الشيخ عبد الرحمن الدقر

من علماء دمشق المغمورين لشدة تواضعه وعدم رغبته في الظهور رغم سعة علمه في الفقه والعربية وعلم المواريث وعلوم القرآن .. والده صادق عبد الغني الدقر الأخ الأكبر للشيخ علي الدقر رحمه الله.والذي كان يعمل في التجارة والزراعة .

ولد عام 1905 في زقاق البرغل من حي الشاغور بدمشق. وتوفي عام 1999 حيث دفن في مقبرة نبي الله ذي الكفل بجبل قاسيون....توفي والده وهو في مقتبل عمره حيث رعاه عمه الشيخ علي رحمه الله.

بعد أن أنهى دراسته الإعدادية في المدرسة الكاملية التحق مع صهره (زوج أخته) السيد لطفي حمور يتدرب على العمل التجاري. لكنه لم ينسجم مع تلك المهنة والتحق بحلقات عمه الشيخ علي التي كان يقررها في جامع السادات (مدخل سوق مدحت باشا) وكان تحصيله سريعا لعلوم القرآن والفقه والعربية وغيرها حتى صار أحد معاوني الشيخ المهمين في العمل الدعوي والتربوي ...

ولعل أهم إنجازاته أن الداعية الكبير الشيخ عبد الكريم الرفاعي أتت به والدته وهو شاب مريض، وكان لا يزال أمياً وتركته بأمانة الشيخ علي لتعليمه فكان أن وضعه في غرفة الشيخ عبد الرحمن والذي أشرف على تعليمه ابتداء من ألف باء العربية ولازمه لسنوات .

وقد أكد لي الشيخ عبد الكريم نفسه هذه المعلومة ...

ومع تعلمه في المسجد حفظ القرآن وأجازه الشيخ الحلواني رحمه الله على قراءة حفص، ثم ختمه كاملا مرات ومرات على الشيخ عبد الوهاب دبس وزيت.

عندما قامت الثورة السورية ضد الفرنسيين شجع الشيخ علي الدقر رحمه الله تلامذته للالتحاق بها فالتحق والدي مع الثوار في الغوطة مع المجاهد الشيخ محمد الأشمر وقد سلمه إدارة التموين لمجموعته وبقي لسنين يقاوم الاستعمار الفرنسي مع المجاهدين في الغوطة حيث أصيب بالملاريا والتي كان لها أثر كبيرعلى صحته العامة طيلة حياته ...

من مشايخه وأعلاهم رتبة: الشيخ بدر الدين الحسني رحمه الله حيث حضر دروسه في علم الحديث التي كان يقرؤها في الجامع الأموي تحت قبة النسر .كما حضر دروس الشيخ إبراهيم الغلاييني، والشيخ أبي الخير الميداني رحمهما الله .

عندما أنشأ الشيخ علي الدقر الجمعية الغراء للتعليم الشرعي والعام شارك الشيخ عبد الرحمن في تأسيسها، ثم افتتح الشيخ علي عدداً من المؤسسات التعليمية الرائدة منها مدرسة وقاية الأبناء في حي الميدان.. حيث عهد بإدارتها إلى الشيخ حسن حبنكة، وكان هو من معلميها مع نبذة نجباء من تلاميذ الشيخ منهم الشيخ يوسف عرار، والشيخ ياسين الصلاحي، والشيخ عبد الوهاب الصلاحي، والشريف اليعقوبي، والشيخ نعيم الطرقجي ثم اختار لإدارتها لأشهر الشيخ أحمد الصابوني، ومن ثم عهد بإدارتها إلى الشيخ عبد الرحمن، الذي تفرغ لها وأعطاها جل وقته . وكان مع إدارة المدرسة يعلم الطلاب تلاوة القرآن وتجويده وعلومه، فلا يتخرج الطالب من الصف الخامس إلا وهو متقن للفرآن وحافظ لأجزاء منه. يشهد له بذلك أهالي حي الميدان جميعاً من ذلك الجيل الذي عاصر تلك المدرسة وبقي فيها أكثر من أربعين عاماً. وقد درست المرحلة الابتدائية شخصياً في تلك المدرسة وكان من معلميها الشيخ عبد الحميد حباب والشيخ محمد أنيس الصلاحي، وجميل الخوام، والشيخ سليم الحمامي رحمهم الله جميعاً...

وكان له - رحمه الله - جلسات علمية متقدمة ومهمة مع أهل القرآن وحفظته لمدارسة علوم القرآن وتجويده حيث كان له غرفة في جامع العداس بحي الشابكلية يجتمعون فيها.

وبعد هدم الجامع المذكور في تنظيم فصر العدل انتقلت الحلقة إلى جامع السباهية، وقد رافقته إلى غرفته في كلا المسجدين وأنا صغير وشاب واستفدت من تلك المدارسات في إتقاني لتلك العلوم الشريفة لإتقان علوم القرآن الكريم تجويداً ومدارسة .

وكان من الملازمين لحلقات الشيخ عبد الرحمن الدقر تلك عدد من أكابر الحفاظ والمقرئين منهم الشيخ خليل الهبا، والشيخ جميل الزيناتي، والشيخ بهاء الدين الطباع، والشيخ منير الفقير وغيرهم ...

وكان رحمه الله شغوفاً بتلاوة القرآن يطرب لتلاوته ولا ينقطع عنها ليل نهار، وكان يختم كل أسبوع مرة بتلاوة هادئة . ولما صار في عمر متقدم وكان يصعب عليه التنقل منه عرض عليه الانتقال إلى بيت له مصعد فرفض وقال: إيتوني ببيت قرئ فيه أكثرمن 2400 ختمة.

كما مارس الدعوة من خلال خطبه للجمعة حيث كان يحضر لها ويجمع لها طيلة يوم الخميس فلا يخرج السامع إلا بموضوع متكامل واع.فقد كان يخطب في حامع الخجا في الفتالة بحي المزة لسنوات، ثم انتقل إلى جامع الفواخير في شورى من حي المهاجرين رحمة الله عليه..