تريد شيئاً آخر فن الحياة الزوجية

 

سمر وبسام زوجان مضى على زواجهما عشرة أعوام.. ذات يوم أصيبت سمر بمرض صدري.. ألزمها الفراش... يا إلهي! إنها لم تنم منذ ثلاثة أيام.. مرّ اليوم الأول والثاني والثالث وهي تكابد الآلام ولا يغمَض لها جَفن، وفي اليوم الرابع كانت قد أوشكت على الجنون.. كان بسام يواصل نومه وهو يسمع شهقاتها وسُعالها وكأن شيئاً لا يعنيه.. ويسألها كل يوم وهي طريحة الفراش قبل أن يذهب إلى عمله عما إن كانت تريد شيئاً، فتُجيبه قائلة: شكراً.. ولكنها في هذا اليوم عندما سألها انفجرت باكية بدون وعي.. وبدأت تصرخ: لا أحد يهتم بي.. يا لها من ليالي سوداء...

كان بسام متوتراً.. لأنه لم ينم ليلته كما يجب.. رغم أنّه هادئ في العادة.. ولكنه رَدَّ بقسوة: ماذا تريدينني أن أفعل؟!.. إنني لا أستطيع أن أسرِّع مفعول الدواء.. إنها أيام وستُشفَيْن بإذن الله.. واندفع إلى الباب خارجاً.. في تلك اللحظة كانت سمر تشهق باكية، وكان بسام يشعر في داخله أنها على حق.. ولكنه تساءل بينه وبين نفسه: ماذا أستطيع أن أفعل؟

غير أنّه يستطيع أن يفعل الكثير.. ولكنه خرج دون أن يُعلِّق.. صاحت سمر بأعلى صوتها بعد أن خرج، حتى أن صرختها بلغت عنان السماء: إنه يدور حولي كالنحلة ما دمت بكامل عافيتي وزينتي، وها هو يتركني الآن ويمضي دون كلمة.. يا ربّي...

ما لم يكن يعلمه بسام أنّ سمر لا تطلب منه أن يشفيها لأن الشفاء بيد الله.. ولا تحتاج منه أن يترك عمله ويجلس بجوارها.. إنها تحتاج فقط أن يحيطها بذراعيه.. أن يُظهر تأثُّره.. أن يخفِّف عنها بقُبُلاته.. أو أن يمسح على شعرها بُحب.. أو يضمّها بإخلاص.. أو يُشعرها بحبِّه لها.. بتقديره لمعاناتها.. بخوفه عليها ولو بعبارة واحدة لا تكلفه شيئاً: يا حبيبتي...

 

ما لم يكن يعلمه بسام أنّ افتقاد المرأة في حال مرضها لمشاعر الحب يضاعف من شدة المرض.. ويجعلها فريسة له.. ويحوِّلها إلى طفلة تَضِجُّ بالحاجة للحب والحنان.. إنّ كلمة واحدة من بسام تحمل في طياتها ولو لمسة من حب أو شيئاً من حنان.. تجعلها تشعر كأنها قد شُفيت..

إنّ ضَمّة منك يا بسام تجعلها أحسن حالاً..

بسام.. أين أنت؟!

 

 

قد يكون بسام أحجم عن شيء من ذلك بسبب مواقف سابقة بينهما، أو ربما لأنه بارد بطبعه ولا يعبّر عن عواطفه، أو لربما يعتقد في نفسه أنّ زوجته سمر لا تستحق كلمة حب أو لمسة حنان...

ولكن يا بسام.. أحب أن أقول لك: إنّ كلمة حب منكَ لسمر في مرضها تجعلها لا تنسى لك هذا الموقف أبداً.. إن إحاطتَـك لها بذراعيك والتعبير لها عن مكانتها عندك وحبها في قلبك وتعاطفك معها كفيل بأن تبدأ زوجتك صفحة جديدة معك ملؤها الحب والامتنان.

منبر الداعيات

نشرت 2009 وأعيد تنسيقها ونشرها 23/3/2019

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين