اِنتهاك أخلاق الإسلام وتعاليمه؟

وإنما كان محمدٌ ﷺ، محمداً، بالخُلق العظيم، والسلوك الإنساني الرفيع، والعفو عند المقدرة، ومعاملة الأعداء الألِدّاء بالصفح والإحسان أو بالقصاص العادل.. فَلانَت له القلوب المُستَوحِشة المُقفِرة، وخَضَعَت له الأعداء الأشداء، ونَصَرَه الله حيث يُحِب أن يُنصُر.

ما عرفنا عن رسول الله ﷺ، أنه عَذّب عدواً أو مُحارباً، ماعرفنا هذا في ديننا، ولا في أخلاق حضارتنا، كلّ اِنتهاك لِتعاليم نبينا الذي بُعِث لِيُتمم مكارم الأخلاق، هو اِنتهاك لِحُرمَة الثورة الأخلاقيّة، والشعب الذي ثار مطالباً بحريته وكرامته.

لا يحق لأَحدٍ أن يُعذِّب أحداً، كما لا يحق لأَحدٍ أن يُنزل القصاص بأحدٍ من عند نفسه، فتلك مهمة قضاة مُحتَرِفين، توجِه بها سلطة تشريعية، وليس من حقّ الأفراد أن يَقْتَصوا من بعضهم البعض، فتلك هي شريعة "الثأر" و "الاِنتقام"، لم ينزل بها دين ولا مَنطِق، وهذا ما يسمى "فوضى ما بعد الثورات"..حيث يسود الغضب الأعمى، و تغيب السُلطة التي يَحْتَكم الناس إليها، ويثقون بها، عن إدارة وضبط الأمور.

لا ينبغي أن يدعونا الألم إلى التسبب بالألم، ولا أن تدعونا الفظائع إلى اِرتِكاب فظائع مُماثلة، لا يجب أن يدعونا الحقد والكراهية إلى الحقد والكراهية، ولا الأذى إلى الأذى، لا يجب أن تدعونا الوحوش إلى التَّوحُش، ولا يجب أن تدعونا الأغوال إلى التغول..

وإلا.. فلقد اِستوينا مع المُجرمين في إجرامهم، وتَفَوَقوا علينا بِالعَتاد والقُوة، ولا نصر !

الإسلام دين القِيّم والأخلاق، والعدل مع الخصم، والإحسان إلى المُسيء.

إنها المحنة.. ومن المحنة أن يُبتلى المرء، فينظر الربّ ما يصنع الناس بمحنتهم.

لقد كان من أهم أسلحتنا في هذه الثورة، التمسك بالمنظومة الأخلاقية، المُستمدة من أسس حضارتنا الإنسانية الراقية، والتي اِنْطَلَقت الثورة في ظِلّها.

أمرٌ مُلِّح للغاية، اِستيعاب خطورة تمسكنا بهذه المنظومة، في صراعنا مع هذا النظام المجرم، ووسائل الاِستمرار في الثورة عليه.

إذا اِستطاع "النظام ثلاثيّ الشُّعب" بتَوَحُشه غير الأخلاقي واِستعانَتِه بالأعداء الخارجيين، أن يَجُرّنا إلى إلقاء أسلحتنا واحداً فواحداً، فلقد اِنْتَصر علينا وكَسب المعركة.. وإن تزلزل و سقط.

خواطر في زمن الثورة

رتقٌ على جراح الذاكرة

#خواطر_في_زمن_الثورة_نوال_السباعي// الجزء الأول

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين