واجبنا هو التذكير والتبليغ وليس (الإقناع)

 

 

 

د. ياسر العيتي

 
{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ}الرعد 40
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} البقرة 256
{ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ - لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} الغاشية 21- 22
{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} يوسف 103
{أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} فاطر 8
 
أشعر بالراحة كلما قرأت هذه الآيات، كثيراً ما يدفعنا إيماننا بما نحمله من أفكار وتصورات، إلى الظن بأنه يجب على الناس أن يقتنعوا بها، فإن لم يفعلوا نشعر بالإحباط والغضب تجاه أنفسنا وتجاههم، وهذا شعور لا يمكن تجنبه دائماً ولكن يمكن التخفيف منه عندما نتذكر أن واجبنا هو التذكير والتبليغ وليس (الإقناع)، وأن مهمتنا تنتهي عندما نبلغ الآخرين بصدق ما نعتقد أنه الحق، وأننا عندما نعرض أفكارنا على الآخرين فلكي نضع أمامهم مزيداً من الخيارات ليختاروا ما يشاؤون بملء إرادتهم لا لكي نجبرهم على الخيار الذي ارتضيناه، عندما نضع في أذهاننا هذه المقدمات ونحن نطرح أفكارنا ونناقشها مع الآخرين نصبح أقل توتراً وأكثر مرونة وفهماً للآخرين واستيعاباً لهم، وهذا يجعلنا أقدر على إيصال ما نريده إليهم وتجاوز العوائق النفسية التي يحدثها الخلاف في الرأي، وهنا تكمن المفارقة العجيبة: كلما قلّ تمسكنا بإقناع الآخرين بأفكارنا، زادت قدرتنا على الإقناع! من البديهيات التي يفيد تذكرها في هذا المقام، أن الآخرين قد يكونون على صواب أيضاً، لا يعني ذلك اتباع مذهب (اللا أدرية) بمعنى أنني لا أعرف إن كنت مصيباً أو مخطئاً! وإنما يعني التفكير الجدي في الرأي الآخر، قبل قبوله أو رفضه.


 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين