الشيخ محمد صادق الغزال رحمه الله تعالى 

  • هو الشيخ محمد صادق بن عبد اللطيف بن أحمد غزال البابي بلدة والحنفي مذهبا" والنقشبندي طريقة والحسيني سلالة والأزهري مشربا" .

* مولده : ولد الشيخ محمد صادق غزال في مدينة الباب عام 1900 م من أبوين بسيطين في عائلة بسيطة متدينة تعيش حياة ريفية بسيطة .

* بدأ دراسته وتعلمه في الكتاتيب المنتشرة في ذلك الوقت وكان إلى جانب تعلمه يعمل مع والده في الزراعة ، إلا أنه كان شغوفا" بالعلم أكثر من العمل بالزراعة يسعى في تحصيله والاستزادة منه فكان يتردد إلى المدارسة الشرعية الموجودة في وقته كالمدرسة الشهابية وغيرها من المدارس الشرعية القديمة التي كانت منتشرة في مدينة الباب وكانت المساجد مقرا" لها ، كما كان يجلس إلى علماء البلدة ويحضر مجالسهم التي كانت منتشرة آنذاك لينهل من علمهم ويستفيد من سلوكهم وحالهم وكان هدفه وتطلعه دائما" أن يكمل تحصيله العلمي في أزهر مصر .

ولكن العائق الأكبر في سبيل تحقيق طموحه هذا كان ضيق حال والده وقلة ذات يده وحاجته إليه ليعمل معه في الزراعة .

* زوجه والده وهو صغير لم يكمل الخامسة عشر من عمره عله بذلك يضمن بقاءه إلى جانبه والعدول عن فكرة السفر إلى مصر لاستكمال تحصيله العلمي في أزهر مصر إلا أن ذلك لم يكن ليمنع الشيخ محمد صادق من المضي في سبيل تحقيق طموحه وإشباع رغبته ونهمته وبلوغ هدفه فحاول استرضاء والديه وترك زوجته عند أهله وسافر إلى مصر وانتسب إلى الأزهر لاستكمال تحصيله العلمي .

* بعد خمس سنوات من الدراسة تخرج الشيخ محمد صادق في جامعة الأزهر وهو يحمل شهادة العالمية التي كانت تمنح للغرباء بعد استكمال دراستهم في أزهر مصر وكان رحمه الله تعالى الأول على دفعته .

احتفل به أخوانه وزملاؤه في الدراسة وحملوه على الأكتاف مهنئين له على ماناله من تفوق وتميز نتيجة إصراره واهتمامه وجده واجتهاده في طلب العلم .

* رجع الشيخ محمد صادق غزال إلى بلدته الباب بعد أتم تحصيله العلمي وهو يحمل شهادة العالمية من جامعة الأزهر الشريق وقد وقع عليها علماء الأزهر الشريف ممن أجازه في مواد الفقه وأصوله والتفسير والحديث ومصطلح الحديث والتوحيد والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والمنطق التي كانت تدرس في الأزهر آنذاك .

* شرع رحمه الله تعالى بعد عودته مباشرة في إقامة دروس العلم لأهل بلدته وتصدر للفتوى والإجابة على الأسئلة التي كانت توجه إليه محاولا" بذلك أداء الأمانه التي حملها وهي أمانة العلم .

* كان الشيخ محمد صادق متميزا" ودقيقا" في مجال الفتوى وخاصة في مجال المواريث مما جعل بعض علماء الشام يحولون إليه بعض الفتاوى الدقيقة فيجدون عنده رحمه الله تعالى جوابا" شافيا" وافيا" حولها ... وأكثر هذه الفتاوى محفوظة في كتب الشيخ رحمه الله تعالى الكثيرة والمتنوعة والتي لا تزال محفوظة حتى الآن عند ولده الخياط عبد الناصر غزال أبو صادق .

* وقد كان للشيخ رحمه الله تعالى نشاطه المتميز وباعه الطويل في ميدان العمل الاجتماعي ؛ فقد افتتح أول مدرسة علمية أهلية في مدينة الباب ، وهو عضو كبير فاعل في جمعية النهضة . 

* سلك الشيخ محمد صادق على يد الشيخ محمد أبي النصر الحمصي وأخذ عنه الطريقة النقشبندية وأفاد منه كثيرا" في ميدان السلوك والحال ولذلك كانت تظهر في دعوته الملامح السلوكية وأسلوب التزكية إلى جانب التميز والدقة العلمية .. وكان هذا دأب جميع العلماء السابقين فإلى جانب طريق العلم كانوا يسيرون في طريق السلوك والتزكية على يد مرشد كامل من أهل العلم والطريق ليحققوا بذلك التوازن بين مطالب العقل وحاجات القلب والنفس ويقوا أنفسهم من الشطط والانحرافات التي يقع فيها البعض ممن يسلكون طريق العلم دون أن يسلكوا طريق التزكية والسلوك .

* كان الشيخ محمد صادق رحمه الله إلى جانب تميزه العلمي متميزا" في دعوته إلى الله تعالى ذا أسلوب مؤثر في جميع من حوله خطيبا" موفقا" في ايصال فكرته إلى جمهوره مما أكسبه محبه الناس والتفافهم حوله للإفادة من علمه ... وكان جامع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مقرا" لدعوته حتى أن البعض كان يسمي الجامع جامع الشيخ صادق الغزال .

* كان الشيخ رحمه الله تعالى من أصحاب الغيرة على دين الله تعالى ولذلك فقد كانت تعتريه حدة العلماء خاصة عندما يتهاون الناس بحدود الله تعالى ويتجرؤون عليها وكانت حدة طبعه تظهر أكثر ما تظهر عندما يأتيه أحد قد حلف على زوجته بالطلاق أو ماشابه ذلك .

* لقد كان الشيخ رحمه الله تعالى صاحب هيبة عجيبة يهابه جميع من حوله مع محبتهم الكبيرة له .. وكان وقافا" عند حدود الله يصدع بكلمة الحق ولا يخاف في الله لومة لائم يقول الحق ولو على نفسه .

* جمع الشيخ محمد صادق بين تعليم الناس ودعوتهم والإصلاح بينهم وبين كسب الرزق بكد يمينه وعرق جبينه مؤثرا" بذلك أن يكون رزقه وطعامه من عمل يده متمثلا" قول النبي صلى الله عليه وسلم : 

( ماأكل أحد طعاما" قط خير من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده ) .

فكان رحمه الله إذا صلى الفجر في جامع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ركب دابته حاملا" فأسه وانطلق إلى أرضه الزراعية قرب تل بطنان ليعتني بما زرع فيها ويعمل فيها ويرعاها حتى العصر تقريبا" ليرجع بعد ذلك إلى بيته ويلبس جبته وعمامته ويعود مرة أخرى الى جامع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليؤم الناس في الصلاة ويعلمهم ويجيب على أسئلتهم ويدعوهم إلى الله عزوجل بأسلوبه الطيب .

* من العلماء الذين طلب الشيخ محمد صادق العلم على أيديهم واستفاد منهم في مدينة الباب :

- الشيخ مصطفى أبو زلام والذي كان يلقب ب ( الشيخ مصطفى العالم ) .

- الشيخ أحمد الزرقا والد الشيخ مصطفى الزرقا من تادف .

- الشيخ محمد أبو السعود .

- الشيخ حمدان الحمدان .

رحمهم الله جميعا" .

* ومن العلماء الذين تلقوا عن الشيخ محمد صادق غزال وطلبوا العلم على يديه :

- الشيخ محمد علي المسعود رحمه الله تعالى كما هو مذكور في ترجمته .

إلى جانب كثير من طلبة العلم الذين لا يزال البعض منهم معاصرا" .

* وفاته : توفي الشيخ محمد صادق غزال في مدينة الباب عام 1979 م بعد عطاء علمي ودعوي منقطع النظير فخسرت مدينة الباب بوفاته علما" من أعلامها الذين كانت لهم اليد البيضاء على المدينة وأهلها وحزنت المدينة حزنا" شديدا" على خسارته وشيعه أهل الباب إلى مدفنه رحمه الله تعالى ولا يزال ذكره الطيب العاطر يجري على لسان أهل المدينة حتى يومنا هذا .

* رحم الله الشيخ محمد صادق غزال ورحم علماء المسلمين أجمعين وعوض الأمة عن فقدهم بخير .