المهندس عبد الرحمن الصوفي

1344 – 1419هـ 

يقول شاعر العراق في عصره معروف الرصافي رحمه الله :

هي الأخلاق تنبُتُ كالنَّباتِ = إذا سُقيتْ بماء المَكْرُماتِ

تقومُ إذا تَعَهَّدها المُربِّي = على ساق الفضيلة مُثْمِراتِ

وتسمو للمكارمِ باتِّساقٍ = كما اتَّسَقتْ أنابيبُ القنـاةِ

وتُنْعِشُ من صميمِ المجدِ روحاً = بأزهارٍ لها مُتَضَوْعاتِ

الأخلاق الفاضلة من أهم الأسس والدَّعائم التي يقوم عليها المجتمع الإنساني ، فبها يعيش النَّاس في سلامٍ ووئامٍ، وتفاهُمٍ وتناغُمٍ ،وأمنٍ وأمان ، وهذه هي أهم مُتطلَّبات السَّعادة في المجتمع الأنساني، ومما لاشكَّ فيه أنَّ المستوى الأخلاقي للأمة هو معيارٌ ومقياسٌ لرُقيِّ حضارتها ، وأسٌ رئيسيٌ لجمال وكمال مدنيَّتها ،وهذا من صميم ماحثَّ عليه الإسلام فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّمَ قال:”إنَّما بُعثت لأُتَمِّم مكارم الأخلاق ” وكذلك قوله صلى الله عليه وسلَّم “خيارُكم أحاسنُكم أخلاقاً “رواه التِّرمذي

ونِعِمَّا قول أمير الشُّعراء أحمد شوقي بقوله: وإنَّما الأمَمُ الأخلاقُ مابقيت = فإن همُ ذهبت أخلاقُهُم ذهبوا

وقد قال الإمام ابن القيِّم الجوزية رحمه الله: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بين تقوى الله وحُسْنِ الخُلُق ،لأنَّ تقوى الله تُصلِحُ مابين العبد وبين ربِّه ، وحُسن ُ الخُلُقِ تُصلِحُ مابينهُ وبين خَلْقِه،فتقوى الله توجب محبَّة الله،وحُسْنُ الخُلُقِ يدعو النَّاس إلى محبَّتِه.

وإنَّ خُلُقَ المسلم هو مايراهُ النَّاس ويُدركونه من سائر شعائرالإسلام ، فالنَّاس لاترى عقيدة الشَّخص ،ولاإيمانه ولكنَّهم يرون أخلاقَه وسلوكَه ،ويتعاملون معه من خلالها، لذا فإنَّهم سيُقَيِّمون دينَه بناءً على صدق تعامله، وحُسن أخلاقه، وجميل سلوكه،فالدِّين المعاملة أي والله، ونِعِمَّا أهلُ مكارمِ الأخلاق ونعمَّا مكانتهم في الدُّنيا والآخرة.

وإنَّني لمَّا كتبتُ هذه المقدمة تذكَّرت سيرةَ رجلٍ فاضلٍ ،وشيخٍ وقور ،قَدِمَ إلى رحمة ربِّه ،كان مثالاً يُحتذى في الأخلاق الفاضلة، وأُنموذجاً راقياً في التَّعامل والسُّلوك، ومنارةً مُضيئةً في القِيَمِ والمبادئ ، وأحسب والله أنَّ من نِعَمِ اللهِ عليَّ أن قيَّض لي صُحبةَ هذا الرَّجلِ الفاضل ، وهذا الشيخ الوقور،وإليكم قصَّة تعرُّفي به .

في عام 1402 هـ وبالتَّحديد في السابع من شهر ذي الحجة كان موعدنا مع حملة جامعة الملك عبد العزيز في جدة للقيام بأداء مناسك الحج كنت حينها مع أمي وأبي وزوجتي وحماتي مع الأخ الحبيب د.صلاح شادي زميلي في العمل مع الخدمات الطبية في الحرس الوطني وزوجنه حفظهما الله تعالى ،وأتينا مبكرين في صباح هذا اليوم ،وقد قدمنا من الأحساء إلى مكان الانطلاق قرب بوابة الجامعة ، وحيث أننا أتينا مبكرين فقد صعدنا للباصات قبل الآخرين ،وجلسنا في المقاعد الأُولى ولم يكن هناك أحدٌ يُنَظِّمُ أمور الرُّكوب وترتيبها حسب الأماكن المُخصَّصَةِ، وبعدما جلسنا مع آخرين إذ أتى رجلٌ فاضل معه شيخٌ وقور ،وقال :هذه الكراسي التي تجلسون عليها هي أماكننا ،فوجدت صعوبةً مني في أن نُغَيِّر الأماكن بعد أن استقرَّ والداي وزوجتي وأمُّها ومن معنا وأخذوا أماكنهم ،فقلت له العذر أخي الفاضل الكلُّ جلس في مكانه ،وقد جلس أغلب ركاب الباص كذلك، وهناك صعوبة في التغيير ، وحصل سوء تفاهمٍ قصير ماخرج عن جادة الأدب وبعدها تمَّ ترتيب الأمور ،واستقرَّ كلٌ في مكانه وإن كان شعورهم بعدم الرضى هو الذي بدا جليَّاً على وجوههم، والحقُّ أنِّي أخطأتُ في هذا وجانبت الصَّواب فيه، وبعدها نزلت إلى بقالةٍ مجاورةٍ لشراء المرطبات والماء ،وإذ بالشيخ الفاضل يشتري لأهله ومن معه حاجياتٍ من البقالة ذاتها، فما كان مني إلا أن دفعت للبائع قيمة ما اشترى الشيخ مع ما اشترينا ولمَّا همَّ الشيخ الفاضل بدفع ما عليه أشار البائع بأني قد دفعت عنه،وحاول معي فلم أرضَ فقال (هي حلاوة الصلحة) وهذا تعبير عن سلامة القلب، وحسن النوايا، والتسامح ،والصُّفح ، وهذا ماكان وانطلقت الباصات بركابها لأداء مناسك الحج ملبين جميعنا بأعظم وأجلِّ تلبيةٍ مُردِّدين لبيك اللهم لبيك ،لبيك لاشريك لك لبيك ، إنَّ الحمد والنِّعمة لك والملك، لاشريك لك ،الله الله لنحلِّق في هذه الحملة مع هذا النِّداء الخالد ، وهذه التلبية المتألقة بمعاني التوحيد الخالص لله وحده لاشريك له.

أمَّا الشيخ الجليل فكان المهندس عبد الرحمن الصوفي رحمه الله ، وأما الرجل الفاضل الذي كان معه فكان صهره د.محمد وليد الذي كان يعمل استشارياً في طب العيون مع جامعة الملك عبد العزيز في جدة وماذكرته قبل في حديثي عن مكارم الأخلاق ،وجميل الخِلال والصِّفات ،وجمال السيرة ونقاء السريرة كان الشيخ رحمه الله يُجَسِّدُه في حياته ، في تعاملاته وعمله ، في سلوكه مع أسرته ومع الجميع رحمه الله تعالى.

كان هذا اللقاء الأول لي معه أما اللقاء الثاني فكان في مسجد الصويغ في صلاة الجمعة في المبرز إذ فوجئت بوجوده فيه ،ويالجمال لقياه في الأحساء بعد أن التقينا به في رحلتنا لأداء مناسك الحج في جدة والبقعة المباركة ، فسلمنا على بعضنا بحرارة وعلمت حينها أنه يعمل مع قسم العلاقات العامة في هيئة مشروع الري والصرف، وكان آخر عملٍ أُسند إليه رئاسة تحرير مجلة الواحة الزراعية التي تصدرها الهيئة.

بعد هذا اللقاء الثاني تواصلنا مع بعضنا، و نمت بيننا العلاقة والصُّحبة ،حتى بات من أقرب الناس إليِّ ، والأحبَّ عندي ،وبتُّ أكثر شخصٍ لصيقاً به، وقرباً منه في الأحساء ،كان فيها نعم الأخ والصَّديق، والعمُّ والرفيق ، والأبُ والصَّاحب، والخِلُّ والأنيس حتى كان الكثيرمن أهالي الأحساء من كثرة قربي منه، ورؤيتهم لي معه يظنونه أبي، ويالروعة مشاعره وأحاسيسه ، وجمال أدبه وخُلُقه ،كان أجل من أحبِّ النَّاس لي في الأحساء،رحمه الله وجمعني به في مستقر رحمته ، ونعما هو والله كان قدوةً في الأخلاق الفاضلة، مَعْلَمَاً في المبادئ والقيم،منارةً في السلوك والتعامل، يجسِّد المكارم لتراها ماثلةً بجمال صورتها وفعلها أمامك سواءًفي مقاله وأدبه،أم في فعاله وسيرته، أو في أخلاقه وسلوكه، كان كريم النَّفس ، سخيَّ اليد، نديَّ الرَّاح،جميل الطَّبع،عفَّ اللسان، الحِلْمُ طبعُه، والرِّفْقُ سَمْتُه، والحِكْمةُ ضالَّتُه،والأخلاق الفاضلةُ هديُه ومسلكُه.

ولد المهندس عبد الرحمن الصوفي في اللاذقية عام 1926م وكان متفوقاً في دراسته منذ صغره ،حيث حاز على المرتبة الأولى في المرحلة الابتدائية ،وكذلك في المرحلة الثانوية على مستوى سوريا ليخير بين إحدى بعثتين حاز عليهما لتفوُّقِه إحداهما إلى بلجيكا، والأخرى إلى مصر فآثر الثانية والسَّفر إلى مصر ،وحصل على مرتبة الشرف في دراسته للهندسة الزراعية من جامعة فؤاد الأول عام 1950م .

كان رحمه الله تقياً ذا خُلُقٍ رفيع،محافظاً على الصلوات والسنن ،وقافاً عند حدود الله،صواماً للأيام البيض والاثنين والخميس ،حسن التوكل على الله ، لايفتر لسانه عن ذكر مولاه جل في علاه،كريماً عطوفاً،محبَّاً للخير، عاشقاً للبر ،متواضعاً أنيساً، يلتمس الأعذار، ولايُحِبُّ الجدال، يمقت الغيبة ،ويكره النميمة، مبدأُهُ التيسير ،وسلوكه التبشير،حلو المعشر، مرهف الحس ، طيب القلب ، نقي الصَّدر ،من الذين يألفون ويؤلفون ،مرضياً لوالديه .

كان نعم القدوة أخاً وأباً وزميلاً ورفيقاً وصديقاً وصاحباً وكان يقول أنَّ مابه من توفيقٍ فبفضل الله ،ثم الرضى عليه من والديه ،وقد أنشأ أسرةً كانت نِعِمَّا هي صالحةً كان فيها المهندس والمهندسة والطبيبة والمربية والأستاذة وكان يحرص على التحصيل العالي لأبنائه جميعاً ونيلهم أعلى الشهادات والدرجات.

عاش في الأحساء خمس عشرة سنةً من عمره ،وكان له فيها صحبةُ وأنس، وأُخوَّةٌ وود،وعشرةٌ ووفاء،وأصحابٌ وأصدقاء،وكان من رواد الأحدية الندوة الثقافية التي يقيمها الشيخ الفاضل أحمد بن علي آل الشيخ مبارك رحمهما الله تعالى وكنت أشْرُفُ بصحبته دائماً لي ليرافقني بحضوري الأحدية مشاركاً فيها في شعره وأدبه ، وجميل وقيِّم مداخلاته،حيث كانت لنا متنفَّساً أدبياً ، وصالوناً راقياً نستنشق فيه عبير الكلم الطيب، ونستمع للسحر الحلال، مستمتعين بجمال الإشراقات الأدبية في النَّدوة ، وزخم المحاضرات الثقافية المقدمة ، وألق وجود الشيخ وإثراءاته الفكرية والأدبية والثقافية رحمهما الله تعالى .

وبعد انتقاله لجدة جاءتني رسالة شعرية منه يذكر فيها ألم فراقه عن الأحساء،وشوقه لها ولزملائه فيها، ولأهلها وصحبته فيها ، ولواحاتها والندوة المباركة فيها ، ولشيخ الندوة الجليل الشيخ أحمد بن علي آل الشيخ مبارك وكذلك لروادها وشعرائها وأدبائها ومثقفيها ليقول بتاريخ 15/2/1415هـ

فراق الأحساء

إني أراني للفراقِ أُساقُ= ليشطَّ عنِّي إخوةٌ ورفاقُ

عقدٌ ونصفٌ قد حباني حُبُّهم=ونما جِناسٌ بيننا وطِباقُ

إن كان في عملٍ وروضة مسجدٍ= أو ندوةٍ تزكو بها الأعباق 

ووجدتُ منهم إلفةً ومودَّةً= ينبوعُ حُبٍ ماؤهُ رقراقُ

ياواحةَ الأحساء ياأرضاً حَلَت= أبداً بها الأزهارُ والإيراقُ

وتفجَّرتْ وسط القفار عيونُها= يرنو لها الظمآنُ والطُّرَّاقُ

بين النَّخيلِ ودُرِّهِ وظلالهِ=يحلو المقامُ وتُزهر الآفاقُ

رَسَخَتْ بها عبر القرون مفاخرٌ= وسَمَتْ بها الآدابُ والأعراقُ

سأظلُّ أذكُرُ ماحييتُ مرابعاً= فيها تفجَّر شِعريَ الدَّفَّاقُ

اسمُ الهفوفِ يزين كلَّ قصائدي=ولهُ أُجِلُّ وتدمُعُ الآماقُ

ياإخوتي في الله لاتنسوا إذا= مالاحَ صُبحٌ وانتشت أشواقُ

وتغنَّتِ الورقاءُ تذكُرُ ربَّها=وبدا لكم بين الغصونِ عِناقُ

أن تبعثوا لي دعوةً شفَّافةً=في ظهر غيبٍ كم لها أشتاقُ

ستظلُّ ذكراكم تُعطِّرُ خاطري=يهفو إليها قلبيَ الخفَّاقُ

وكان الشعر جفاني ردحاً من الزَّمان فاستفاق على قصيدته وانتعش وأرسل مراكِبَهُ ببطاقة حبٍ لأقول له فيها:

حتى طغى بحر الشُّعور بمهجتي= لمَّا قرأتُ رسالةً بالأمسِ

من شاعرٍ يُهدي الجميع شَغَافَهُ= صافي السريرة لايبيع ببخسِ

قد كان يذكر شوقه لأحبَّةٍ =ولندوةٍ تُحيي الأديب بِعُرْسِ

ولكُلِّ من يبري بريشة فنِّهِ= أدَباً رفيعاً من فُراتِ الحِسِّ

ولشيخها المحمودِ دُرَّة عقدها= تاجُ الوقار بوجهه ذي الأُنسِ

وعلى مُحيَّا وجههِ إشراقةٌ= والألمعيَّةُ في سموِّ النَّفسِ

واللوذعيَّةُ في رواءِ مودَّةٍ= بالعلمِ راسٍ والهُدى والأُسِّ

أنَّى التفتَّ إليه معن فضيلةٍ = قمراً منيراً في الليالي الدُّمسِ

رحمه الله كان الخُلُقَ الرفيعَ سمتُهُ ،والأدبَ الجَمَّ صِفَتُهُ، والتَّواضعَ حالُهُ، يحترم الناس ويقدِّرهم فأحبوه، كان محطَّ الإعجابِ والتَّقدير والاحترام من الجميع .

أتمَّ حفظ القرآن في الستين ،وبدأ بنظم الشعر بعد الستين ،وكم من جلساتٍ بيننا ومسامرات ، وكم من لقاءاتٍ أدبيةٍ كانت وأُمسيات ،كان الشعر ينسال فيهاومنها عذباً رقراقاً ، وقد كتب مايزيد عن ثلاثة عشر ألف بيتٍ من الشعر كلها نفحاتٌ إيمانية وتألَّقات فكرية،وإشراقاتٌ ،وتأملات،من أحاديث القلب والرُّوح والوجدان.

أذكر أنَّه لما رُزقتُ بولدي د.أنس في فجر عيد الفطر عام 1406هـ وماأعظمها من هديةً وعيديةٍ من المولى سبحانه جلَّ في علاه لم تسعني الدنيا كلها من شدة فرحي، فلله الحمد والمنة على ماوهب ،وكان أن كتب لي وأهداني بماء قلبه قصيدة رحمه الله بتاريخ 25/10/1406هـ قال فيها:

أنَسٌ أتى يامرحباً بالأُنسِ= أهلاً وسهلاً مُنيةً للنَّفْسِ

قد كان أمنيةً تُعَلِّلُ نفْسَنا=نشتاقُ في حُلُمٍ وصحوةِ نفْْسِ

واليومَ إذْغنَّى البشيرُ باسمهِ=فالكُلُّ أضحى في مباهجِ عُرٍسِ

فاهْنأْ أباأَنَسٍ بمقدم شِبْلِكُم= ماصحَّ إيمانٌ يُصابُ بيأْسِ

واشكُرْ إلهاً كم يفيضُ عطاؤهُ= أنداؤهُ تسقي براءةَ يَبْسِ

فاسقِ الغِِراسَ رحيقَ إيمانٍ به= تحيا القُلُوبُ فلا تبوءُ بِوَكْسِ

قد كُنت مَرْجُوَّاً لصدقِ أُبوَّةٍ= هاقد أتَتْ هلّا تُصان بِلَبْسِ

وعسى ترى أَنَساً بلُطْفِ إلههِ=عَلَماً بِعِلْمٍ دائماً في الرَّأسِ

ويزينُهُ خُلُقٌ وحُسْنُ طَوِيَّةٍ=وصلاحِ دينٍ مُمْسكاً بالخَمسِ

يذكر الدكتور عبد اللطيف الهاشمي رحمه الله عن زيارته له ليلة وفاته في مشفى بخش في جدة حيث قال:رأيته باسماً متهلِّلاً في أنضر صورةٍ ،وأحسن حالٍ ،وشدَّ على يدي ،وأخذ يحدِّثنا وكان مماقال : إني أشعر ولله الحمد أني قد أدَّيتُ الأمانة على أحسن وجه ،وقد أكرمني الله بأبناء وأحفادٍ نشأوا في طاعة الله سبحانه ،فماذا أريد بعد ذلك ثم أخرج ورقةً وأعطاها لصهره فقرأها عليهم وبعد ساعات فاضت روحه لبارئها ،قريرةً مطمئنَّةً بإيمانها،طيبةً هنيَّةً بإسلامها وكان مما قاله فيها

يامرحباً بلقاء ربي = به مُنتهى أشواقِ صبِّ

به مُلتقى الأحبابِ ألقى = رضوانَ رحمنٍ يُلَبِّي

كُلُّ المَرامِ فلا لُغُوبٌ= نحيا الخُلودَ بِظِلِّ حُبِّ 

ياربِّ فاقْبَلْني نزيلاً= في وِدِّكَ الحاني المُحِبِّ

أنت الكريمُ ،جليلُ فضلٍ=فاغفرْ إلهي كُلَّ ذنبي

قد كُنتُ دوماً فيكَ أَسعى = فاجعلْ عَطَاكَ حميمَ قُرْبِ

لقد أحبَّ لقاء الله فأحبَّ الله لقاءه كما في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:من أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه.

فقلت: يا نبي الله أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت. فقال: ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بُشِّر برحمة الله ورضوانه وجنته أحبَّ لقاء الله فأحبَّ الله لقاءه، وإن الكافر إذا بُشِّرَ بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه.

وتوقف القلب الذي كان يعمر بالحب لله ورسوله والمؤمنين ،ونعمَّا هذا الختام ،ويالروعته وبهائه ،ويالحُسْنِهِ وجماله ،رحمه الله ،وطيَّب ثراه ،وأحْسَنَ مثواه ،وتقبَّله في علِّييين ،والحمد لله رب العالمين .