مراسيم  الانتصار

فضلا ، زن لي حجم الشكر الذي ستقدمه لي في لحظة انتصار ، و فضلا حضر لي من الكلمات الموزونة من يبعث في قلبي نبضا آخر ، ليس نبض الحياة فقط و إنما نبض الانتصار المفعم بحركات القلب الخافقة خفقان الموج على الصخر ..بعيدا عن كل ما سيعكر مزاجي ،  فأطلق سراحا لثنايا ما يجول في خاطرك فلربما هو بيت القصيد في أننا فهمنا و استوعبنا أن الله خلق كل شيء بقدر و ينزل كل شيء بقدر..سبحان الله هو انتظام الحياة في سلسلة الكواكب السيارة من حولنا و نحن لا نفقه فقه التوازن و الثبات في الكون...

فضلا ، قدم لي كل كلمات اللغة لأختار منها ما يناسب قصيدتي لأني انوي إبداعا في الثلث الأخير من الليل ، لأنه الوقت المناسب لخلو ذهني من شوارد اليوم ،  هو الوقت المستحسن لي لما أطرق نظري في قضايا كانت عالقة على كاهلي و حسبتها دائمة التعلق على قلمي حتى يثقل الحمل جود الفكر في الصياح أن بوادر الانتصار لها مؤشرات و ملامح ، فقط أترك الباب مفتوحا لكل ضيف حتى العدو لأني على عقيدة أن صبري عليه كسر طموح التمادي في الظلم ، فهلا رحبت معي في صمت بكل النوازل من الناس ؟ أو ليس ترحابي يسع الكل لأنه ما ضاق مكان إلا و وسع له المجال في القلب ، و قلبي دائما فسيحا كالغابة لمن أراد احتطاب العبر و المثل...ففضلا بنظام الخلق رتب مراسيم استقبال الضيوف من غير تكلف ، لأني أكره تقاليدا يحدوها التكلف و المبالغة في التصميم و التزيين ، فقط أريده حفلا بسيطا يليق بمراتب الزهاد و الأتقياء ، فيكفينا ان الملائكة تحفنا من كل صوب لما يكون في المجلس ذكر الله تعالى و حمده و شكره طويلا  مطولا..

فضلا ، اصرف عني كل فوضى ، نعم كل فوضى ، فالفوضى لدي مفسدة لبرنامج الفرحة و لم الشمل ، فلا تحسبن المهمة سهلة في استقبال من آلمني يوما ما و لكني في تطوع لترويض تمردي في أن لا أغضب و لا انفعل ، لأن الانفعال يخلط حساباتي و يذبذب موجات قلمي في المدح الجميل و الثناء الأجمل..ففضلا لا تخالف قواعدي ففي مخالفتها ربما حتى إلغاء لكل النوايا و يصبح الضرر ضررين في فقد الأجر بدءا بالنية ووصولا للتطبيق..

فضلا ،لا زلت أشعر بالتعب بل بالأحرى لا يزال التعب يسكن مخيلتي و روحي فلا تكثر علي مراسيما  يبدو لي فيها الكثير من استنزاف الجهد ، فمن الكثرة ما أفقدتني حكمة الإتقان في الكلام و تبرير النقائص بحجج الحقيقة المقنعة في أن الآلام ليست بدائمة السكن في الجسد و الروح ،  بل هي مهاجرة يوما ما بإذن من المولى و بسبب من الأسباب ، فقط اتركني في هدوئي حتى أعي ثقافة المخلص من شباك العقد المفبركة ، فبعضها بإرادة البشر و بعضها بغموض الزمن في انه لا يقر بالحقائق وقت الآلام أبدا حتى يصل الإنسان إلى درجة التفقه في ثقافة الابتلاء و التي هي  واسعة الفهم من كتب المخلدين من الحكماء على شتى الفترات من العقود..ففضلا ليكن مجلسي على تواضع المقعد ، فكلما كان مجلسي متواضعا و بسيطا كلما كان الإبداع فنا راقيا ، فلا تعرض على مفاخرا في الاستقبال لأني حتما سأصرف نظري إلى أين ستسكن روحي في بساطة المحمل و روعة المنظر ..إذن هي معاييري وضعتها لمراسيم الانتصار ، و كل شيء مرتب بحسب وقع النبأ على مسامعي و أظنها كذلك على مسامع كل البسطاء..

بالأمس كانت لي ملامات كثيرة لست لها بمترجمة اليوم ، لأن رد الاعتبار هو من سيرد على كل ما قد يطرح تناقضا على الفهم..هو قصور التدين ليس إلا..لأن من المؤمنين من جادت ضمائرهم بالورع فطلقوا الدنيا ثلاثا إلى غير عودة من تفسير الخطب فيها ، لأنهم أدركوا أن كمال الإيمان هو في التخلي عن نواقض الإيمان ،  و مستنزفات  الدنيا و ملذاتها و مجالسها و جالسيها ، فهي في غيبة المقصد من غير رجعة إلى جادة الحق...

ففضلا ، هو صرح روحي أريد أن أقيم له بناءا صغيرا فيه الكثير من ملامح التخلي عن منهكات الوقت و أوجاعه ، حتى يقال لي من الحضور أن قليلك يكفينا ولكن قليلك لا يقال له قليل حينما يوزن بميزان القناعة و الرضى..

و بما أن الحضور على حضور الآن ،  افتح لهم أبواب الاستقبال لأرى ملامح  الانتصار أولا عبر نسمات الفجر الهادئة و الغنية بالبركة و الخير وعبر  ميعاد استقبال الضيوف حتى تنهي صلاة الضحى ،  لأكون قد رتبت نفسي  جيدا أكون مستعدة  لتناول وجبة الفضل مع أهل الفضل ..هكذا هي مجالس الخير مع أهل الخير و لأجل دوام الخير ، لأن ما بدأ بالبسملة في كل شيء و ختم بالحمد  كان منه في نفس الوقت سؤال تمديد البركة بأن نحمده تعالى على أن رزقنا هذا الخير من غير حول منا و لا قوة..

فضلا،، إن سألوك عن أهل البيت فقل لهم هم أهل كالعصافير المسخر من هذا الأنام..فلست أبغي إلا صفاء القلوب في عبادة لله الواحد بصدق الرجوع إليه بعد طول ضياع بسبب قصور الإدراك في عقول تاهت في دنيا الهوان بقصد أو بغير قصد.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين