نصارى الشام والتراث

هناك جهود للنصارى العرب في الدراسات العربية والتاريخ الإسلامي.

وربما اهتمامهم بهما يعود إلى إنهم اعتبروهما من أصول "القومية العربية" المُبتغاة، على غرار أصول "القومية الألمانية" المستورَدة، وِفق ما قعّده ساطع الحصري /ت ١٩٦٨/!.

غير أنّ هناك فريقاً منهم أراد أن يقلّد الموسوعيين الأوروبيين إبّان عصر النهضة، الذين رأوا أنّ الإزدهار يحدث من خلال نشر العلم وردم الجهل، وهذا يتمّ عن طريق بثّ المعلومات بين الناس..

من خلال هذا وذاك صار عندهم إِعتناء، بل أهم من ذلك أصبح لهم المشروعيةُ للبحث والكتابة في اللغة والتاريخ، ومن ثَمَّ المجال للتلبيس والتدليس، الأمرُ الذي يذكِّرنا بما حدث في الحضارة الإسلامية حينما ترجم النساطرة كتبَ اليونان إلى العربية، بطريقة لم يكونوا فيها أمناء على ما كُلّفوا به، كما ذكر ابن النديم / ت ٩٩٠م/ في كتابه (الفِهرست).

وإذا عدنا إلى العصر الحديث وجدنا التحريفَ والتشويه عندهم واضحاً بشكل بات معروفاً للجميع، وخاصةً عند أمثال:

فيليب حتّي / ت ١٩٧٨ /، وجورجي زيدان /ت ١٩١٤/، وبندلي الجوزي/ت ١٩٤٢/، وكمال الصليبي /ت ٢٠١١/.. وغيرهم.

حتى وإن كان بحثاً آكاديمياً، كما فعل ألبرت حوراني/ت ١٩٩٣/ الذي تجاوز في تأريخه (الفكر العربي في عصر النهضة) دخولَ خيل بونابرت للأزهر!

لكن، بطبيعة الحال، قد وُجد استثناءٌ بينهم، كأعمال الراحل د.نقولا زيادة /ت ٢٠٠٦/ الموضوعية إلى حدّ ما.

ومع هذا أودُّ هنا ذكرَ ثلاثة نماذج عن سوء صنيع القوم فيما يخصّ اللغةَ والأدب العربي، باعتبار ذلك غيرَ مشهورٍ كثيراً، وهي:

١. لويس شيخو/ت ١٩٢٧/: الذي اتّبع أسلوباً غريباً ومنهجاً عجيباً في كتابه الشهير (شعراء النصرانية قبل الإسلام) ذي المجلدين الكبيرين.

حيث تقصَّى شعراءَ الجاهلية العرب، فمن وجد في قصيدته كلماتٍ مفتاحيةً محدّدة سلفاً مثل:

زيت، فتيل، خشبة... جعله نصرانياً!!

ولو لم تُذكر إحداها في قصائده الكثيرة إلا مرةً واحدة!

٢. لويس معلوف /ت ١٩٤٦/: الذي صنع أولَ معجم علماني في تاريخ اللغة العربية، وهو (المنجد)

حيث كانت التقاليدُ العلمية المتّبعة في القواميس العربية، أن يُذكر أهمُّ ما يتعلّق بالكلمة المرادة، ابتداءً من القرآن ثم الحديث ثم الشعر ثم أقوالِ واستخدامات العرب..

إلا أنّ صاحبَ المنجد أبعد القرآنَ والحديث عن مشروعه، واقتصر على غيرهما!

٣. حنا فاخوري /ت ٢٠١١/: الذي كتب (تاريخ الأدب العربي) بشكل مبسّط يناسب طلبةَ المدارس.

لكنه مَجّد وأبرز جماعته المعاصرين بل أكثرَ منهم!! مثل فرح أنطون/ت ١٩٢٢/، وشبلي الشميل/ت ١٩١٧/ وغيرهما وقلّل من شأن الإنتاج الأدبي لمسلمين معاصرين، مثل المنفلوطي /ت ١٩٢٤/، والرافعي /ت ١٩٣٧/!

أقولُ هذا وأنا أحبّذُ المنهجَ القرآني {ليسوا سواءً} فأذكرُ جهودَ آخرين خدموا العربية بموضوعية، أمثال خليل مطران / ت ١٩٤٩/ في الشعر، وإميل يعقوب /تولد ١٩٥٠ / في النحو.

هذا ما بدا لي، والله تعالى أعلى وأعلم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين