نَزيلَ الخُلد أسْرجتَ الرِكابا=وغادرتَ الأحبةَ والصِّحابا
رَحلت إلى حمى ربٍّ.. كريمٍ=يَزيد القربَ إن زدتَ اقترابا
طَلبتُم سُؤْلَكُم في يوم فَضّـلٍ=وربُ العرش للطلب استجابا
وأصبحتمْ لأيـوبٍ جِـواراً=فطابَ جوارُهُ وزكا مآبا
* * *
مَصابيحُ الهدى انكَدَرتْ وكانتْ=بنور الله تأتينا شهـابا
أبا فهمي مضيـتَ وكنتَ شهماً=أريبَ الرأي مفضالاً مُهابا
ورحتَ تُقارعُ الطغيان حُرّاً=فَراحَ العمرُ نفياً.. واغترابا
ومن لم يغترب حراً.. عزيزاً=يَخيبُ مقامُهُ ذلاً وصابا..
* * *
قَضيـتَ العُمرَ في علمٍ وَفقهٍ=ومِنْ ربِّ الورى ترجو الثوابا
وتسقي الناسَ من خمر المعاني=لمن عرفَ المُدامةَ والشرابا
فتسمو الروحُ في الآفاق دَوْماً=وللعشاقِ تنتسِبُ انتسابا
شرحتم للقشيري الكتابا=وبَيَّنتَ المقاصد واللبابا
وفي الحِكَمِ العطائيات جُلْتُم=وعبر بحارها خُضْتَ العُبابا
وللمسترشديـن خططتَ فَهْماً=فحاز السالكون به الصوابا
وخاطبتَ العقولَ حجىً وعلماً=لتُورِدَها مناهلها العِذابا
وَوَجَّهْتَ السـواد بكلِ حِلْمٍ=فأحسنتَ الهدايةَ والخطابا
وَرقَّقْتَ القلوبَ ففاح منها=عَبيرٌ طيَّبَ الدنيا وَطابا
وصرتَ إمامها في كل فنٍ=وخيرُ العلم ما جاء احتسابا
وَلم تَكُنِ الإمامة بابَ جاهٍ=ولا ضرعاً حلوباً مُستطابا
ولكن هِمَّةٌ ودليلُ صدقٍ=وَإخلاصٍ لمن حَفِظَ الكتابا
* * *
أبـا فهمي رحلت وكنت تشكـو=حمى وطنٍ عزيزٍ صارَ غابا
وكل دياره صارت خراباً=وكل حقوله صارت يبابا
ويا أرض الشآم حييتِ أرضاً=كفاكِ اليومَ قهراً وانتحابا
لئن سَدُّوا بوجهك كُلَّ بابٍ=فبابُ الله أوسَعُها رِحابا
وَربُّ العرش باقٍ إن سعينا=أجاب وإن دعوناهُ استجابا
وفي تلكَ المعاناةِ ابتلاء=لكي يختارنا جُنداً صِلابا
* * *
أبا فهمي رحلت وأنتَ تهفو=إلى حِمّْصٍ وماردَّت جـوابا
فَنَم حُراً كريماً في سـلامٍ=ولا ترسلْ إلى حِمصَ العتابا
ففي حمص يلوحُ اليومَ فجرٌ=وفجرُ الشام يخترق الضبابا
وقد لاحت أشعتُّه وِضاءً=وإرهاصاتُّه انْطَلَقَت شِهابا
غداً تمشي دمشق على هُداهُ=ونورُ الله يحدوها رِكابا
وَيسقُطُ ظالم ويُقامُ عَدْلٌ=ويلقى كل من ظَلَم العقابا
وَدينُ الله باقٍ في شبابٍ=له وهبوا العزيـمةَ والشبابا
على دربِ النبي وتابعيه=يُلاقون الأحبة والصحابا
إستانبول ١٧/١/٢٠٢١م
الأحد٣ /جمادى الآخر/ ١٤٤٢هـ
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول