مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (76)

(وَلَمَّا جَآءَهُمۡ كِتَٰبٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمۡ وَكَانُواْ مِن قَبۡلُ يَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ) [البقرة: 89]

السؤال الأول:

جاءت كلمة (مُصَدِّقٞ) [البقرة:89] مرفوعة في هذه الآية وفي الآية[101] بينما جاءت منصوبة في آية البقرة (مُصَدِّقٗا) [البقرة:91] وجميع الآيات هي في سورة البقرة، فلماذا؟

الجواب:

أولا: لنسنعرض الآيات: 

قوله تعالى: (وَلَمَّا جَآءَهُمۡ كِتَٰبٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمۡ) [البقرة:89].

قوله تعالى: (وَيَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ ) [البقرة:91].

قوله تعالى: (وَلَمَّا جَآءَهُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمۡ) [البقرة:101].

ثانياً:

الآية[89] كتابٌ: فاعل مرفوع، فتكون الصفة (مُصَدِّقٞ) مرفوعة. 

الآية [91] جملة (وَهُوَ ٱلۡحَقُّ) الواو: واو الحال، والجملة (هو الحق) مبتدأ وخبر في محل نصب حال , و(مُصَدِّقٗا) حال منصوبة.

الآية[101] رَسُولٌ: فاعل، وتكون (مُصَدِّقٞ) صفة مرفوعة.

السؤال الثاني:

ما دلالة الفعل (يَسۡتَفۡتِحُونَ) في هذه الآية؟

الجواب:

الفعل (يَسۡتَفۡتِحُونَ) أي يستنصرون , وفتح الله على نبيه أي نصره. قال أبو العالية: كانت اليهود تستنصر بمحمد صلى الله عليه وسلم على مشركي العرب , يقولون لهم: اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوباً عندنا في التوراة حتى نُعذّب المشركين ونقتلهم , فلمّا بَعث اللهُ محمداً عليه السلام , ورأوا أنه من غيرهم كفروا به حسداً للعرب وهم يعلمون أنه رسول الله.

وقال قتادة: لمّا بعث الله محمداً , فرأوه أنه بُعث من غيرهم كفروا به , حسداً للعرب , وهم يعلمون أنه رسول الله ,يجدونه ممكتوباً عندهم في التوراة. 

****

{بِئۡسَمَا ٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡ أَن يَكۡفُرُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغۡيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٖۚ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٞ مُّهِينٞ} [البقرة: 90]

السؤال الأول:

ما دلالة لفظة (بَغۡيًا) في الآية؟ وما دلالة قوله تعالى: (فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٖۚ) ؟

الجواب:

1 ـ لفظة (بَغۡيًا) أي حسداً وظلماً لأن تكون النبوة في بني إسماعيل عليه السلام , والبغي: هو اشتداد في طلب شيء ما, وأصله مطلق الطلب والإرادة. وكلمة(بَغۡيًا) تعرب مفعول لأجله , وهو علة ( اشتروا ) أو علة ( يكفروا ).

2ـ قوله تعالى: (فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٖۚ) أي عاقبهم الله بغضبين:

آ ـ الغضب الأول: بسبب عبادتهم للعجل من دون الله , وعدم إيمانهم بعيسى عليه السلام وبالإنجيل , وتحريفهم للتوارة.

ب ـ الغضب الثاني: بسبب عدم إيمانهم بالرسول عليه الصلاة والسلام وبالقرآن , ونتيجة عملهم هي: (وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٞ مُّهِينٞ) من الإهانة فيُذلهم ويُخزيهم.

السؤال الثاني:

وردت لفظة ( بئسما ) في القرآن الكريم متصلة (بِئۡسَمَا) ومنفصلة (لَبِئۡسَ مَا) فما تعليل ذلك؟ 

الجواب:

1 ـ وردت لفظة (بِئۡسَمَا) في القرآن الكريم متصلة في ثلاثة مواضع وهي: 

[ البقرة 90 ـ 93 ـ الأعراف 150 ] ووردت منفصلة (لَبِئۡسَ مَا) في ستة مواضع وهي: 

[ البقرة 102 ـ المائدة 62 ـ 63 ـ 79 ـ 80 ـ آل عمران 189 ].

2ـ حرف ( ما ) في لفظ {بِئۡسَمَا} يأتي موصولاً في الآيات التي ليس فيها تفصيل , لأنه بمعنى واحد من جهة كونه مذموماً , بخلاف قوله تعالى : 

{ وَتَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ}[ المائدة: ٦٢ ] فحرف ( ما ) يشتمل على الأقسام الثلاثة التي ذكرت قبل في الآية , وكذلك قوله تعالى: 

{ تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ} [ المائدة: 80 ] فحرف ( ما ) مفصول لأنه يشتمل ما بعده من الأقسام. والله أعلم.

السؤال الثالث:

ما دلالة رسم كلمة (فَبَآءُو) بدون ألف في القرآن الكريم؟ 

الجواب:

وردت كلمة (فَبَآءُو) بدون ألف في آخرها ثلاث مرات في كل القرآن الكريم في الآيات:

[ البقرة 61 ـ90 ـ آل عمران 112 ] وكلها بدون ألف في آخرها , ويوحي هذا الحذف للألف بسرعة اكتسابهم غضب الله , وهم اليهود الذين عصوا الله سبحانه فاستحقوا سرعة غضبه. والله أعلم. 

****

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين