الشيخ حسان فرفوطي

1346 ـ 1414 هـ

1928 ـ 1994 م

شيخنا الأستاذ الشيخ حسّان بن طاهر فرفوطي الحسني(1).

مربّ فاضل، وخطيب ماهر، له بعض الأشعار الجميلة.

ولد الشيخ المترجم في حلب عام 1928 م، في أسرة عرفت بتمسكها بدينها، وكان والده وأجداده من أتباع الطريقة (النقشبندية)، وقد عرفوا واشتهروا بالتقوى والصلاح.

تلقى الشيخ المترجم تعليمه في المداس الرسمية، وحصل على شهادة دار المعلمين في اللغة العربية والعلوم الشرعيه.

عمل معلما في مدرسة الاستقلال، وكذلك في مدرسة الحمدانية، ثمّ مدرساً في ثانوية الغزالي في حلب، كما عين مدرساً لمادة الخطابة واللغة العربية في الثانوية الشرعية (الخسروية) بحلب(2)، ولما افتتح الشيخ محمد النبهاني - رحمه الله - مدرسته الشرعية، دار نهضة العلوم الشرعية (الكلتاوية)، انتدبه لتدريس الخطابة فيها، فكان المؤسس لمادة الخطابة في المدرسة، كما قام بتدريس مادتي التعبير والأدب العربي في المدرسة، وظل الشيخ المترجم ملتزما بالتدريس في هذه المدرسة، منذ افتتاحها عام 1964 م، إلى أن أقعده المرض في نهاية حياته، ولهذا فقد كثر طلابه والآخذون عنه، ونبه منهم جماعة، نذكر منهم: الشيخ محمود الحوت، والشيخ الدكتور محمود الزين، والشيخ الدكتور عثمان العمر، والشيخ إبراهيم العمر، والشيخ أحمد الموسى، والشيخ عبد المنعم سالم، والشيخ عبد الجواد العاشق، والشيخ حسين كنو، والشيخ محمد أمين مشاعل وغيرهم.

وقامت بينه وبين طلابه علاقة حب واحترام، تجاوزت علاقة المعلم مع طلابه، يصف أحد طلابه هذه العلاقة بقوله: (لقد كنا ننتظر درسه من الأسبوع للأسبوع، لا لشيء، إلا لأننا كنا نجد عنده شيئاً فقدناه، وأمراً أضعناه، فنحن في درسه لا ندري هل نحن مع أب، أم مع أستاذ؟... لشدة ولوعنا بدرسه، نعم لقد كنا مع أب على طاولة أستاذ، لقد كان رحمه الله مثال الأب في رحمته ومعاملته ونصحه، وكان الأستاذ المخلص في توجيه تلامذته، وإثرائهم بالمعلومات التي تفيدهم)(3).

وقد تولى المترجم الخطابة في عدد من جوامع حلب، أهمها جامع الرحمن، ثمّ جامع سيدنا بلال في حي صلاح الدين، وقد استمر قائما على الخطابة فيه فترة طويلة إلى أن أدركته المنية.

كما تولى بعض المناصب الإدارية في عدد من الجمعيات الخيرية، منها جمعية عباد الرحمن الخيرية، وجمعية النهضة الإسلامية الخيرية، حيث تولى إدارتهما، فترة من الزمن، وكان عضواً في الهيئة الإدارية في جمعية النهضة الإسلامية.

انتخب الشيخ المترجم عضواً في مجلس الأمة، عن مدينة حلب، في فترة الوحدة بين سوريا ومصر، وحاور الرئيس جمال عبد الناصر في قضية الحجاب في مجلس الأمة.

اتصل الشيخ المترجم بالشيخ محمد النبهان، وتتلمذ عليه، وأخذ عنه الطريقة (النقشيندية)، وكان شديد الصلة بالشيخ، ومن الملازمين له والمنقطعين لخدمته، وقد رافقه في رحلته لأداء فريضة الحج عام: 1965 م، وكان الشيخ النبهان يحبه، ويثق بحكمته، ويكلفه بمهمات التواصل مع الآخرين، كما كان يكلفه بألقاء الخطب والكلمات باسمه في الاجتماعات والمناسبات العامة، وامتازت كلماته وخطبه بالبيان والبلاغة والفصاحة والقدرة على الوصول إلى عقول الجماهير وقلوبهم وإقناعهم، ولا غرو في ذلك، فهو ذو موهبة شعرية جميلة، وقد ترك مجموعة من القصائد الشعرية، كان يلقيها في المناسبات الدينية والاجتماعية، ومن قصيدته (ليلة الميــلاد)، تقتطف هذه الأبيات:

رقص الوجود بقده المياد= طرباً يتيه بليلة الميلاد

وعرائس الروض الزهية أقبلت= نشوانة بشذا النبي الهادي

فإذا الدنيا عدل وأنس طافح= قد حولت أصنامها لرماد

هو رحمة الرحمن أهداها لنا= فلتفخر البشرى لكل فؤاد

يا قلب هيا واستفق من غفلة= وتزودنّ فذاك خير الزاد

جاء الربيع يهيب في الذكرى= بنا ويجدد الملكوت في ميعاد

دين يشيده الإله ويرتضي= لعباده خير الدعاة منادي

أقبل حبيب الله حيتك المنى= من روضة النبهان يصدح شادي

وقد قامت بينه وبين كثير من إخوان الشيخ علاقة حب وإخاء وصداقة ومن أصدقائه: الشيخ محمد لطفي - رحمه الله - والشيخ الدكتور محمود فجال، وغيرهم من علماء حلب.

ظل الشيخ المترجم على دأبه في الدعوة وبذل العلم، تدريساً وخطابة إلى أن أدركته الوفاة، في ليلة النصف من شعبان، سنة: أربع عشرة وأربعمئة وألف، للهجرة النبوية المباركة، يوم الأربعاء، الموافق للسادس والعشرين من شهر كانون الثاني، لعام: أربعة وتسعين وتسعمئة وألف للميلاد، وحزن عليه أهله واخوانه وطلابه، وصلي عليه في جامع (الكلتاوية)، ثمّ شيع إلى مثواه الأخير في حلب.

المصادر والمراجع

1- ترجمة خاصة على موقع أحباب الكلتاوية.

2- كتاب الشيخ النبهان للدكتور محمد فاروق النبهان.

3- مقابلة شفهية مع نجل المترجم الشيخ أحمد.

4- مقابلات شفهية مع عدد من تلاميذ الشيخ أخص منهم الشيخ أحمد الحوت.

(1) اسرة المترجم تنتمي (لآل المرندي) المنحدرة من سلالة الشيخ عبد القادر الجيلاني، كما هو محرر في وثيقة محفوظة لدى العائلة.

(2) كان الشيخ حسان ـ رحمه الله ـ أستاذنا في مادة اللغة العربية، ونحن في الصف الأول الإعدادي في الثانوية الشرعية.

(3) موقع أحباب الكلتاوية، من كلمة كتبها الشيخ إبراهيم حمدو العمر. (أحد طلاب المترجم)