيههم وتعليمهم أحكام الحج والعمرة، حتى يكون حجهم تاماً لا نقص فيه، فهو مرجعهم فقهاً وسلوكاً وأدباً وحسنَ معاملة.

تسلمه أمانة الفتوى:

كان والده الشيخ أحمد سليم المراد إماماً ومدرساً في جامع المسعود بصورة رسمية، وكان ملازماً لمفتي حماة آنذاك الشيخ محمد سعيد النعساني، يساعده في الإجابة على الفتاوى الواردة إلى المفتي حسبةً لله تعالى بدون وظيفة رسمية، وولده الشيخ عبد العزيز يلازمه ملازمةَ الظل لصاحبه أينما حلَّ أو انتقل ويخدمه ويقرأ عليه، ويذهب معه إلى مجالس المفتي يحضرها ويستفيد منها، وإلى سنة / 1942 م لم يكن لحماة وحمص وظيفة أمانة فتوى رسميةً، ولما صدر الأمر بإنشائها وتكليف الشيخ أحمد سليم المراد بها اعتذر عن تقلدها رسمياً، وأشار بإعطائها لولده الشيخ عبد العزيز، ومن ذلك الوقت صارت أمانة الفتوى باسمه رسمياً وذلك حين بلغ الأربعين من العمر، وبقي على عادته مع والده في الذهاب إلى المفتي في جامع النوري كل يوم اثنين وخميس، لتذاكر المسائل الفقهية والفتوى الشرعية حتى وفاة والده الشيخ أحمد سنة / 1379 هـ

كان يحضر اجتماعات جمعية العلماء والتي كانت كثيراً ما تعقد في غرفة الشيخ السيد محمد مرتضى الكيلاني نقيب الأشراف بحماة في جامع النوري، مع بقية علماء حماة وذلك بعد عصر يوم الجمعة من كل أسبوع.

شخصيته وسيرته:

كان الشيخ عبد العزيز قوي البنية، أبيضَ البشرة، إلى الطول أقرب، قويَ الشكيمة، شجاعاً لا يهاب ولا يخاف أحداً إلا الله، تعلوه هيبة وجلال، فإذا خالطته وجدته سهلاً لطيفاً دمثاً واسع الصدر، متحملاً للناس وحاجاتهم، مع حزم ورأي قاطع وقرار نافذ وكلام قليل، وكان رحمه الله واصلاً لرحمه، محباً لهم، كريماً عليهم وعلى غيرهم، يزورهم باستمرار، وفياً لأصحابه وإخوانه لا يقطعهم ولا ينساهم أبداً، يدعو الجميع لولائمه - وخصوصاً في صباح عيد الفطر والأضحى - في بيته باستمرار مع بشاشةٍ وحسنِ استقبال، وكم سُمعَ الشيخ محمد الحامد رحمه الله وهو زوج أخته رافعاً صوته بقوله: ( الشيخ عبد العزيز كريم ) يشهد له بذلك، وكان يواسي الفقراء والمحتاجين ويصلهم ويقضي حاجاتهم وذلك سراً بدون علم أحدٍ، ولم يُعرف هذا إلا يوم وفاته، فقد بكاه عدد كبير من أفراد الأُسَر التي خصص لها راتباً شهرياً حيث انقطع عنها بوفاته، وأهم من ذلك كله: بِرُّه بأبيه وطاعته له وأدبه معه، فقد كان مثلاً يحتذى به في بره وطاعته لأبيه لا يرفض له طلباً مهما كلفه من ثمن، وقصته في زواجه مشهورة – ستذكر فيما بعد إن شاء الله – تدل على عظيم بره الكبير لوالده رحمهما الله.

إجازاته:

أجازه والده الشيخ أحمد المراد سنة / 1350 هـ وكتبها بخطه، والشيخ بدر الدين الحسني الدمشقي، والشيخ محمد سعيد النعساني مفتي حماة، والشيخ محمد توفيق الصباغ رئيس جمعية العلماء بحماة، والشيخ محمد سليم خلف الحمصي.

أولاده وذريته:

رزقه الله أحد عشر ولداً تسعةَ ذكور وبنتين، مات منهم اثنان صغيران، والباقي أصبحوا كلهم علماء والحمد لله وهم: الشيخ أحمد، والشيخ عبد الودود، والشيخ مصطفى، والشيخ ناجي، والشيخ عبد المنعم، والشيخ محمد فضل، والشيخ محمد صالح.

وفاته:

توفي الشيخ عبد العزيز المراد سنة / 1385 هـ - 1965 م وغسل في بيته، وصلي عليه في الجامع الجديد ودفن في مقبرة باب البلد بجانب والده رحمه الله.

نشرت الترجمة في 2009 وقد أعيد تنسيقها ونشرها اليوم 31/1/2019