خطبة الدكتور السلقيني عن غزة - ـ

خطبة الدكتور ابراهيم سلقيني في جامع الإمام أبي حنيفة بحلب بتاريخ:13محرم 1430الموافق:9/1/2009

المؤامرة على غزة والموقف المطلوب من المسلمين


1الحمد لله الحمد لله آناء الليل وأطراف النهار ملئ السموات وملئ الأراضين حيثما توجه الإنسان وأينما استقر، الحمد له العلي القادر، العزيز القاهر، الخبير الذي لا ينسى، الحكيم الذي لا يضل.
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه.
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا.
أيها الأخوة الأحبة: لنسمع كلام الله تبارك وتعالى في وصف تلك الشرذمة الطاغية الباغية الظالمة المتوحشة، يقول تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) كان أيها الأخوة في اللغة العربية لا تدل على الماضي فقط بل تدل على الاستمرار أيضاً، والقرآن الكريم نزل بلغة العرب ،ويقول تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين:(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) ،ويقول تبارك وتعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ * وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ _يعني من وراءهم_ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).
أيها الأخوة الأحبة: إن الصراع بين هذه الأمة وبين الصهاينة ليس صراعاً مؤقتاً، ولا صراع هذه الأيام فقط ؛إنه صراع موت أو حياة بالنسبة لناصراع وجود أو لا وجود ،صراع مستمر لأنه تابع لسنة من سنن الله تبارك وتعالى، وأمر من أوامر الله ،وقدر قدّره الله ، وجاء هذا على لسان حبيبنا ونبينا الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى: (إن هو إلا وحي يوحى) حيث يقول: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبأ اليهودي وراء الشجر والحجر فيقول الشجر أو الحجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود).
إن المؤامرة الكبرى التي نشهدها في هذه الأيام على أرض غزة ؛تآمر من الصهيونية ومن وراءها أمريكا، ومن وراءها أيضاً أناس من جلدتنا ينادون بشعاراتنا، ويتكلمون بلغتنا! ولكن ويا للأسف هذه الأنهار من الدماء، وهذه الأشلاء من أجساد النساء والأطفال لا تحرك عروبتهم ولا إسلامهم ولا نخوتهم! وكما قلت سابقاً:
رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه صبايا اليتم
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
هذه الدماء هي في سبيل تحقيق السيطرة لإسرائيل،  ولمصالحها، والأمريكان كدولة ومصالحهم سيطرتهم على هذه المنطقة سيطرة كاملة تمحو هويتها، وتستغل خيراتها ومقدراتها، وتحاول أن تقضي على كل مقاومة ،على فصائل كل مقاومة، وكل جهاد حتى تمهد الطريق لإقامة هذه السيطرة جواً وبحراً وأرضاً ونفطاً وثروات وموقعاً. نعم حتى تستولي أولاً في أول مرحلة وتمنع أي تسلح يحمله مقاومون ومجاهدون مهما كان السلاح بدائياً.
أيها الإخوة الأحبة: إن مما يدمي القلب هذه المشاهد التي لا تحرك أكثر حكامنا ،وأهل القرار فينا ،لا تحرك ضمائرهم حتى ولا إنسانيتهم! ألا فليعلموا ولنعلم جميعاً أنه لا قدر الله إذا قضي على المقاومة في غزة فسيقضى علينا جميعاً- أكلت يوم أكل الثور الأبيض - نعم لأن أطماع إسرائيل ليست فقط لم تعد تكتفي فقط بفلسطين وقد استولت عليها واغتصبتها من أقصاها إلى أدناها ومعها أيضاً أرضنا الجولان، ومقدساتنا أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين.
أيها الأخوة الأحبة: إن هذه منبهات وأرجو أن تكون منبهة لأصحاب القرار فينا الذين مالؤوا أعداءنا وتعاونوا معهم، وأيدوا مواقفهم، وشاركوا في هذه المواقف ،أرجو أن تنبههم هذه الأحداث؛ فيعودوا إلى صوابهم، ويعودوا إلى عقولهم ،وخصوصاً أولئك الذين بينهم وبين أعدائنا الذين يسحقون أبناءنا وبناتنا وأطفالنا ونساءنا أن يتنبهوا فيسارعوا إلى إنهاء الطريق المسدود الذين سموه التطبيع ،ويسارعوا إلى قطع العلاقات بينهم وبين عدو هذه الأمة ،وعلى هذه الحكومات أن  يطردوا سفراء الصهيونين ،ويسحبوا سفراءهم ويعمدوا إلى جمع كلمة شعوبهم وتوظيف طاقاتهم.
هذه الأسلحة التي تنمى كل يوم بمليارات لماذا؟ إذا لم نكن نجتمع لنقف وقفة واحدة ونستخدمها فماذا ننتظر؟ هل ننتظر حتى تنتهي غزة وقد انتهت قبلها فلسطين وننتهي جميعا من الوجود؟. ليتصوروا وليتصور كل منا أيها الأخوة كل واحد منا أن ما يجري في غزة لا قدر الله إذا بقيت الأمور تسير على هذا الطريق فسيجري علينا لنتمثل لا قدر الله  إذا جرى على بناتنا وكلهم بناتنا وعلى أبناءنا وأطفالنا ونساءنا وكلهم أطفالنا إنما المؤمنون إخوة كيف يكون موقعنا بعد فوات الأوان ؟
أيها الأخوة: إن من الواجب أيضاً أن نسارع ونبادر إن لم نستطع اليوم أن نقدم أرواحنا ودماءنا مع المقاومين فلا أقل  أن لا نضن بأموالنا لإنقاذ ما تبقى، ولتعويض البيوت التي هدّمت فوق رؤوس أطفالنا وأبنائنا ونساءنا.
أيها الأخوة الأحبة: الدفع في هذا المجال، والتبرع في هذا المجال من أعلى درجات الزكاة المفروضة عند الله عز وجل فضلاً على أن المطلوب ليس فقط الزكاة المفروضة وأمامنا أبواب الصدقات الواسعة.
أيها الإخوة: وإن شاء الله تعالى هناك بعض الطرق التي يمكن أن تصل إلى الهدف المنشود ،ويعتبر من الزكاة سواء كانت نقوداً، أو أموالاً عينية، وأي عون مادي أو معنوي فهو مطلوب منا جميعاً ،وقد علّمنا إسلامنا أننا في مجال النفقات الخاصة على أنفسنا وأهلينا أن تكون النفقة في حدود الاعتدال لا إسراف ولا تقتير(وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) وأما في مجال البذل والعطاء، وإنقاذ المنكوبين، وفي سبل الخير المختلفة فلا سرف ولا تقتير في الخير ،والله تبارك وتعالى يقول: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) ويقول عز من قائل: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ويقول عز من قائل: (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) ويقول صلى الله عليه وسلم بعد أن قال: ثلاثة أقسم عليهن ويذكر من هذه الثلاثة: ما نقص مال من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا أبدله الله بها عزا ولا فتح عبد على نفسه باب مسألة إلا فتح على نفسه باب فقر.
أيها الأخوة الأحبة: نناشدكم ونناشد كل مؤمن وكل حريص على نفسه قبل غيره أن يسارع بدافع ديني وخلقي وإنساني إلى تقديم ما يستطيعه لمواساة إخوتنا المنكوبين وحينما نواسيهم إنما نواسي أنفسنا ألم يقل الله عز وجل: (من عمل صالحاً فلنفسه) ويقول: (وما تنفقوا من خير فلأنفسكم) ويقول عز من قائل : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم:  (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) ويقول: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والآخرة والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه) ويقول: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) وإننا ننادي أنفسنا وننادي إخوتنا، وكل أخ منا ينادي من حوله أن نلجأ أولاً وأخيراً إلى التوبة الصادقة إن كان علينا حقوق نبادر ونسارع إلى ردها لأصحابها، وأن نكثر من الدعاء لأنفسنا ولإخوتنا المجاهدين في غزة وفي غير غزة نكثر من الدعاء ليلاً ونهاراً وسحراً لعل هذه الصراخات المنطلقة من قلوب خاشعة ملتجئة إلى الله عز وجل صادقة في التجاءها أن تجد قبولاً من الله عز وجل وهو الذي وعدنا فقال:( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
من واجبنا جميعاً مقاطعة التجارة مع إسرائيل ومع أمريكا،ومع كل من يتعاون ويشارك في هذه المؤامرة، وأيضاً أيها الأخوة: نربي أبنائنا وبناتنا شبابنا ونسائنا وأطفالنا على روح التضحية والجهاد في سبيل الله(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
فإلى العطاء أيها الأخوة وإلى البذل وهناك بشكل رسمي وبطريق إن شاء الله كما قلت يوصل المال إلى غزة .
في صناديق ستوضع وما يجمع في الصناديق لا يفتح إلا من قبل لجنة رسمية تحصي وتسجل وتجمع وتقطع وصولات مكافئة لما جمع وتسلم لمديرية الأوقاف بحلب لإيصالها بطرق إن شاء الله مأمونة في إيصالها ,أوعن طريق منتدبي حماس كذلك إذا فاض في العطاء عما هو في الصناديق وعلماً بأن كلها ضمن حساب وبإيصالات رسمية ، ومن أحب أن يضعها ويحصل على الإيصال مياشرة من قبل اللجنة  يستطيع أن يحضر إلى المكتب في إخوة يستقيلونه ويأخذون ما تبرع ويعطونه إيصالاً بذلك وخصوصاً إذا كانت المبالغ كبيرة فلا بأس أن تكون مباشرة عن طريق اللجنة في المكتب.
أسأل الله عز وجل أن يتقبل منكم ومنا ما نقدمه كما قلت لإنقاذ أنفسنا.
 أقول قولي هذا وأستغفر الله.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين