احتضار داعية

 
داعية هذا حاله.. هل يصلح أن ينهض بدعوة ؟ !
 
بدأت الذاكرة تنسى أذكار الصباح والمساء ؛ لبعد العهد بترديدها . السنن الرواتب مهملة لم يبق منها إلا سنة الفجر غالب الأيام لا كلها !
 
لا ورد من القرآن يتلى ، ولا ليل يُقام ولا نهار يُصام.
 
الصدقة يوقفها عشرة شياطين ، وشك واحتياط وتثبت ؛ فإن خرجت من الجيب خرجت هزيلة على تسويف أن أختها ستكبرها بعد توافر الشروط وانتفاء الموانع !
 
العمل الإداري يستغرق سحابة النهار ، وشفق الغروب ، وربما بعضاً من نجوم الليل!
 
العمل الدعوي يقترب من العمل الحرفي يوماً بعد يوم ، والمؤسسة الدعوية تقصر نشاطاتها وتبدأ مشروعاتها وآمالها ، حيث يبدأ الدعم ، وتضعف حيث يضعف ، وتنتهي حيث ينتهي.
 
يمر اليوم واليومان ، وربما الأسبوع ، ولم يُستغرق الوقت في قراءة جادة .
 
أصبح الجهاد أخباراً تُتابع لا قلباً يحترق ، وجسداً يتوق للمشاركة، وأملاً ينتظر النصر والهجرة !
 
ينقضي المجلس ، وينصرف الجمع ، وقد أكلوا ملء البطون ، وضحكوا ملء الأفواه ، وربما أكلوا لحم فلان وفلان ميتاً ، وتقاصُّوا أخبار السلع والسيارات، وغرائب الطرائف ، ولم يتذاكروا آية أو حديثاً أو فائدة، والحضور : "ملتزمون"
 
، ومنهم "دعاة" ؛ فإن كان ولابد ، فالجرح والتعديل مطية المجالس هذه الأيام !.
 
زهد في السنن ، وتوسع في المباح ، وتهاون في المحظور .. صلاة الضحى والوتر .. التبكير إلى الجمع والجماعات .. دعاء الخروج والدخول للمنزل والمسجد وركوب الدابة.. السواك عند الوضوء والصلاة .. ترف في المطعم والملبس
 
والمركب.. ملاطفة الكفار الأوقات الطوال بغرض "تأليف القلوب"، على حين لا يجب الحديث معهم عن الإسلام ابتداءً لعدم تنفيرهم ، ولكن علينا الدعوة عن طريق "القدوة" إلى أن يحين الموعد المناسب الذي لا يحين لسنوات حتى
 
يفارق الجار جاره ، والطالب زميله، والعامل صاحبه! موسيقى الأخبار والبرامج "الوثائقية"! تلفاز "كبير" لمتابعة "الأخبار" و"البرامج العلميَّة" وما في حكمهما! .. بطاقة ائتمان لا حاجة إليها... و... و...!
 
أداعية هذا حاله يصلح أن يُسمَّى داعية؟ أم هل يمكن أن يؤثر في مجتمعه، فضلاً عن نفسه وأسرته ؟ وهل يصبح صاحبنا بعد هذا مغيِّراً أم متغيِّراً ؟ منتجاً أم مستهلِكاً ؟
 
فليراجع كلٌ منَّا حاله .
 
المصدر : مجلة المجتمع

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين