السعادة الحقيقية - من سبل السعادة
السعادة الحقيقية
بقلم: نجود الفايز
مطلب تحتاجه النفوس... هدف يَنشده كل البشر... يسعى إليه الكبير والصغير... إنها السعادة... نعمة عظيمة من نِعَم الله علينا التي لا تُعد ولا تُحصى.
مَن منّا لا يبحث عن السعادة أو لا يتمنى أن يكون من السعداء؟ وكم اختلف الناس في سعيهم وراءها؟ فمنهم من أخطأ الظن في البحث عنها, أو أضلّ طريقها فرأى أنها في إجازة يقضيها, وآخر ظنّها في شهادة علمية ينالها, والبعض ظنّها في مالٍ يجمعه أو في ولد رُزق به.
نعم، في كل أمنية نحقّقها سعادة، لكنها دنيوية, ومؤقتة, ومصيرها إلى الزوال, إنّما السعادة الحقيقية هي التي تُضفي علينا سعادة في الدنيا وطمأنينة لمصيرنا في الآخرة, ولا تكون إلاّ بتقوى الله وطاعته واجتناب نواهيه, فبذلك ينال العبد سعادة الدارَيْن.
 
من سُبُل السعادة الحقيقية
شكر نِعَم الله عز وجل علينا: وما أكثرها من نِعم, قال تعالى: )وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الانسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ( [إبراهيم: 34]. وقال جَلّ وعَلا: )وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ( [إبراهيم: 7].
فإذا قوبلت نِعَم الله على عباده بالشكر والتقوى فإنها تُثمر سعادة في الدنيا والآخرة, ورَحِم الله الإمام ابن القيِّم حين قال: «إنّ عُنوان سعادة العبد ثلاثة أمور، هي أنه: إذا أُنْعم عليه شكر, وإذا ابتُلي صبر, وإذا أذنب استغفر».
الرضا بقضاء الله وقدره: فلِمَ الحزن إذا كان قضاء الله نافذاً والأجَل محتوماً والرزق مقسوماً ومقدّراً؟ لِمَ الهمّ إذا كان المرض والفَقر والمصيبة بأجرها؟ فالبلاء مكتوب, وما نجا منه أحد, قال تعالى: )لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ( [البلد: 4]. فالتسليم والرضا بقضاء الله وقدَره باب من أَوسع أبواب سعادة عباد الله.
خدمة خَلْق الله وعباده: فعندما نعطي محروماً أو ننصر مظلوماً أو نُطعم جائعاً أو نعود مريضاً أو نُعين منكوباً, سنجد حلاوةَ سعادةٍ حقيقيةٍ قد حُرم منها كثير من خَلْق الله.
وأصل السعادة كلّها: الإيمان بالله واتّباع شرعه والعيش في ظلال القرآن ورحاب الطاعة, قال إبراهيم ابن أدهم رضي الله عنه: «لو علم الملُوك ما نحن فيه من النعيم والسرور ولَذة العيش, وقلّة التعب, لجالدونا عليه بالسيوف: طلبوا الراحة والنعيم فأخطأوا الصراط المستقيم». وقال الإمام الحسَن البصريّ رحمه الله: «تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة, وفي الذِّكر, وفي قراءة القرآن, فإن وجدتم وإلاّ فاعلموا أن الباب مغلَق».
فالسعادة شجرة ماؤها وغذاؤها وهواؤها وضياؤها الإيمان بالله والدار الآخرة. نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلنا من سعداء الدنيا والآخرة. آمين
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين