الأستاذ عبدالله أحمد الشباط

 

الأستاذ عبدالله أحمد الشباط (‎١٣٥٣- ١٤٣٨) هـ

 

 

الثقافة هي خلاصة وروح ما يكتسبه المرء من مجتمعه، وما يطلع عليه طيلة عمره من الآداب والمعارف، والفنون والعلوم ،والأخلاق و القيم، وتلك هي التي تحدد هويته الثقافية، و شخصيته المعرفية، و قيمته المجتمعية.

‎والشخصية التي نتحدث عنها شخصيَّةٌ فذَّةٌ، فذَّةٌ بحق بما تمتلكه من مفردات الثقافة، و ما تحويه في جعبتها من ذخائرَ ،وكنوزٍ معرفية من خلال كثير قراءاته، وواسع اطَّلاعاته.

إنه الأستاذ الكبير، و الصحافي المخضرم،والكاتب النِّحرير و الأديب الذي يسيل القلم منه عندما يمسكه متفجراً ينابيع معرفية، وشلَّالات ثقافية تسقي بساتين الأدب والثقافة ،وتروي الإعلام والصحافة بمفالاتٍ ثرّة خصبة.

‎إنه الأستاذ عبدالله أحمد الشباط، رحمه الله و غفرله وتقبله في عليين.

‎وأستاذنا الفاضل شخصيةٌ فذةٌ ،متعددة المواهب؛ ترك أجمل الأثر، و أروع البصمات في مجتمعه، و في الحراك الصحفي والثقافي في منطقته من خلال مسيرته الأدبية و الثقافية و الصحفية التي حفلت بمقالاته و نتاجه، و كتاباته و كتبه خلال أكثر من نصف قرنٍ من الزمان، حاز خلالها على تقدير و احترام و إكبار و تكريم العديد من المؤسسات الثقافية و الصحفية والمجتمعية كان آخرها تسلم وسام الملك عبدالعزيز في مهرجان الجنادرية حيث كان الشخصية الأدبية ‎المكرمة في المهرجان لعام2014م

‎ويمكننا القول بأن أستاذنا القدير عبدالله أحمد الشباط رحمه الله وطيَّب ثراه أديبٌ نسيجُ وحده ،و صحافيٌّ تربع على عرش الكلمة واستحق بجدارة لقب “فارس الكلمة الصادقة.”

‎كان أستاذنا خصبَ الفكر، غزيرَ القافة، واسعَ الاطلاع، أديباً أريباً، و صحفياً لبيباً، كلماته خفقات قلبه، و سطوره مداد فؤاده، و مقالاته عصارة فكره، يهوى الأصالة و الإبداع ،ولايعرف المكر والخداع ، صادقاً مع نفسه ومع مجتمعه ،يعشق المكارم و الوفاء،ويهيم حُبَّاً في هَجَر ٍوالأحساء ، حضارةً و تاريخاً، تراثاً وتليداً، موطناً و نخيلاً، فهي هواه و مهواه ،وهي عشقه ومبداه، وهي أصله ومنتهاه ،بأرضها و سمائها، ببدوها وحضرها ،بمدنها وقراها، بقبابها وقلاعها ،بأسواقها ومزارعها.

أحبَّ الوطنَ كلَّه وكان مخلصاً له فأعطاه عُصارةَ عمره بذلاً وتروية،فداءً و تضحيةً.

‎وأحبَّ المنطقة الشرقية فأهداها شبابَه و شيبتَه، ونتج فيها ولها جُهْدَه و عَرَقَه.

و أحبَّ الأحساءَ وهَجَر فأهداها لُبَّه و مِدَادَه، و نَفَحَها روحَه و فؤادَه.

وأحبَّ مسقط رأسه في المُبرَّز فكان يداعب الآخرين.

بقوله مُردداً قَوْل الشيخ الجليل عبدالله العبدالقادر رحمه الله فيها:

‎“وجدنا كُلَّ هَجْرٍ مُستقرَّا .. ولكنْ لم نجِدْ مِثلَ المُبَرَّزْ

‎كأنَّ مكانها في أرض هجرٍ .. طرازٌ لاح في ثوبٍ مطرَّزْ

‎جرت من تحته الأنهار حتى .. حسبناهُ من الجنَّات مُفْرّزْ

‎و ماذا أقول عن هذا العَلَم الأشمِّ ،والأديب اللبيب، والصحفي المخضرم، الذي حاز قصب السَّبق في ريادة الصَّحافة والثقافة في المنطقة الشرقية و الخليج، والذي أسس ولمَّا يزلْ في ريعان الشباب جريدة الخليج العربي عام ١٣٧٦ هـ

‎أما مقالاته و نتاجه، و تراجمه و كتبه التي بلغت العشرين؛ فقد أثارت أمواج الأدب و الثقافة في المنطقة الشرقية و الخليج العربي، لتصل إلى كل جزيرة العرب ليستخرج مكنونات الأدب والشعر والتراث من الخليج ، و ذخائرها الثقافية،و يبرز داناتها ‎المعرفية حيث ترجم و عرّف بالعديد من أدبائها و كتابها و،شعرائها و مثقفيها؛ تأصيلاً للثقافة و وإبرازاً للآداب التي قيلت فيها ، و تعريفاً بتراثها وتالدها، فهو ابنها وسليل بجدتها ، ُو نجلُها البارّ بها ُ،والعاشقُ الوالهُ لها، و المعرّف بمن وفد إليها من الأدباء والشعراء الذين تعلَّقوا بهواها.

‎وكنت قد تعرفت عليه قبل أكثر من ثلاثة عقودٍ من الزمان في المجالس الأدبية، والندوات الثقافية ،والأمسيات الشعرية ،التي جرت في الأحساء ،وفي النادي الأدبي في المنطقة الشرقية ،وكانت صلتي به أوثق خلال السنوات العشرة الأخيرة من حياته وعلاقتي كانت به أوطد خلالها .

وعندما وصلني خبر وفاته كان وقع الخبر عليَّ شديداً وزاد من وقع الألم والمصاب أنَّني كنت خارج المملكة فواجبه عليّ كبير، وصلتي به وثيقه، وفضله علي غامر، ‎أجل تذكرت ماكنت كتبت يوم فراق أديبنا وشاعرنا بحتري الأحساء الأستاذ / يوسف عبداللطيف بو سعد رحمه الله يوم وافاه الأجل وأبلغت به

‎وكنت في العيادة وكأنما وقع هذا المصاب هو نفس الوقع لأكرره هنا لأستاذنا الفاضل عبد الله الشباط مرثيةًً من الأعماق تغمده الله بواسع رحمته حيث قلت فيها :

‎أأرثيك !! لا والله ماكنت مزمعا = وفكرت يوماً أن أكون مودِّعا

‎تصدَّع قلبي مذ تناهى لمسمعي = نعيٌ يدوِّي بالهفوف مروِّعا

‎صمتُّ وخارَ العزمُ مِنِّي وقوَّتي= وأمسى فؤادي بالمصاب ملوَّعا

‎مضى صاحبُ الفنِّ الجميلِ وريشةٍ = تصوغُ بألوان الجمال روائعا

‎أذكر أنه اتصل بي قبل اثني عشر عاماً وبالتحديد في 15/9/1428 هـ وبعد سؤاله عني وماجلَّاه فيها من لطفه وأدبه ودماثته وفضله قال : أرجو أن تطلع على صحيفة الجزيرة عدد هذا اليوم (رقم العدد : 218 ) فسارعت لاقتنائها وإذ بي أفاجأُ بمقالة طويلة تفضل فيها أستاذنا الجليل مشكوراً بالكتابة عني عنوانها (محمد إياد العكاري الشعر والطب ) كتبها بأدبه وحسه وجمال أسلوبه تحدث فيها عن محبتي للأحساء وعلاقتي مع أدبائها وشعرائها وكتابها وصلتي بمجالسها وبخاصة الأحدية أو الأحمدية وعلاقتي الوطيدة مع صاحبها الشيخ الجليل والأديب الكبير / أحمد بن علي آل الشيخ مبارك تغمده الله بواسع رحمته , وكاتب مقالتي هذه وتقبلهم في عليين.

‎كانت المقالة عبارة عن متابعة دقيقة لحركتي الادبية ورحلتي الثقافية مع الأحساء والشعر وكأنها دراسة أدبية عني استعرض فيها ما نشرته من قصائد شعرية ودواوين وتحدث بالخاصة عن علاقتي بندوة الشيخ أحمد وبصاحبها وروادها وختم مقالته بما رثيت به بحتري الأحساء الأديب الشاعر الأستاذ / يوسف بن عبداللطيف بوسعد رحمه الله وكأنما قرأها كاملةً وأعجب بها وبماتضمنته من مشاعر صادقة وأحاسيس دافئة سكبتها بمرثيته ليختتم بها مقالته عني قبل عشر سنوات وماأعجب الأيام وتتابع أحداثها !!!.

‎كنا نلتقي مع بعض في أمسيات وندوات مختلفة في الأحساء والشرقية حدث أن اتصل بي ذات مرةٍ وبالتحديد في شوال 1436هـ وقال لي نريد أن نستضيفك في أمسية شعرية في ثلاثائيتنا وصالتنا الأدبية التي تقام في الخبر في بيته العامر كل أسبوع فأجبت الدعوة وكان أن تمت الأمسية بحضور لفيف من الأدباء والشعراء والكتاب والوجهاءألقيت فيها قصائد عدة مختلفة الأغراض الشعرية من وجدانيات وحماسيات وختمت الأمسية بقصيدةٍ لي عن الأحساء في أمسيةٍ أقامتها إثنينية النعيم الثقافية مشكورة تكريماً لي بعد ربع قرن من الزمان قضيتها في الأحساء بتاريخ ١٢/٣/١٤٢٧ه والتي استضافنا فيها في مزرعتهم أبناء الشيخ / حسن العفالق رحمه الله وطيب ثراه كان هذا بحضور جمعٍ غفير ٍ من أدباء وشعراء ووجهاء الأحساء حيث قلت في قصيدتي ا :

‎عروسٌ لي ومـــا قدَّمتُ مهـرا = ولـو أمهرتُ مـا وفَّيـْتُ قـدرا

‎لسان الحال يهتف بالسَّجايا = وينبضُ بالهوى عشقاً وسحرا

‎وقلبي شفَّهـا بيـن الحـنـايــا = وخطَّ الحبُّ في الجنبين سِفرا

‎وتـألـفُ مُهجتي وتقـرُّ نفسـي = ويأنـسُ خافقـي ليبـوحَ شعرا

‎وطـابَ لـيَ المقـامُ بـصفــو ودٍّ = بِكنـْهِ الـرُّوح سُكناهـا استقـرَّا

*****

‎أتيتُ لها وكنت عزفتُ عنها = فصرتُ لها كما الأرحام بَرَّا

‎وشبتُ بها وجئتُ لها شباباً = بنيتُ بها بروض الودِّ قصرا

‎وعشتُ بها وتسكنُ في فؤادي = فبتُّ الخِلَّ والأحبابُ أدرى

‎توسَّطتِ الخليج بعرسِ نخلٍ = بـهِ تاهـتْ على الأقرانِ فخرا

‎شبيهـةُ طيبـةٍ والنـَّاس فيها = نعمَّا الناس والأصـداءُ ذكرا

********

‎المهم وبعد مرور أكثر من شهرٍ من تاريخ الأمسية جاءني اتصال هاتفي آخر من أستاذنا الفاضل / عبدالله الشباط رحمه الله قال لي فيها إقرأ صحيفة اليوم لهذا اليوم فهناك ما يخصُّك فيها وأردفها بقوله ( بتستاهل ) فسارعت لاقتناء الجريدة وكلي فضولٌ وشوقٌ ولهفةٌ لمعرفة ما كُتب فيها وإذ بالعنوان الذي يتصدر المقالة هو ( المهر المسلوب ) أجل (المهر المسلوب )!!!؟؟ حيث تكلم في المقالة نيابةً عن الأحساء وطلب مني المهر الذي أقررته وهي تستحقه ولم أعطِهِ لها وأؤدها حقها كما تبدَّى من العنوان واستند بالدليل على ذلك قولي في مطلع قصيدتي (عروسٌ لي ومـــا قدَّمتُ مهـرا) المهم طالبني بمهر الأحساء المسلوب وشكل لذلك لجنة قانونية ترأسها هو والأستاذ الدكتور / عبدالرحمن العصيل حفظه الله ورعاه أستاذ القانون الدولي في جامعة الملك فهد , المهم أني اتصلت به بعد أسبوع من مكالمته لي وقلت له أنا جاهزُ للمرافعة والوقوف أمام اللجنة القانونية للدفاع عن نفسي وكان موعد اللقاء أمسية أدبية ثانية بعد شهرين من الأمسية الأولى حضرها لفيفٌ من الأدباء والشعراء والأطباء والوجهاء من الأحساء والشرقية منهم الأستاذ الفاضل/ خليل الفزيع والأستاذ الدكتور / عبدالرحمن العصيل وأستاذنا القدير / مبارك بوبشيت والدكتورالفاضل / نبيل المحيش والشاعرالرائع / جاسم المحيبس وأستاذنا الدكتور / عبدالرزاق حسين والأخ الدكتور حسن حتاحت والدكتور محمد أسد وآخرين أجلاء لم أذكرهم وخانتني الذاكرة حفظهم الله جميعا”ورعاهم المهم وبعد استعراض قصيدتي الأولى ومافيها انتقلت الى القصيدة الثانية التي رافعت فيها عن نفسي وقدمت فيها حجتي وعنونت قصيدتي الأخيرة بهذا العنوان.

(عروس الطهر)

‎أَدَعْوى ؟! والفؤادُ لَهَا أَسَــــــرَّا!! = وشَكْوى؟! والهَــــوَى ماعَادَ سِـــــــرَّا!!

‎وإصــرارٌ على الدَّعـوى ركــوبَاً = على الأمـواجِ بحْــــراً ثَمَّ بحـــــرا

‎وأَعْجَبُ أنَّ ما فيها ادعــاءٌ!؟ = بِسَكْبٍ لؤلؤيِ الحَرْفِ دُرَّا!!

‎وَتِلْكَ قَضِيَّةٌ أوْرَتْ فُؤادي = فَمَاجَ وحقُّها تمضي بِمَجْرى .

******

‎أدَعْوى !؟ وادِّعاءٌ حَوْل عَقْدٍ؟! = لَهُ شَهِدَ الجميعُ وكانَ جَهْرَا

‎وكيف يُقالُ ماأدَّيتُ حقَّــــاً؟! = ولمْ أُعطِ العَروسَ البِكْرَ مَهْرا!؟

‎وقد فُوجئت بالدَّعوى!! ورَدّي = بكلِّ الفَخْرِ والتَّقديرِ شُكْرا

*****

‎أدَعْوى من حَنَايا قَلْبِ صَبٍ ؟! = لصَبٍ في الحَنَايا شَفَّ ذِكرى..

‎وقد كـان التَّقـادمُ دفـْعَ لَبْسٍ.. = وأن يُطوى المَلَفُّ وَذَاكَ أَحرى

‎ولكنَّ الفريقَ رأى ادِّعــــــاءً = لِيُشْعِلَ ساحةَ الآدابِ شِعْرا

*****

‎عروسٌ ليْسَ يُشْبِهُها مثيلٌ … = لها القَــدَحُ المُعلَّى .. ليْسَ تُشرى

‎مُحيَّــــاهـا البَهَــــــاءُ، تتيهُ دَلَّاً = ومرآهـا النَّضيـدُ جَنَىً وذُخْرا

‎قُــــدُودٌ ماأحَيْــلاها تَبَــــــــاهى = بقاماتِ تميسُ تَضُوعُ عِطْرا

‎قِبابٌ للنَّــــــدى، وَرِيَاضُ حُسنٍ = وأمُّ المكرُماتِ.. غِنَىً وخيرا

‎رَضَعتُ حنانها، و غَذَت فُؤادي = ألِـفْتُ ريـاضَهـَا أُنْسَــاً ،وعُمْـرَا

*****

‎إلى قاضي القضاة أقـولُ رفْقَاً = بهذا الادِّعــاءِ ظلمتَ صِهْرا

‎فهذا المَهْــرُ حُقَّ ولـنْ يُوَفَّى = ولـو زِدْتُ المئينَ بلى ودُرَّا

‎ولو زِدتُ الألوفَ ورُمْتُ أُهدي = كنوزَ الأرضِ ماوفَّيْتُ قَـــدْرا

‎ولاالدُّنيا إذا أمهرتُ طُرَّاً = فلن ترضى بهِ ..ستقولُ عُذرا

‎ومهما زِدْتُ تَرفُضُهُ مُناها = حياةٌ بالصفاء تعيشُ دَهْرا

‎كَسَلْسَلِ مائها عَذبَاً زُلالاً = وأَنْ تحيا سليمَ الصَّدرِ بَرَّا

‎فمهر عروستي الخَفَقَاتُ حرَّى = ومَهْرُ عروستي الأنفاس طُهْـرا

‎ومهرُ الواحة الخضراء عرسٌ = وحبٌ نَسْغُهُ الإخلاصُ ذِكْرا

‎فهذا ماأنالُ بهِ رِضاها = فهـل تَرْضَوْنَ؟؟ لُطْفاً لَيْسَ أمْرا

‎وشيخ صحافةٍ بسديد رأيٍ = نِعِمَّا ماادَّعاهُ وماأقرَّا

‎ترأسَ جلسةً وأقام دعوى = ليحيي ذكْرَهَا فضلاُ وقَدْرا

‎وأهل الفضل أمنحهُم فؤادي = وأعصِرُهُ لهم شَهْـداً و قَطْـرا

‎وأمزجه بنسغِ الروح مني = وأجعله لهم رَوْضاً وزَهْرا

‎لقاضينا الأغرُّ أقول مرحى = فنعـم الادعـاءُ رؤىً وفِـكْــرا

‎ونعم فـريقُ محكـمـةٍ ودعـوى = بِحَـيْـثِيـَّـاتِهـا شِــعْراً ونَـثْـرا

‎فهذا مامعي من عُمْقِ غَوْصٍ = أعيشُ وواحتي عِشْقَاً وفَخْرا

‎وصفوُ الودِّ لاتُخفيه،طبعٌ = ليرسم في محيَّا الأنس بَدْرا

******

‎هي الأحساءُ فاتنةُ الَّليـــالي = وأجملُ واحةٍ في الأرض سِحرا

‎وأمُّ الخير أي والَّلـــهِ جُوداً = وأهلوها همُ الأخيارُ بِشْرا

‎وأحسبهم كمثلِ الشَّام أهـلي = وحقُّ الأهلِ مااستُبقيتُ بِرَّا

‎وحقُّهمُ مدى الأزمانِ وصلٌ = ولن أنسى بطولِ العُمْرِ هَجْرا

‎هي الأحساءُ تحيا في كَيَاني = ومازالتْ عروسُ الطُّهرِ بِكْرا

‎المهم أني سألت أستاذنا الفاضل رحمه الله أثناء المرافعة هل رضيت ؟؟؟فقال لي رحمه الله واحسن مثواه وتقبله في عليين: رضيت ……رضيت وكانت فرحته غامرة ومحياه متألقاً. والحقيقة التي هي كعين الشمس أنني لولا موقفه ودعواه وإثارته لي وشكواه لما كانت هذه القصيدة وهو صاحب الفضل لي فيها أجل تذكرت هذا الرجل وفضله ،وتوقَّفت متأملاً في أدبه ،وأخلاقه ،وكرمه، وثقافته وعطائه وما قدمه لبلده المملكة العربية السعودية من عطاءٍ ثر ، وأدبٍ جم، وصحافةٍٍ باهرةٍ، طيلة خمسين عاماً أثراها بمؤلفاته الأدبية التي تجاوزت العشرين ومقالاته الصحفية التي لاتحصى.

تذكرت هذا الصرح الثقافي والمعلم الصحفي وكنوز معرفته مع ما كان يتمتع به من علاقاتٍ متميزةً مع أدباء المملكة والخليج والوطن العربي وماكتبه عنهم وماكانت تربطه فيهم من علاقات وطيدة مع الكثيرين من الأدباء والكتاب والشعراء الوافدين للمملكة والمنطقة الشرقية حيث ملك قلوبهم بدماثة أخلاقه، وطيب صحبته، وواسع علمه ،ومخزون ثقافته والأهم ما يحمله لهم من كبير احترام،وعظيم تقدير ، وأدب جم فَحُقَّ الوفاء لمثله والتكريم لشخصه حيث كان محل تقدير ومحبة الجميع في ربوع المملكة وفي الخليج والوطن العربي فاستحق بجدارة وسام الملك عبدالعزيز رحمه الله والذي تقلده في مهرجان الجنادرية عام 2014 م .

‎لأقول في الختام أنه من الواجب علينا أن نهتم بآثار هذا الأديب الكبير وهذا الصرح الصحافي العملاق وهذا المخزون الثقافي الكبير وما ترك من آثار آدبية ومخزوناتٍ ثقافية وعصاراتٍ فكرية ولابد من دراساتٍ عنه وعن أدبه وثقافته وحياته وسيرته وهنيئاً لبلدٍ هو المملكة أنجب أمثال هؤلاء الأفذاذ والأدباء الكبار والصحفيين المخضرمين الذين قل نظيرهم بما قدموه من عطاءاتٍ ثرةٍ حفلت بها الساحة الأدبية والثقافية علاوةً على ما اتصفوابه من أخلاق عالية وآدابٍ رائعة وفضائل متميزة كمثله وكمثل الشيخ الجليل أحمد بن علي آل الشيخ مبارك وكمثل شاعرنا بحتري الأحساءالأستاذ/ يوسف بن عبداللطيف بوسعد رحمهم الله وأحسن مثواهم وتقبلهم في عليين .

‎لأقول في الختام الأبيات التي اختارها هو بنفسه في ختام مقالةٍ له عني قبل اثني عشر عاماً تلك المرثية التي كتبتها في رثاء بحتري الأحساء الأستاذ/ يوسف بن عبداللطيف بوسعد رحمه الله كأني أصدرهاله ولهم من أعماقي وأكتبها له بماء قلبي الآن ولجميع من ذكرتهم دعاءً ورثاءً مخطوطةً بروحي ونبضي وحسي ومشاعري:

بَكَيْتُكَ خِلَّاً صادقَ الودِّ صافياً =بكاك جَنَاني ألمعيَّاً تربَّعا

‎بَكَتْكَ عُيُونُ الشعر وأنسابَ دمعُها =فمن للقوافي الآن يُثري مُدَافِعا

‎ومن للنَّخيلِ المشرقيِّ مُغَرِّداً = ففارسُ هَجْرٍ قد توارى وشُيِّعَاً

‎ومن للرياضِ المُزهراتِ وضَوْعها =سقاها وغَنَّى للنَّضارِ مُمَتِّعا

‎سَقَتْكَ شآبيبٌ من الغيثِ رحمةً = وجادَ إلهي بالقَبولِ تَضَرُّعا

‎ومدَّتْ رياحينُ الجِنَان رياضَها = لتكسوَ قبراً بالمآثر ضوَّعا

‎رحمهُ الله، وطيَّبَ ثراه ،وأكرم مثواه، وتقبَّلهُ في عِلِّيِّين والحمد لله رب العالمين