عبد القادر المبارك

نشأته وحياته

ولد عبد القادر بن محمد المبارك في دمشق سنة 1876م، ونشأ وترعرع في كنف والده الأديب العالم محمد المبارك، وتلقَّى تعليمه المبكّر في مجالس والده الأدبية والوعظية، ثم في مدرسة (الحبَّال) في حي القيمرية في دمشق، تلك المدرسة التي أنشأها أبوه، وكان رفيقه في هذه المدرسة محمد كرد علي، فانعقدت بينهما صحبة كُتب لها أن تدوم وتثمر.

ثم درس مدة في المدرسة الرشدية العسكرية، ثم استكمل تعليمه على يد علماء عصره أمثال: طاهر الجزائري وأمين سويد وعطا الكسم وبدر الدين الحسني، فقرأ عليهم التفسير والحديث والفقه وعلوم العربية. غير أنه أظهر ميلًا للغة العربية، فآثر الاختصاص بها وعكف على دراستها وقراءة النفيس من كتبها وحفظ نصوصها، فأصبحت المعاجم اللغوية في صدره، حتى عُرف بـ(القاموس السيَّار).

وحصل في غمرة ما هو فيه على إجازات علماء عصره أمثال: والده محمد المبارك، ومحمد أديب الكيلاني، ومحمد حكيم زاده، وعبد الباقي الجزائري، وعبد الرحمن الطيبي، ومحمد أبو الخير عابدين.

وفي سنة 1893م افتتح الشيخ عبد القادر (مكتب النجاح) في العمارة، فكان مؤسّسَه ومديره والمعلّم فيه، ثم غيَّر اسمه إلى (المدرسة العربية) تمييزًا لها [ولرسالتها وعروبتها وعربيّتها] من المدارس التي كانت تعلّم باللغة التركيّة. وفي سنة 1905م درَّس في (المدرسة السلطانية الأولى) إضافة إلى تدريسه في مدرسته.

وفي سنة 1909م انتقل للتدريس في (مكتب عنبر). وكان من تلامذته في هذا المكتب الشيخ علي الطنطاوي الذي قال فيه: "لم أرَ فيمن قرأتُ عليه وكنت تلميذًا له، مَن كان في درسه حياةٌ كحياة درس الشيخ المبارك... لقد كان أصمعيَّ زمانه وأبا عبيدةَ عصره، ينشر العربية ويُحبّب بها الطلاب في مكتب عنبر". وكان من تلامذته أيضًا ظافر القاسمي الذي قال في أستاذه: "كان أعلمَ أهل زمانه بالمفردات حتَّى قيل عنه: (إنه نسخة حيَّة من القاموس)؛ فقد عُرف عنه أنه كان يحفظ (فقه اللغة) و(الألفاظ الكتابية) و(القاموس المحيط) عن ظهر قلب، وكان له غَرام بالمترادف، يقصف به لسانه كالرعد دون توقُّف ولا تلعثم".

وفي سنة 1919م أُقيم احتفال كبير لاستقبال الأمير فيصل والترحيب بعودته إلى دمشق، وألقى عبد القادر المبارك في هذا الاحتفال قصيدة عبَّر فيها عن روح النقمة على الأتراك والآمال المعلَّقة على الحسين وثورته العربية.

وفي سنة 1930م انتُدب المبارك للتدريس في مدرسة الأدب العليا [نواة كلية الآداب في الجامعة السورية]، وفي سنة 1942م تولَّى تدريس اللغة العربية في دار المعلمين العليا.

توفي الشيخ عبد القادر المبارك يوم الثلاثاء في 22 ذي الحجة 1364هـ الموافق 27 تشرين الثاني 1945م.

الشيخ عبد القادر المبارك المجمعي

الأستاذ الشيخ عبد القادر المبارك أحد الأعضاء المؤسسين للمجمع العلمي العربي، وحضر الجلسة الأولى للمجمع التي عقدت بتاريخ 30 تموز 1919م.

شارك الأستاذ المبارك في أعمال لجان التصحيح والتعريب في المجمع، وألقى في رحاب المجمع سبع محاضرات:

الأخلاق والاجتماع، (1922م).

صفحة اجتماعية، (1924م).

الشعر الخالد والمجد التالد، (1930م).

لغة المتنبي، (1936م) (نُشرت في كتيب خاص بمحاضرات المجمع).

أدب القاضي ابن خلكان في تاريخه وفيات الأعيان، (1944م).

حسن القصص في تاريخ ابن خلكان، (محاضرتان) (1945م).

ونشر في مجلة المجمع تعريفات بأربعة كتب: (الجيش العرمرم)، و(الإفصاح عن معاني الصحاح)، و(كتاب في الشطرنج)، و(الدرر الفاخرة بمآثر الملوك العلويين بفاس الزاهرة).

من آثاره

كان الشيخ المبارك على سعة علمه وغزير اطلاعه قليلَ التآليف، وقال في ذلك: "أنا كتبي تلاميذي، كلُّ واحد من تلاميذي كتابٌ من كتبي". ومن هذا القليل الذي خلَّفه:

أولًا: الكتب

شرح المقصورة الدريدية (جزءان)، تحقيق إبراهيم عبد الله، دار سعد الدين، 2018م.

شرح بانت سعاد.

شرح مقصورة ابن دريد، تحقيق إبراهيم عبد الله، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2014م.

الصبر مطية النجاح، قصيدة في الحِكَم لابن الظهير الإربلي (تحقيق)، دار الفكر، دمشق، 1990م، 2002م.

طرائف أدبية.

فرائد الأبيات، مجموعة نصوص أدبية مشروحة.

كراسات مدرسية.

كفاية المتحفظ ونهاية المتلفظ لابن الأجدابي (تحقيق)، دار الفكر، دمشق، 2002م.

مختارات شعرية.

المعلومات المدنية (منقول عن التركية).

ثانيًا: الشعر

نظم الشيخ عبد القادر المبارك قصائد كثيرة؛ منها:

قصيدة في استقبال الملك فيصل عنوانها (آية الحديث المسلسل في الترحاب بالأمير فيصل).

قصيدة في اللغة العربية وتاريخها.

قصيدة في النهضة الجديدة عنوانها (إحدى العبر بين البشر).

قصيدة في الحرية والدستور في العهد العثماني بعنوان (بكر الشرق).

مصادر ترجمته

الأستاذ الشيخ عبد القادر المبارك، مجلة المجمع العلمي العربي، مج21، ج1، 1946م.

إضبارة الشيخ عبد القادر المبارك المحفوظة في مجمع اللغة العربية بدمشق.

الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م.

تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري، محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة، دار الفكر، دمشق، 1986م.

ذكريات، علي الطنطاوي، دار المنارة، جدة، 1989م.

رجالات في أمة، فاضل عفاش، دار المعرفة، دمشق، 1986م.

شخصيات وصور أدبية، إبراهيم الكيلاني، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1993م.

عبد القادر المبارك: إمام اللغة وعاشقها المتيم، عبد الغني العطري في كتابه (عبقريات وأعلام)، دار البشائر، 1996م.

عبد القادر المبارك، موقع أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية.

العلامة اللغوي عبد القادر المبارك، إبراهيم الزيبق، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2011م.

المجمعيون الأوائل في المجمع العلمي العربي بدمشق، مازن المبارك، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2015م.

معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، كامل سلمان جاسم الجبوري، دار الكتب العلمية، 2002م.

معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، كامل سلمان جاسم الجبوري، دار الكتب العلمية، 2003م.

معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي، بيروت، 1957م.

مكتب عنبر، ظافر القاسمي، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1964م.

موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين (ج4)، سليمان سليم البواب، مؤسسة المنارة، دمشق، ط1، 2000م.

نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر، يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة، بيروت، ط1، 2006م.

النور والنار في مكتب عنبر (التجهيز ودار المعلمين)، مطيع المرابط، المطبعة العلمية، دمشق، 1991م.