الملل آفة العصر2 - آفة الملل عند الشباب وعلاجها
من وسائل العلاج :
أماعلاج هذه الظاهرة فهو موجود ومتيسر لمن يريده ، وعزمت عليه نفسه بكل جدية، إذ لايكفي للانسان أن يكون راغباً في العافية ، متمنياً للخلاص ، دون أن يفكر باتخاذحياله الخطوات العملية ، والإصلاحات الجذرية ، خاصَّة وأن هذه الوسائل مرتبط نجاحهاوظهور آثارها بالأخذ بالوسائل الأخرى كذلك . . . أي : أن يعود المسلم إلى حظيرةإسلامه ودينه، وأن يطبقه تطبيقاً كاملاً في كل مجالات حياته : عقيدةً وعبادةً، سلوكاًومنهاجاً، وفكراً وشعوراً، وما لم يحقق تلك العودة الكاملة ، فإن أي خطوة في هذاالمجال لن تؤتي ثمارها بالصورة المرجوة..لهذا فإن من وسائل العلاج :
أولا: تحديد الهدف :
ولعل هذا الامر من أهم وسائل العلاج ، إذ أنَّ غالب الذين يشعرونبآفة الملل أصيبوا به بسبب أنهم حصروا هدفهم في هذه الحياة على الجوانب الماديةمنها ، فحين تسأل أحدهم : ما هدفك في الحياة؟ يجيبك بأن هدفه ! وأمنيته أن يكونمهندساً أو ضابطاً أو أستاذاً أو ذو مال كثير أو وظيفة عالية، أو غير ذلك منالأهداف الدنيوية، أو الطموحات الذاتية، أو أن تجد أحدهم قد حصر هدفه على جزء قليلمن العبودية والطاعة لله ، أما المساحة الكبرى من حياته والأعمال الكثيرة التييؤديها فقد أخرجها من عبودية الله إلى عبودية نفسه وهواه وشيطانه وما يبتغي منمحرمات ومنكرات ،فانقلبت بهذا المفهوم الوسائل من مال ووظيفة وزوج وولد إلى أهدافكبرى في هذه الحياة، وأما طاعة الله وعبوديته ، فقد انقلبتعنده إلى قضية ثانوية غير مهمة لهذا فإن أول شرط مطلوب توفيره للتخلص من هذاالمرض وكل آفة نفسية أن يجعل المسلم هدفه وغايته في هذه الحياة عبادة الله وطاعتهبمفهومها الشامل وليس الجزئي أو الضيق ،وذلك بأن يضبط حياته ضمن دائرة لا تخرج عنحدود أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يفعل ولا يقول ، ولا يأخذ ولايعطي ، ولا يحب ولا يكره ، إلا ما كان لله ويرضيه على وفق شريعته وسنة رسوله ،وعندها سيجد بإذن الله للحياة طعم ، ولوجوده قيمة، وسيذهب عنه كل ما يجد من شعوربالملل والسآمة في مختلف عموم حياته ، ولا نقول كلها، إذ أن المسلم لابد وأن يصيبهشيء من الهم والحزن ، أو الضيق والملل كما يصيب غيره من البشر، ولكنه يتميز عن غيرهبأن تلك الحالات لا تمر عليه إلا لفترات قليلة وقصيرة، وأنه كذلك يحتسب الأجروالثواب وتكفير الذنوب والسيئات على كل ما يصيبه حتى الشوكة يشاكها، كما جاء فيالحديث .
ثانيا: القيام بالواجبات على الوجه المطلوب :
كل مسلم حقيقةلا ادعاء تجده ولله الحمد يؤدي واجباته الإسلامية ولا يترك منها شيئا سواء كانتالصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج ، أو غيرها من أركان الإيمان وبقية الواجبات ،ولكن عندما ينظر الواحد منا في كيفية أدائه لهذه الواجبات يلحظ على نفسه أنها ليستعلى الوجه المطلوب ويعتريها شيئا من النقص والخلل .ومن أهم الأمثلة على ذلك شعيرةالصلاة التي أصبح البعض إما مضيع لوقتها، فهو يؤديها متى استيقظ من نومه خصوصاً (الفجر والعصر) ، أو فرغ من عمله أو انتهى من لهوه ولعبه . وإما مضيع لجوهرهاوحقيقتها فهو يؤديها بلاروح ، قياماً وقعوداً وركوعاً وسجوداً، لا يعرف ولا يعقلماذا قرأ في صلاته ولا ماذا قرأ إمامه ، يشعر أنها حمل ثقيل ،وأشغال شاقة يريدالتخلص منها فإذا كانت الصلاة بهذا الوضع فلا تستغرب أن تشعر بشيء من المللوالسأم فهذا شيء من عقوبة الله للمقصر، والمخرج من ذلك: أن تعيد النظر في عموددينك بالمحافظة على إقامتها في وقتها مع الجماعة وأدائها على الوجه الأكمل ، خشوعاًوطمانينة ، وتدبراً لمعاني قراءتها ، وتضرعاً وتذللاً ودعاءً لله سبحانه وتعالى لعلالله أن يقبلها كاملة منك لا أن ترد عليك ، أو لا يقبل منها إلا القليل ، نعوذبالله من الغفلة والخذلان .
ثالثا: المنافسه في الطاعات والقربات :
وحتىيزداد المسلم إيمانا ويكفيه الله شر هذه الآفة الضارة، ويحصل على سعادة الدنياوالفوز بالنعيم المقيم في الآخرة فإنه حري به ألا يكتفي بالواجبات المفروضة عليهفحسب ، وإنما المطلوب أن يسارع في القيام بما يقربه إلى الله ويحببه إليه ويرضيهعنه ، لأن القلب إذا اتصل بربه وامتلأ بمحبته والخوف منه ، لم يعد للأوهام والأحزانوالقلاقل موضعاً فيه ، وعلى قدر حرص المسلم على الطاعات والإكثار منها على قدر مايفوز المؤمن بجنة الله في أرضه ألا وهي رياض الأنس والطمأنينة والسعادة كما عبرعنها أحد الصالحين حينما قال: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادةلجالدونا عليها بالسيوف.
ولعل من أهم الطاعات والقربة التي ينبغي للمسلم أنيحافظ عليها يومياً كمرحلة أولية لزيادة الإيمان وتخطي هذه العقبة ما يلي :
ا - المحافظة على السنن الرواتب ، وهي عشر أو اثنتا عشرركعة، فمن حافظعليها بنى الله له بيتا في الجنة كما جاء في الحديث .
 2ـ الالتزام بقراءة نصيبمن القران الكريم ، إما أربع ، أوست ، أو عشر صفحات ، ولا يتركه مهما كانت المشاغل، ويحرص على أن يزيده كل شهر صفحة بحيث يصل إلى قراءة جزءكامل يومياً.
صلاةالوتر ولو ركعة واحدة في المسجد .
4ـ صلاة الضحى .
5ـ صيام الأيام الفاضلةكست من شوال ، وعاشوراء ، وعرفة ، ويومي الإثنين والخميس
6ـ الصدقة بين فترةوأخرى ولو بالقليل .
رابعاً : الابتعاد عن الذنوب والمعاصى :
الذنوب فيحياة المسلم كالحيَّات والعقارب تنفث سمومها القاتلة ، وأمراضها الفتاكة وهو لا يشعرإلا بشيء من آثارها المؤلمة وثمارها المرة كحصول الهم والقلق ، والملل والسآمة ،وحرمان الرزق ، ونقص البركة في العمر والملل إلى غير ذلك .
خامسا: التحصُّنبالأذكار والأدعية :
وهذا أمر مهم لكل مسلم عامة، ولمن يعيش تلك الآفة النفسيةخاصة، لأن الأخذ بها من أسباب الحصول على الراحة النفسية والطمانينة القلبية،قالالله تعالى : {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}. إذا فلأجل أن يتعافى المسلم مماأصابه ، أو يسلم منها ابتداءً ممن لم يقع فيها، عليه أن يتحصن بعدد من الأذكاروالأدعية المشروعة في اليوم والليلة ولا يتهاون في الأخذ بها، لأن فيها الأجرالعظيم ، والحصن المنيع لجملة كبيرة من الأمراض النفسية التي يعيشها كثير من الناساليوم .
ومن أهم الاذكار :
1ـ أذكار الصباح والمساء .
2ـ اذكارالأحوال والمناسبات كدعاء النوم والاستيقاظ ، ودخول البيت والخروج منه .
3ـ أذكار ما بعد الصلوات الخمس .
4ـ النفث على الجسم عند النوم ثلاثا بقراءة سورةالإخلاص ا لمعوذتين
5ـ ذكر التهليل مائة مرة
6ـ قراءة الآيات والأدعيةالمعروفة (بالرقية الشرعية)
7ـ كثرة الدعاء والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالىبأن يخلصك، من هذه الآفة ومن كل شر ومصيبة.
وإلى الحلقة الثالثة في وسائل علاج ظاهرة الملل.
 
سادسا: ملىء الوقت بما يفيد منالأعمال :
يمكن تشبيه القلب في وظيفته بالمصباح الزجاجي يضيء ما دام مغلقاً، فإذاانكسر! ودخله الهواء أفسد عليه تركيبه وتكوينه وعندها ينطفىء المصباح أسرع ما يكون . وهكذا القلب فإنه يؤدي دوره ويطمئن ويهدأ ما دام مغلقا،فإذا دخله الهواء والفراغوانفتح على المعاصي والآثام وتعلق بغير الله احتوته الهموم والقلاقل والضنكوالأحزان . لهذا كان من طرق العلاج أن لا يعيش الإنسان في فراغ مطلقا، وإنما يحرصعلى ملىء وقته بالبرامج والأعمال التي تعود عليه بالخير والنفع في أخراه ، أويساعده ويطوره للنجاح في دنياه ، حريصا على القيام بالواجبات ، منافساً في الطاعات والقربات ، وهو متى فعلذلك سيجد أن أبواب العمل والبذل والعطاء أكثرمن أن تحصى ، وأن وقته سيضيق عنالإتيان بها كلها، وعندها لن تراه يسأل : ماذا أعمل ؟ أو لأجل ماذا أعمل ؟ أو أنيعمل أعمالأ أقرب إلى اللهو والعبث منها إلى الجد والفائدة، ويدعي أنه مشغول وهوليس كذلك .
أما نماذج الأعمال التي يحسن بالمسلم أن يختار منها ما يناسبظروفه ليملأ بها وقته فعلى النحو التالي :
1ـ حضور دروس أهل العلم ومجالسةالعلماء وزيارتهم .
 2ـ القراءة والاطلاع في كتب التراث العلمية أو الكتبالمعاصرة، ومتابعة أحوال العالم الاسلامي من خلال المجلات المختصة الجادة .
3ـ الإلتحاق بحلقات تحفيظ القران الكريم تجويده في بعض المساجد، دارساً أو مدرساً
.
4ـ الدخول في ميادين تجارية وأعمال مهنية مدروسة ليستفيد منها ويفيد
.
5ـ الزيارات الهادفة وصلة الرحم للأقارب والأرحام والأصدقاء
.
6ـ المشاركة فيالأنشطة الخيرية والأعمال المفيدة للمجتمع ، مثل جمعيات البر ، ومكاتب الجاليات ،ومؤسسات الإغاثة والدعوة وغيرها
.
7ـ الإلتحاق بالدورات الفنية والبرامج العلميةالتي تقام في بعض الجهات والمصالح لاكتساب خبرات إدارية ومهارات شخصية
.
8ـ ممارسة الرياضة البعيدة عن المحرمات وما ينافي الأخلاق
.
9ـ تعلم الحاسب الآليوالاستفادة من برامجه العلمية، واستغلاله في الدعوة إلى الله
. .
سابعاً : العيش في بيئة صالحة
:
ما أحسنَ قول من قال: إن أهميةالبيئة الصالحة للمسلم في هذا العصر كأهمية توفير الأرض الخصبة ، والحرارة المناسبة، والتغذية الجيدة لبعض النباتات والأشجار، فإذا لم يتوفر لها هذه العناصر فإما أنيكون مصيرها إلى التلف ، وإما أن تخرج ثمارها ضعيفة. وهكذا إذاً المسلم في هذاالعصر بحاجة ماسة إلى هذه البيئة الصالحة التي تعينه على تطبيق مبادىء ومثل الإسلامبالصورة الكاملة ، وتساعد على القيام بالكثير من الواجبات والطاعات ، وتكون سببا فيثباته واستقامته ، وتزيل عنه ما يعيشه أكثر الناس اليوم من الهم والحزن ، والمللوالقلق . لأجل أهمية هذه الأهداف فإن عليه أن يبحث عنها كما يبحث عن الماء الباردفي قائلة الصيف أو أشد، لأنه بها ومعها يكسب خيرات كثيرة ومصالح عدة في دينه ودنياه،  وبدونها يقع في خسائر لا تعد ولا تحصى ، وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد أمر رسولالله صلى الله عليه وسلم بالتمسك بها والحرص عليها وهو النبي المعصوم ، فنحن الضعفاء الذين  تحيط بنا الفتن من كل جانب أولى بهذه الدعوة ، قال تعالى : {واصبرنفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينةالحياة الدنيا} . ولكن من المسلمين من ليست الصحبة الصالحة على باله وليس لها موضعفي اهتمامه وتفكيره بحجة أنه يعرف مصلحة نفسه، وفي غنى عنها مادياً أو معنوياً.
ومنهم من تجده العكس يعيش مع صحبة وأصدقاء يكاد لا يفارقهم ولا يفارقونه ، غير مبالأن يكونوا صالحين أو طالحين .وهذا وذاك كلاهما على خطأ، لأن المطلوب أن يكونالإنسان اجتماعياً وإذا أراد أن يكون له صحبة عليه أن يختارها بعناية وشروط دقيقةحتى ينتفع بها في كل جانب من جوانب حياته.
ثامنا : القيام بواجب الدعوة والاصلاح:
إن إشغال النفس ، بواجب الدعوةوالإصلاح للناس لهو كفيل بإذن الله تعالى بإسعاد القلب ، وطمأنينة النفس ، وإزالة ماتشعر به من تلك الهموم التي يشعر بها كثير من الفارغين عن مثل هذه الهموم الدعوية،ومن تقتصر اهتماماتهم وتفكيرهم حول أنفسهم وحاجاتهم الذاتية ، وملذاتهم الخاصة ،ومستقبلهم الدنيوي . إذ الداعية يكسب بهذه الوظيفة الاستجابة لأمر الله تعالى:{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة } ، ويكسب طاعة رسوله صلى اله عليه وسلمالقائل : "بلغوا عني ولو آية " و " لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمرالنعم " ، وأكرم بهما من طاعة واستجابة، وينشغل برسالة الأنبياء. . أشرف مهمة،وأكثرها أجراً بعد إصلاح النفس وتزكيتها. أما أولئك الناكصون والمقصرون عن القيامبهذه الرسالة بحجة جلب الراحة لأنفسهم ، وقطع التفكير في قضايا وأمور هم في غنى عنالانشغال بها، فمع ما هم عليه من إثم لتخلفهم عن طاعة ربهم ورسوله ، فهم يعيشون فيفراغ قاتل وملل وهمٍّ ، ولا يعلم مقداره إلا الله ، فأين أرباح ما هربوا منهبالمقارنة إلى خسارة ما وقعوا فيه ؟ فيا من تريد السعادة ، ولذة العيش ، وامتدادالعمر بعد الموت ، إن الطريق إلى ذلك سهل وميسور، ومن أفضلها: طريق الدعوة الذي لايتطلب منك أن يكون لديك العلم الكامل ، والفقه الشامل بأمور الدين كلها ، كلا ،إنما يكفي أن تبلغ غيرك ما لديك من علم وأحكام ، بالأسلوب الحكيم والطريقة الجذابة،وأن تحمل هذا الهم والحرص عليه في أي مكان وزمان ، سواء عبرت عنه بالكلمة الطيبة،أو النصيحة الصادقة ، أو القدوة الحسنة ، أو إهداء الكتاب والشريط المناسب ، أوالدلالة على الخير، أو غير ذلك مما له الأثر الفعال ، والثمرة المرجوة .
تاسعا: الصبر والشجاعة في مواجهة الأقدار
:
يتصور كثر من الناس - خاصةالشباب - أن الحياة يجب أن تمتلىء جنباتها دائما بالسعادة والسهولة ، والاجتماعوالأنس ، والتفوق والنجاح ، والصحة والسلامة ، والغنى والرفاهية ، إلى غير ذلك منالأمنيات التي يتمنَّاها كل إنسان في هذه الحياة، لهذا ترى أحدهم إذا أصيب بعكس مايتوقعه من أحلام : أصابه الملل والضجر، وحزن وتسخَّط ، متناسياً أن الله جبل هذهالحياة على شيء من المشاق والمصاعب ، والآلام والمتاعب ، وحكمته في ذلك ليكوندافعاً للإنسان أن يزهد في هذه الدار الفانية، وأن يعلق قلبه بالآخرة، وما فيها منلذة النظر إلى وجه الله الكريم ، والفوز بالجنة ، دار النعيم ، والراحة والطمأنينةالأبدية . أما الإنسان ذو الإيمان القوي فتجده عندما يصاب بأي مصيبة سواء كانتعائلية، أو نفسية ، أو صحية ، أو مالية ، أو دراسية ، أو غيرها، فإنك تراه صابراًعليها، مستسلماً لها من الجانب القلبي (المعنوي ) ويحمد الله تعالى عليها، أنها لمتكن في دينه إنما في دنياه ، وأنها ليست أكبر من هذه الواقعة التي حصلت ، ولأنهيرجو ثوابها من الله ، ولأمله في الفرج والمخرج منها قريباً. . لذا فهو مطمئن القلب، هادىء الضمير، راض بقضاء الله وقدره ، بل إنه ينظر إليها من زاوية أخرى، إذ يتوقعأن تكون قد حدثت بسبب ذنوبه وتقصيره في حق الله تعالى، فيكثر عند ذلك من التوبةوالاستغفار، ويلح في العودة إلى ربه ، وهذا خير كثير، ومكسب عظيم ، فتكون مفتاحاًوسبباً لمستقبل دنيوي وأخروي أفضل
.
عاشراً : الترويح الهادف
:
ولعل منالطرق الناجعة لعلاج هذا الملل هو : الترويح عن النفس بالأساليب المباحة، وفيالأوقات والأمكنة اللائقة . لأن البعض إما أنه لا يعرف شيئا اسمه الترويحوالاستجمام بحجة ارتباطه بأعماله الدائمة، فينتج عنه أن تمل نفسه وتضيق . وإما أنتجده حريصا علي الترويح والاستجمام والإكثار منه ، حتى أفقده متعته ، وأصبح بالنسبةله شيئا مملا، وممارسة روتينية ، بسبب تركيزه وأمثاله في ترويحهم على جانب واحد أوجانبين، وهما جانب النفس والجسم ، فتراهم يتقلبون في برنامجهم ما بين ملاعب الكرةوأنواع الرياضة ، إلى موائد الأكل والشرب ، إلى مجالس الكلام والضحك ، ولا شيء غيرذلك من البرامج المفيدة الأخرى. هذا إذا لم يتجاوز ترويحهم إلى ممارسة الحرام وقولهوسماعه . والعجب أنهم رغم كثرة ما ينفق هؤلاء من الأموال والأوقات والجهود، ويبذلونمن التعب والنَّصَب لأجل ذلك المتعة ، إلا أنهم مع ذلك كله وبسبب ارتكاب المعاصيوالمنكرات يعود بعضهم وقد ضاقت نفسه ، وحزن قلبه ، وشعر بالمهانة والاحتقار منبعضهم ، بالإضافة إلى تحمله الكثير من الآثام .
 فالترفيه الهادف هو الذي لا يتجاوزحدود المباح في عرف الشرع وليس في عرف الناس ، وهو الذي يشبع حاجات الناس الرئيسةبكل تكامل وانسجام ، ويعطي كل جانب فيه من الاهتمام والعناية ، ومن أهم تلك الجوانب : الجانب العلمي ، والإيماني ، والعقلي ، والجسمي ، والنفسي . . فإذا أعطي ، كل منهذه الجوانب نصيبها - خصوصاً في أوقات الترويح الطويلة - فإن الهدف المرجو بإذنالله يتحقق وذلك من مثل : تجديد النشاط ، وإزالة الملل ، والشعور بالأنس والسعادة،وغير ذلك من الأهداف الأخرى التي يعرفها من جرب هذا الترويح الهادف .
من موقع لكِ
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين