غمرة المحب - الحب
غمرة المحب
د. بسام الطراس

الحياة هموم ومتاعب، ومع أننا نعيشها يومياً ينبغي أن لا نألفها وألاّ تصبح الخبز والإدام، والأزواج المحترمون يشعرون بمتاعب الزوجة المَصون, ويتذوقون مرارة صبرها وكثرة أعبائها. كم من رجل يدخل بيته مرهَقاً ليأخذ زاوية يسترخي فيها وكأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، ثم ينام مِلْءَ جفونه ويتوِّج أنَّاته في كثير من الأحيان بموسيقى «الشخير الإستراتيجي»، ثم يستيقظ صباحاً ليرتدي ملابس عمله ثم ينصرف وكأنه نزيل فندق أو عابر سبيل!
أيها الأزواج المحترمون، غمرة حنان من الرجل لزوجته تزرع الأمل وتعيد النشاط وتريح النفس، ويحلو طعمُها عندما توضع على نار الصدق الهادئة، وتفوح رائحة شذاها عندما تضاف إليها توابل الكلمات وخلطة الوفاء السرية، لتصبح أغنى الوجبات اليومية وأنفعها.
إن كنت - أيها الزوج المحترم - لا تُتقنها فواجب عليك أن تتعلّمها، وإن كنتَ تُلمُّ بها وشَغوف بتفاصيلها، ولكن العمل وكثرة الضغوط تُبعدك عنها، فضعها في سُلَّم أولوياتك إن لم يكن في أول أولوياتك.
إنّ من أعظم المنشِّطات التي تعطيها لزوجتك، تُعينها بها على تربية الأبناء دون ملل، وتُنسيها بها آهات الخوف والوجل من مستقبل الأيام، أن تغمرها بذراعيك الحانيتَيْن، وأن ترويَ عطشها أمناً ومودّة، لتتذوق طعم الحب القلبي الذي لا يعرف الكذب.   
وحذار من حديثٍ عن تعدُّد الزوجات في مثل هذه الأوقات، أو عن محاسبة ومعاتبة على أمر مرَّ وانقضى، خصِّص اللقاء للمحبة والعاطفة، وستجد نفسك آمناً مطمئناً، وستنجح في حياتك ومشاريعك، وسيقرأ فيك كل مَن يراك أو يتعامل معك أنك غنيٌّ بحُسن أخلاقك، ومشبَع بكلِّ احتياجاتك، وسيُعينك ذلك وزوجتك على غضِّ البصر وحِفظ الفرج.
وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى طامَّة كبرى: إنها السفر كثرة الابتعاد عن الزوجة والعائلة. ويضحكني، بل ويبكيني، مَن يقول بأنه يسافر ويتعب في أول حياته ليرتاح فيما بعد، وينسى المسكين أن اليوم الذي ولَّى لن يعود، وأن الخسائر التي جناها تفوق بكثير الأرباح الوهمية والمادية مهما كثرت.
إنها لحظات لا توصف تلك التي تمضيها أيها الزوج في أحضان العفاف والطهر، تُغنيك عن التفَّاحة الصباحية والوصفات الطبية، فاحرص عليها، ولا تجعل لشياطين الإنس والجن عليك سبيلاً، فقد يلِجون إليك من باب أنك أكبر من ذلك، أو أن زوجتك أسمى من النساء، فهي أم وحافظة وداعية... ولا تصدِّقه إن قال: ستأتي أيام نعوِّض فيها ما فات، فقد يصعب أن تجعل من خريف العمر ربيعاً.
ذق إن لم تجرِّب، وستنال أجراً كبيراً، وستعرف طعماً فريداً، وسيمهّد لك الطريق لدار قادمة، يتناجى فيها المتحابون على وَقْعِ: ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين