من يبايع علي الموت في سبيل الله


بقلم / ماهر إبراهيم جعوان

الله هو السلام ،والإسلام هو دين السلام يدعونا للصلح والوئام

وينبذ العنف والإرهاب والفحش في القول والعمل والسلوك والأخلاق

والأصل في المسلمين المؤمنين أنهم مسالمون قال صلي الله عليه وسلم (لا تحاسدوا ولا تناجشوا  ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا  عباد الله إخوانا  المسلم أخو المسلم  لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا  ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام  دمه وماله وعرضه) وقال أيضا (المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لسانِهِ ويَدِهِ، والمُؤمِنُ مَن أمِنَهُ الناسُ علَى دِمائِهِم وأموالِهِم)

 

إصلاحيون (والصلح خير) لا يريدون شرا لأحد يسعون في الخير دائما ،هدفهم خلوا بيننا وبين الناس لينشروا ويمهدوا للمشروع الإسلامي فإذا فُرض عليهم القتال ولا مناص وأصبح ضرورة حتمية للدفاع عن أنفسهم ودينهم ودعوتهم وقيادتهم الشرعية كانوا رجالا في ساحات الوغى صبرا في الحرب صدقا عند اللقاء

فلم يُعلنوا النفير العام للقتال يوم بدر ولم يستعدوا للمعركة ولكن حين فُرضت عليهم ظهرت معادن الرجال وقوتهم في الحق وإصرارهم علي الانتصار

 

كان موقف الرعيل الأول واضحا (واللهِ لا نقولُ لك كما قالت بنو إسرائيلَ لموسَى {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}ولكن اذهبْ أنت وربُّك فقاتلا إنَّا معكما مقاتلون)

وقال سعد بن معاذ زعيم الأنصار (يا رسول الله لقد آمنا بك وصدقناك وأعطيناك على ذلك عهودا ومواثيق على السمع والطاعة، فاطعن حيث شئت وصل حبل من شئت واقطع حبل من شئت وسالم من شئت وعاد من شئت وخذ من أموالنا ما شئت وما لأخذت كان أحب إلينا مما تركت فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا وإنا لصبر في الحرب صدق عند اللقاء لعل الله تعالى أن يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله تعالى)

 

ويوم الحديبية تحركت مجموعات الشر ليقذفوا المسلمين بالحجارة (البلاك بلوك) حيث أرسلت قريشا خمسين رجلا يحاولون إلحاق الأذى بصف المسلمين فقُبض عليهم فأرسلت قريشا مجموعة أخري ترميهم بالحجارة والنبل (الملوتوف) فقُبض علي اثني عشر رجلا منهم وكل ذلك ليطفئوا نور الله بأفواههم لذا كانت بيعة الرضوان جد خطيرة إذ بايعوا علي عدم الفرار فسيناجزون القوم وسيقاتلونهم ولن يفروا أبدا رغم أنهم لا يحملون إلا سلاح المسافر فقط  وبايع بعضهم علي الموت بل بايع سلمه بن الأكوع علي الموت ثلاث مرات (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)

غير أن الغريب بعد هذه البيعة العظيمة مباشرة رجع عثمان بن عفان سالمًا لم يُضار فانعدمت أسباب البيعة وكفي الله المؤمنين القتال إلا أن بيعتهم ظلت كما هي

والثبات في هذه الأحداث الجسام هو الذي يجلب رضي الله (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) فتحا داخليا محليا قريبا ففتحت خيبر ومكة ثم أتت الآيات تبشر بالفتح العالمي فاستعينوا بالله وابشروا

{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً}

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين