الشيخ عبد الغفار الدروبي إلى الرفيق الأعلى - ـ
الشيخ عبد الغفار الدروبي إلى الرفيق الأعلى

جدة / الجمعة 19 / محرم / 1430 هـ   الموافق 16 / يناير / 2009

بقلم الأستاذ حسام السباعي
صبرا آل الدروبي ، صبرا آل المراد ، صبرا علماء حمص ، صبرا علماء سوريا ، صبرا آل حمص ، صبرا آل مكة ، صبرا آل جدة.
فإننا لانقول إلا ما يرضي ربنا : إنا لله و إنا إليه راجعون.
رحمك الله يا شيخنا ، يا قدوتنا ، يا أستاذنا ، يا معلمنا ، رحمك الله رحمة واسعة ، فقد نزلت بضيافة الله و تلقتك ملائكة الله ، فقد قلت لي ليلة وفاتك و نحن عائدون إلى منزلك بابتسامتك المشرقة : "إنني أنتظر لقاء الله" و ليس غريب على أمثالك من أهل الصفاء و المعرفة أن يقول مثل هذه الكلمة عندما يستشعر بقرب اللقاء. فقد كان لك ما انتظرت و فتحت لك السماء أبوابها لاستقبال روحك الطاهرة بعد أقل من عشر ساعات من قولك لي هذه الجملة.
فقد كان لقاء الله في يوم الجمعة الساعة 11:00 صباحا ، بعد ان اغتسلت و صليت و قرأت تنتظر الصلاة ، هذا اللقاء الذي تنتظره بكل شـوق و حب و استـعداد تام ، فهنيئا لك يا سيدي ما قدمت لهذا اللقاء ، هنيئا لك بلقاء الأحبة محمدا و صحبه ، هنيئا لك بمثواك الأخير بجوار السيدة خديجة رضي الله عنها.
من من علماء سوريا و  أهالي حمص و قراها لا يعرف الشيخ عبد الغفار الدروبي !
من من أئمة الحرم المكي الشريف القدامى كالشيخ الخليفي رحمه الله ، و أهالي مكة المكرمة رواد حرمها و طلبة العلم و حفظة القرآن فيها الذين وفدوا إليها من مختلف أنحاء العالم لايعرف الشيخ عبد الغفار!
 من من طلاب جامعتها الغراء(أم القرى) و أساتذتها الدعاة ، لا يعرف الشــــيخ عبد الغفار!
من من أهالي جدة و علمائها و قرائها و مساجدها و منابرهـا و أهل قرآنـها لا يعـرف الشـيـخ عبد الغفار!
هذا العالم الرباني الجليل الذي اتصف بصفات كثير من كبار الصحابة رضوان الله عليهم و السلف الصالح رحمهم الله.
إنـه الشيخ عبد الغفار بن عبد الفتاح الدروبي ، المولود في حمص سنة 1920
هذا العالم الصالح المصلح ، المربي الزاهد ، الفقيه المحـدث ، القارئ المقرئ ، الــنحـوي الشاعـر ، المجاهـد الصابـر ، الأب الرحيـم ، الزوج العطـوف ، صاحب الفضائل و الشمائل التي تندر أن تجتمع برجل واحد.
أكرمني الله بصحبته و ملازمته قرابة ثلاثة عقود من الزمن ، تعلما و قراءة و سفرا و حضرا و نوما و أكلا و شربا و معاملة ، تعرفت من خلال هذه الفترة عن أعماق شخصـيته الفـذة الفريدة مـن كل جوانبها و كنـت أقـول فــي نفسـي و لبعض أهلــي و إخواني يندر أن أتصور أن رجلا في عالمنا اليوم ، في زماننا هذا ، يمكن أن يكون مثل الشيخ عبد الغفار ، فهو من البقية الباقية من السلف الصالح و لا نزكي على الله أحدا.
تجلت بشخصيته أسمى معاني الصبر و الثبات على المبدأ في زمن الفتـن و المحن و تبدل الثوابت ، فلم يتغير و لم يتبدل طوال حياته ، رأيت في شخصيته معاني التوكل و الإيمـان العميق الذي يزداد تألقا يوما بعد يوم ، عالما متواضعا بكل معاني التواضع، فلم تكن لنفسه عليه أي قيمة و ذابت الأنا في شخصيته فكان يعتقد بنفسه بأنه رجل قد يكون أقل عند الله من أي إنسان عادي في المجتمع.
تجــلت شخـصيته بمعانـي الزهـد الـحـقيقي ، و الرضا القلبي ، و الوقار و الحيـاء ، و الصمت و الملاحظة ، فقد كان قرآنا ناطقا متحركا ، يهيمن القرآن الكريم بأخلاقه و معانيه السامية على كل حركات الشيخ و سكناته. من رآه من بعيد هابه ، و من رآه من قريب أحبه ، و من جالسه و عايشه عشقه ، لما يرى فيه الناظر و الجاـلس و المعايش من صفات الهيبة و الوقار و الكمال و الجلال.
كلامه مسك و عنبر ، نظراته مختلفة عن باقي البشر ، صمته يذكرك بصفة سيد البشر ، حنانه و عطفه على كل البشر ، الصغير و الكبير ، و القريب و البعيد ، الزوجة و الإبن و الأحفاد ، يشهد بذلك كل من عرف و عايش الشيخ عبد الغفار.
رحمك الله يا سيدي يا أبا فيصل رحمة واسعة ، و عوض الله الأمة الإسلامية من أمثالك ليكونوا كما كنت ، و نسأل الله  أن يجعل مقامك في أعلى عليين فهذا هو ظننا بربنا و خالقنا فهو المكرم و هو المتفضل على عباده ، و نسأل الله الذي أكرمنا بصحبتك في هذه الدنيا  أن يحشرنا معك يوم القيامة تحت لواء النبي المصطفى صلى الله عليه و سلم ، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه خادمه و محبه
حسام السباعي
Email:
[email protected]

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين