في رثاء الشيخ عدنان السقا رحمه الله

نَزيلَ الخُلد أسْرجتَ الرِكابا=وغادرتَ الأحبةَ والصِّحابا

رَحلت إلى حمى ربٍّ.. كريمٍ=يَزيد القربَ إن زدتَ اقترابا

طَلبتُم سُؤْلَكُم في يوم فَضّـلٍ=وربُ العرش للطلب استجابا

وأصبحتمْ لأيـوبٍ جِـواراً=فطابَ جوارُهُ وزكا مآبا

* * *

مَصابيحُ الهدى انكَدَرتْ وكانتْ=بنور الله تأتينا شهـابا

أبا فهمي مضيـتَ وكنتَ شهماً=أريبَ الرأي مفضالاً مُهابا

ورحتَ تُقارعُ الطغيان حُرّاً=فَراحَ العمرُ نفياً.. واغترابا

ومن لم يغترب حراً.. عزيزاً=يَخيبُ مقامُهُ ذلاً وصابا..

* * *

قَضيـتَ العُمرَ في علمٍ وَفقهٍ=ومِنْ ربِّ الورى ترجو الثوابا

وتسقي الناسَ من خمر المعاني=لمن عرفَ المُدامةَ والشرابا

فتسمو الروحُ في الآفاق دَوْماً=وللعشاقِ تنتسِبُ انتسابا

شرحتم للقشيري الكتابا=وبَيَّنتَ المقاصد واللبابا

وفي الحِكَمِ العطائيات جُلْتُم=وعبر بحارها خُضْتَ العُبابا

وللمسترشديـن خططتَ فَهْماً=فحاز السالكون به الصوابا

وخاطبتَ العقولَ حجىً وعلماً=لتُورِدَها مناهلها العِذابا

وَوَجَّهْتَ السـواد بكلِ حِلْمٍ=فأحسنتَ الهدايةَ والخطابا

وَرقَّقْتَ القلوبَ ففاح منها=عَبيرٌ طيَّبَ الدنيا وَطابا

وصرتَ إمامها في كل فنٍ=وخيرُ العلم ما جاء احتسابا

وَلم تَكُنِ الإمامة بابَ جاهٍ=ولا ضرعاً حلوباً مُستطابا

ولكن هِمَّةٌ ودليلُ صدقٍ=وَإخلاصٍ لمن حَفِظَ الكتابا

* * *

أبـا فهمي رحلت وكنت تشكـو=حمى وطنٍ عزيزٍ صارَ غابا

وكل دياره صارت خراباً=وكل حقوله صارت يبابا

ويا أرض الشآم حييتِ أرضاً=كفاكِ اليومَ قهراً وانتحابا

لئن سَدُّوا بوجهك كُلَّ بابٍ=فبابُ الله أوسَعُها رِحابا

وَربُّ العرش باقٍ إن سعينا=أجاب وإن دعوناهُ استجابا

وفي تلكَ المعاناةِ ابتلاء=لكي يختارنا جُنداً صِلابا

* * *

أبا فهمي رحلت وأنتَ تهفو=إلى حِمّْصٍ وماردَّت جـوابا

فَنَم حُراً كريماً في سـلامٍ=ولا ترسلْ إلى حِمصَ العتابا

ففي حمص يلوحُ اليومَ فجرٌ=وفجرُ الشام يخترق الضبابا

وقد لاحت أشعتُّه وِضاءً=وإرهاصاتُّه انْطَلَقَت شِهابا

غداً تمشي دمشق على هُداهُ=ونورُ الله يحدوها رِكابا

وَيسقُطُ ظالم ويُقامُ عَدْلٌ=ويلقى كل من ظَلَم العقابا

وَدينُ الله باقٍ في شبابٍ=له وهبوا العزيـمةَ والشبابا

على دربِ النبي وتابعيه=يُلاقون الأحبة والصحابا

إستانبول ١٧/١/٢٠٢١م

الأحد٣ /جمادى الآخر/ ١٤٤٢هـ