وفاة الشيخ المعمر محمد إسرائيل الندوي

توفي (يوم الثلاثاء تاسع عشري شوال سنة أربعين وأربعمائة وألف)، شيخنا المجيز العالم المحدث الصالح الطبيب محمد إسرائيل بن محمد إبراهيم السلفي الندوي من ولاية هريانه في الهند، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جنانه.

وهو محمد إسرائيل بن محمد إبراهيم بن عبدالحليم بن دَريا بن دهن سنكه بن نعمت بن نظام، السَّلفي النَّدْوي.

ولد في 18 صفر سنة 1353، في قرية برنياله خورد (جهاندا)، مديرية بَلْوَل، بولاية هريانة (ميوات سابقاً)، وتربى في كنف والدين صالحين، وتعلم الأردية والهندية إلى المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في جهانده، شكراوه، وكوت، وقرأ جزء عم على الحافظ نور محمد في قريته، وبعد ذلك التحق بتوجيه والده بالجامعة السلفية بشَكْراوه، والتحق في سنة 1375 بدار العلوم لندوة العلماء بلكهنو، وقرأ المختارات الجزء الأول والثاني، ومعلم الإنشاء الجزء الثاني والثالث على شيخنا محمد رابع الندوي، وعبد الماجد الندوي. وقرأ شرح النقاية، والجزئين الأول من الهداية، والسراجي على شيخنا ظهور أحمد مفتي دار العلوم، وكتاب المدخل في أصول الفقه على الشيخ محمد إسحاق السنديلوي الندوي، وكتاب البلاغة الواضحة على شيخنا أبي العرفان الندوي، والمنطق، ورياض الصالحين على الشيخ عبد الحفيظ البَلْياوي، صاحب مصباح اللغات، وشرح شذور الذهب على شيخنا حبيب الرحمن الندوي السلطانفوري، وقرأ تفسير الجلالين وكلستان على السيد تقريظ أحمد السهسواني، وقرأ ترجمة القران الكريم والتفسير أربع سنوات على الشيخ محمد أويس الندوي شيخ التفسير بدار العلوم، واستفاد منه كثيرا، وقرأ بتوجيهه كتب شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن القيم، وقرأ النصف الأول من الترمذي على منظور أحمد النعماني، وحصل على إجازته، وقرأ المشكاة على الشيخ أسباط الندوي، وفي الندوة درس الإنجليزية والهندية إلى الثانوية، واستفاد من شيخينا أبي الحسن الندوي كثيرا في دروسه بعد صلاة العصرولم يقرأ عليه شيئا من الكتب الحديثية، وتخرج من دار العلوم لندوة العلماء سنة 1381هـ.

وقرأ أيضًا الأصول الستة ومشكاة المصابيح وبلوغ المرام على عبد الجبار الشكراوي، وهو قرأ الستة على الشيخين عبد الوهاب الملتاني وأحمد الله القرشي، كلاهما عن نذير حسين سماعا، فالأول منهما للستة كاملة، والثاني للصحيحين وبعض بقية الستة، وقرأ عاليا بلوغ المرام وأطراف السبعة والمشكاة على عبد الحكيم الجَيوَري، وهو (أي الجيوري) قرأ السبعة والبلوغ على نذير حسين.

وقرأ صحيح البخاري وسنن الترمذي على محمد شفيع الديوبندي الدهلوي، وقرأ بقية الستة على محبوب إلهي الديوبندي.

وأعلى أسانيده روايته عن الشيخ العالم الصالح عبد الحكيم الجيوري، ولد في قرية جَيْوَر بمديرية بَلَنْد شَهْر، سنة 1297 تقريبا، ولازم شيخه السيد نذيرحسين آخر عمره، واختص بخدمته، وقرأ عليه الكتب الستة والموطأ وبلوغ المرام بكمالها، وحصل منه على الإجازة، ودرس أيضًا على العلامة محمد بشير السَّهْسَواني، وأجازه، وأخذ أيضًا عن العلامة شمس الحق العظيم آبادي، وسمع منه حديث الرحمة المسلسل بالأولية بشرطه، وأجازه، توفي في 13 صفر 1392 عن 95 سنة في عليكره، ودفن فيها.

قرأ الطلبة والعلماء على الشيخ محمد إسرائيل الندوي كثيرا في الكويت والهند وغيرهما من البلدان، واستجازه عدد كبير جدا، ولعل الشيخ محمد زياد من المختصين به وقرأ عليه ما لم يقرأه غيره، وأجازني وأولادي غير مرة، وأجاز لجميع المذكورين في استدعاء الأخ عمر النشوقاتي وفيه اسمي كذلك، بالكويت في الخامس عشر من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة وألف، وكتب بخط يده: أجزتهم إجازة عامة في مروياتي ومؤلفاتي، وأجزت أزواجهم وذرياتهم.

ومن أعماله: تحفة الأنام في تخريج جزء القراءة خلف الإمام للبخاري: تعليق وتخريج، مطبوع، والتعليقات السلفية على جامع الترمذي، و تخريج أحاديث زوائد صحيح ابن حبان، والتعليقات على تقريب التهذيب، ثلاثتها مخطوطة، وتذكرة الإمام نذير حسين المحدِّث الدهلوي: طبع، وتصحيح قطعة من شعب الإيمان للبيهقي، من المجلد السادس عشر إلى العشرين، وتخريج قطعة من أحاديث مختصر الخلافيات للبيهقي.

هذه كلها بالعربية، وألّف بالأوردية: التحفة الحسنى في إثبات سنية المصافحة باليد اليمنى: طبع، ونور الهدى في فرضية الجمعة على أهل القرى: طبع، والهداية الكاملة: طبع، في مسألة الطلاق الثلاث، نصر فيه اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وكتبه ردًّا على الجزء الأول من النجاة الكاملة لنياز محمد الحنفي، وطلاق الثلاث في مجلس واحد في ضوء القران والحديث: طبع ثلاث مرات، وهو رد على الجزء الثاني من النجاة الكاملة، والبينات إلى ما في نجاة النياز من الاتهامات: رد على اتهاماته لأهل الحديث، ودور علماء أهل الحديث وديوبند في حركة الجهاد ضد الإنجليز: وهذا رد على الجزء الثالث من النجاة الكاملة، وتراجم علماء أهل الحديث في ميوات، وله أشياء أخرى.

حلاه الشيخ محمد زياد بقوله: "العلامة الصالح الأجل، المحدّث، المحقق، المسند الكبير، والطبيب البارع، ذي الشمائل والأخلاق الرفيعة"، ويقول الشيخ زياد: "وهو من أكثر من له عليّ منة في إكثار القراءة والإفادة لكتب الحديث، وكان يحبني وأحبه".

(مستفاد من ترجمته بقلم الشيخ محمد زياد التكلة في كتابه ثبت الكويت، وترجمته بقلم الشيخ محمد بن ناصر العجمي في كتابه: السير الحثيث في الاتصال بثلاثيات أمير المؤمنيين في الحديث)