العقاب الجماعي نمط حياة لمسلمي الهند

«عقاب جماعي».. «في كل مرة تقع حادثة تفجير إرهابية يقبض على مسلمين ويتهمون».. «هناك عشرات الآلاف من النماذج تؤكد أن قوات الشرطة تعتبر المسلمين ليسوا أكثر من مجرمين أو إرهابيين».. بهذه العبارات المريرة عبّر عدد من مسلمي الهند عما يعانونه بعد وقوع التفجيرات «الإرهابية»، وأحدثها تفجيرات مومباي. 

واعتبرت صحيفة «واشنطن تايمز» الأمريكية في عددها الصادر يوم السبت (21/2) أن مصطلح «العقاب الجماعي» هو الأنسب لوصف ما يتعرض له مسلمو الهند من انتهاكات وتمييز مع كل حادثة عنف توصف بـ«الإرهابية» تقع في البلاد, حيث يفرض عليهم المجتمع ذو الغالبية الهندوسية «الشعور بالذنب، وتتفاقم ضدهم الممارسات المهينة»، بحسب الصحيفة.

وطيلة الأشهر الثلاثة الماضية التي تلت الهجمات التي وقعت في مومباي - العاصمة الاقتصادية للبلاد- يشكو المسلمون من تنامي مشاعر وممارسات التمييز العنصري بحقهم.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن ليلى عاطف، وهي مواطنة هندية مسلمة تبلغ من العمر 30 عاماً، وتعمل في مجال التسويق: «في كل مرة تقع حادثة تفجير إرهابية يقبض على مسلمين ويتهمون، وكأن المجتمع المسلم في الهند يجب أن يدان بأكمله, لمجرد مشاركة بعض المسلمين في عمليات من هذا النوع».

وتساءلت: «هل يمكن أن نوجه نفس الاتهام الجماعي لشرائح المجتمع الأخرى؟».

وقال سابيتندراناثاه روي، وهو ناشر هندي في سيمنار عن العلاقات بين المسلمين والهندوس في الهند، في مؤتمر عقد مؤخراً في مدينة كالكتا: «أكثر من 41 من الذين قتلوا في هجمات مومباي كانوا مسلمين»، وأضاف: «هذا أمر متطرّف وعدواني أن ندين مسلمي الهند بسبب مثل هذه الهجمات, لمجرد أن الإرهابيين كانوا مسلمين وجاؤوا من باكستان».

وقال سوجاتو بهادرا العضو التنفيذي في اتحاد حماية الحقوق الديمقراطية في الهند: «هناك عشرات الآلاف من النماذج لتعنت قوات الشرطة ضد المسلمين، والشرطة في الهند تعتبر أن المسلمين ليسوا أكثر من مجرمين أو إرهابيين».

وأضاف: «ثلاثة أشهر من التحقيق مضت، بينما الصحف التي يفترض أنها تكشف الفساد نجد أنها تتبع نهجاً منتظماً في مطاردة غريبة النوع ضد المسلمين الأبرياء».

المتطرفون «قطرة في بحر»

وكتب تارون ج. تيغبال رئيس تحرير مجلة «تهيلكا» الأسبوعية: «يوجد في الهند 160 مليون مسلم، وحتى لو أن منهم عشرة آلاف متطرف فهم بمثابة قطرة في بحر، أو شجرة واحدة في غابة كاملة، وأن نقوم بتدمير الغابة بكاملها لإزالة الشجرة فهذا خطأ».

وبتعبير المحلل السياسي أماريش مسرا، الذي يعمل من مومباي، هناك «تيار خفي يعادي المسلمين، وبرغم أنه صغير، إلا أنه مهيمن, حيث يسيطر على مراكز الحكم والتعليم، بجانب وجوده في نخبة رجال الأعمال في البلاد».

وأضاف مستنكراً: «هذا التيار بدأ يلقي المسلمين خارج الشركات والأعمال وكذلك خارج المنازل»!!.

وكان وزير العلوم والتكنولوجيا الهندي كابل سيبال -وهو هندوسي- قد أقر قبل نحو عام بالتمييز الواقع ضد المسلمين، وقال: «إن المسلمين ضحايا تمييز عنصري تمارسه الحكومة والشعب على نطاق واسع».

تلفيق اتهامات ضد المسلمين

كما لفت النظر إلى أن «العديد من المسلمين تلفق لهم اتهامات باطلة بالتورط في الإرهاب»، بحسب قوله. ويواجه المسلمون معاناة طويلة مع التمييز العنصري، وتردي مستوى المعيشة مقارنة مع أقرانهم من الهندوس، وتكشف تقارير رسمية على سبيل المثال أن المسلمين الذين يمثلون 13% من التعداد السكاني للهند البالغ 1.1 مليار نسمة يعانون من ارتفاع نسبة الجهل والأمية في أوساطهم مقارنة بالهندوس.

كما يعاني المسلمون من التمييز في الوظائف العامة, فهم يحصلون على أقل من 7% من الوظائف الحكومية، ويمثلون حوالى 4% فقط من تعداد موظفي البنوك، ويوجد 29 ألف مسلم فقط من بين 1.3 مليون شخص في القوات المسلحة الهندية.

وأظهر تعداد سكاني أجري في عام 2006، أعد على أساس ديني، أن أعداد المسلمين تنمو بسرعة في الهند مقابل تراجع نمو الطوائف الأخرى، واعتبر محلل سياسي هندي أن هذه البيانات أثارت قلق جماعات هندوسية متطرفة، تخشى أن تهدد زيادة أعداد المسلمين هيمنتهم على البلاد.

مجلة الأمان العدد (346) من السنة (17).

نشرت 2009 وأعيد نشرها وتنسيقها اليوم 10/3/2019

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين