مجزرة حماة 1982 ....... ونصرنا القريب بإذن الله .

بقلم : الدكتور عثمان قدري مكانسي

أسباب اندلاع الأحداث
جاءت تلك الأحداث الأليمة في حماة قبل ثلاثين سنة في سياق صراع عنيف بين نظام الرئيس حافظ الأسد والإسلاميين وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين التي كانت في تلك الفترة من أقوى وأنشط قوى المعارضة في البلاد.
واتهم النظام حينها جماعة الإخوان بتسليح عدد من كوادرها وتنفيذ اغتيالات وأعمال عنف في سوريا من بينها قتل مجموعة من طلاب مدرسة المدفعية في يونيو/حزيران 1979 م في مدينة حلب شمال سوريا.
ورغم بُعد الإخوان عن تلك التهم وتبرّئهم من أحداث مدرسة المدفعية فإن النظام آنذاك اغتنم الحادثة وشن حملة تصفية واسعة في صفوفهم، وأصدر القانون 49 عام 1980 م الذي يعاقب بالإعدام كل من ينتمي لجماعة الإخوان .
 أحداث المجزرة
دامت المجزرة 27 يوماً بدءاً من 2 شباط/فبراير 1982 م. وقد قام النظام السوري بحشد:
سرايا الدّفاع.
واللواء 47/دبابات.
واللواء 21/ميكانيك.
والفوج 21/إنزال جوّي (قوات خاصّة).
فضلاً عن مجموعات القمع من مخابرات وفصائل حزبية مسلّحة.
سقط ضحية هذه العملية الأمنية العسكرية قرابة أربعين ألفاً وفق تقديرات اللجنة السورية لحقوق الإنسان، وهدمت أحياء بكاملها على رؤوس أصحابها كما هدم 88 مسجداً وثلاث كنائس، فيما هاجر عشرات الآلاف من سكّان المدينة هرباً من القتل والذّبح والتنكيل.
 تشير التقارير التي نشرتها الصحافة الأجنبية عن تلك المجزرة إلى أن النظام السوري منح القوات العسكرية كامل الصلاحيات لضرب المعارضة وتأديب المتعاطفين معها. ولتفادي الاحتجاجات الشعبية والإدانة الخارجية فرضت السلطات تعتيماً على الأخبار، وقطعت طرق المواصلات التي كانت تؤدي إلى المدينة، ولم تسمح لأحد بالخروج منها، وخلال تلك الفترة كانت حماة عرضة لعملية عسكرية واسعة النطاق شاركت فيها قوات من الجيش والوحدات الخاصة وسرايا الدفاع والاستخبارات العسكرية ووحدات من المخابرات العامة والمليشيات التابعة لحزب البعث. وقاد تلك الحملة العقيد رفعت الأسد الشقيق الأصغر للرئيس السوري حافظ الأسد الذي عـُيـّن قبل المجزرة بشهرين مسؤولاً عن الحكم العرفي في مناطق وسط سوريا وشمالها ووضعت تحت إمرته قوة تضم 12 ألف عسكري مدربين تدريباً خاصاً على حرب المدن.
وبدلاً من أن تتخذ السلطات السورية الإجراءات الكفيلة بالحد من آثار المجزرة وتداعياتها على سكان المدينة المنكوبة والمجتمع السوري بشكل عام، والتحقيق في أعمال التنكيل والعنف التي وقعت ضد الأهالي وأبيدت خلالها أسر بكاملها، فقد عمدت إلى مكافأة العسكريين المشتبه في تورطهم فيها والذين كان لهم ضلع مباشر في أعمال القمع، ومن بين هؤلاء العقيد رفعت الأسد الذي عين نائباً لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي، وضباط كبار في الجيش والمخابرات جرى منحهم رتباً أعلى، كما تم تعيين محافظ حماة آنذاك محمد حربة في منصب وزير الداخلية، وكانت تلك الإجراءات بمثابة استهتار بالمشاعر العامة غير مسوغ أبداه النظام الدموي الكاره للشعب ودينه، وتأكيداً واضحاً على استمرار منهجية القوة بدلاً من الحوار في التعاطي مع الشؤون الداخلية. وهذه طبيعة كل نظام ديكتاتوري ظالم.
لقد عكست مجزرة حماة تحولاً واضحاً في السياسة التي اتبعها النظام السوري في حينه تمثل في الاستعانة بالجيش والقوات المسلحة على نطاق واسع لإخماد العنف السياسي الذي اندلع بين عامي 1979 م و 1982 م، والزج بالمدنيين في معترك الصراع مع المعارضة، وقد كان هؤلاء المدنيون هم الضحية الأبرز في هذه المجزرة المروعة، حتى إن سوريا بعد تلك الوحشية التي استخدمها النظام لم تشهد أي احتجاجات شعبية على السياسات التي ينتهجها النظام إلى عام 2011 م عندما اندلعت الثورة السورية
المباركة طاردة الخوف من قلوب الشعب الذي هب بكل فئاته يطالب بحقه المغصوب .مظهراً بطولة رائعة بهرت الأمم جميعاً قاصيها ودانيها .
وظن الجزار بشار ابن الجزار حافظ أن القمع والقتل كفيلان دائماً بقمع الشعب وإرهابه ، ولكن هيهات هيهات ، فالحرية دقت أبواب الأمة ،وشعبنا يزداد تصميمه يوماً بعد يوم على نيل حريته والقضاء على النظام المجرم وأركان الفساد في ربوع وطننا الحبيب ، وهو يبذل الغالي من دماء أبنائه وشبابه في سبيل انتزاع حقه من طغمة الحاكم النذل بشار ومن يسانده .
إن بشائر الحرية تلوح في أفق بلدنا الحبيب ، والصبر والثبات والاتكال على الله تعالى أقوى سلاح في أيدينا ، وسوف ننال ما نسعى إليه ونعمل له بإذن الله ، وإن غداً لناظره قريب .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين