بين مسيرتين !

  طارق أبو جابر

      توقف قليلا مع عقلك وضميرك ووطنيتك وإنسانيتك ، وتأمل المسيرتين : مسيرة خرجت تهتف للشعب والوطن ، وأخرى خرجت تهتف للفرد والصنم ، مسيرة خرجت تهتف للحرية والكرامة، وأخرى خرجت تهتف للعبودية والمهانة ، مسيرة خرجت تهتف لحاكم فرض على الشعب بالغصب ، وأخرى خرجت تهتف لحاكم يختاره الشعب ، مسيرة خرجت تطالب باسترداد حقوق الشعب ، وأخرى خرجت تطالب بالاستمرار بنهب الشعب ، مسيرة تطالب بأن يكون الحاكم خادما لشعبه ، وأخرى تؤله الحاكم على شعبه ، مسيرة ينتظر كل مشارك فيها السجن والتعذيب والقتل ، وأخرى يحصل أصحابها على الأجر والقرب والوصل ، مسيرة تطالب بحكم الشعب على هدي الرب ، وأخرى تطالب بحكم عصابات النهب والسلب ، مسيرة تهتف الله أكبر ، والعزة لله ، وأخرى تهتف الحاكم أكبر، والذل لعباد الله ، مسيرة تطوقها وتنهشها الذئاب ، وأخرى تحيط بها وتحرسها الكلاب ،مسيرة يقودها المسحوقون والمغيبون والمقموعون ، وأخرى يقودها المترفون والمتنفذون والمنتفعون ، مسيرة تُضَمَّخ كل يوم بالدماء والأشلاء ، ومسيرة ترقص وتغني على الدماء والأشلاء ، مسيرة ترفع الشعارات الخادعة المزيفة الكاذبة ، وأخرى ترفع أصوت الحق الصادقة الصادعة ، مسيرة يأتي أصحابها بالسيارات الفارهة ، ويسكنون القصور المحصنة ، وأخرى تحملها الأقدام ، وتؤويها الأشجار والخيام ، مسيرة ينعم أصحبها براحة الضمير والوجدان ، وأخرى يشقى أصحابها بتأنيب الضمير والامتهان – إن كان عندهم ضمير ووجدان –
 هما مسيرتان ، ماضيتان ، مسيرة للحق والعدل ، وأخرى للباطل والظلم ..
قال الباطل : أنا أخرس الحق بالرصاص والسجن والقمع .. وقال الحق : أنا السيل العارم ، أجرف الباطل المدجج بعون الرب!

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين