لقاءات علماء ومشايخ حمص (11)

بين يدي المنشور:

أيها الحمصيون: اعتزوا بحمصيتكم، واعرفوا رجالاتكم ولحسن علاقتي الوطيدة مع أهل حماه المحمية بإذنه تعالى فأنا أضمن لكم رضى السادة الحمويين 

وسأرضيهم بكلمة واحدة في بداية منشوري هذا وهي أن علماء مدينة حماه رحمهم الله كانوا ولفترة طويلة منارة الأمة في سورية تأرز إليها السفن وقت الأعاصير والرياح العاتية وصدقوني أني أقول هذا الكلام طمعا بكرمهم لا خوفا منهم.

لقاءات علماء ومشايخ حمص:

ومما تميزت به مدينة حمص: كثرة اللقاءات بين مشايخها وعلمائها ومن جملة ما أذكر بهذا الخصوص ذلك اللقاء العامر لعلماء السادة الحنفية في منزل بيت الشيخ محمد المحمود الأتاسي المعروف ببيت شيخ البساتنة.

وللعلم فإني لا أظن أن أسرة في سورية فيها من العلماء كمًّا ونوعا كما عند بيت الأتاسي حتى إن مشايخنا ليتناقلون أنه كان يوجد في زمن واحد العشرات من علمائهم وعمائمهم البيضاء، لكن وحتى أكون منصفا فإن العلم والفقه الموجود فيهم قلَّ ان يوجد عند غيرهم، وقد برعوا بكثير من العلوم الشرعية إلا أن براعتهم في الإحاطة بمذهب الإمام أبي حنيفة النعمان قلَّ نظيرها ولا توجد عند كثيرين غيرهم وهذه منقبة عظيمة لهم.

وبالمناسبة أذكر من علماء آل الأتاسي: الشيخ محمد طاهر الأتاسي، والشيخ محمد الخالد الأتاسي شارح قانون الدولة العثمانية المعروف بمجلة الأحكام العدلية، والشيخ محمد توفيق الاتاسي مفتي حمص وقد كان يداوم على هذا الدرس كبار علماء آل الأتاسي وغيرهم من السادة الحنفية والفترة التي قبل الستينيات من القرن الماضي انا لم احضرها لكني أذكر جملة من العلماء الذين هم عمدة هذا الدرس والذين عايشتهم من آل الأتاسي الشيخ محمد بدر الدين الأتاسي، والشيخ محمد طيب الأتاسي رحمهما الله، وهذان كانا قد استلما الإفتاء في مدينة حمص الشيخ بدر الدين ثم الشيخ طيب.

ومن غير آل الأتاسي: الشيخ عبد الفتاح المسدي، والشيخ وصفي المسدي، والشيخ محمود مندو، وأخوه الشيخ عبد الغفار والشيخ بهاء الدين عبد المولى والشيخ عبد الغفار الدروبي، والشيخ محمد مندو وغيرهم من السادة الحنفية رحمهم الله والشيخ محمد خرسان.

وللعلم فإن هذا الدرس لم يكن للعامة بل هو لعلية المتخصصين في المذهب الحنفي، وكانت تطرح فيه كبار المسائل التي تعرض للناس في مدينة حمص فالفتوى التي تخرج من هذه الندوة وهذا الدرس فتوى معتمدة بامتياز ثم صار يحضر هذا الدرس علماء ليسوا على المذهب الحنفي كشيخ الشافعية في حمص الشيخ أبو السعود بسمار (عبد السلام) أبو فاروق رحمه الله وغيره مما أدخل على الجلسة رائحة وطعم الفقه المقارن.

هذا اللقاء كان بعد صلاة العشاء من كل يوم ثلاثاء وقد عمر هذا الدرس طويلا عشرات السنوات لا يعطل ولا يتوقف إلا في شهر رمضان على ما أظن هذا الدرس مخصص لقراءة أمهات كتب السادة الحنفية كحاشية ابن عابدين. 

هذه هي حمص ليست أم الحجار السود كما سموها بل هي أم العلماء وأم العمائم البيضاء 

وختاما آمل من كل أخ عايش هذ الدرس وحضره وخصوصا ممن يتابع منشوراتي ان يذكر لي الكتب التي قرأت والعلماء الذين كانوا يحضرون هذا الدرس أو اية معلومة عنه فأنا شارفت على العقد التاسع من عمري، وأكتب من ذاكرتي المتعبة. 

بارك الله بكم جميعا وبجميع علماء أمتنا وبلدنا وعجل بالفرج عن سورية الاسيرة والجريحة إنه سميع مجيب.