فرحة العيد... وحِزام الأحزان!

بقلم: حسن قاطرجي


لا يتعارض في فكر المسلم فهمُه لفلسفة الأعياد في الإسلام مع تفاعُلِهِ الفكري والشعوري مع قضايا أمته وهمومها وأحزانها... فهو في الوقت الذي يشعر بفرحة إتمام العبادة مع انتهاء رمضان ويشكُرُ اللهَ سبحانه وتعالى على نعمته عليه وعلى المسلمين جميعهم بما تجلّى في رمضان من كثير من مؤشرات الخيرية ودلائل النِّعَم، ويَوْجل قلبُه ضارعاً أن لا يُحرَم من الأجر وقَبول الجهد وأن يكون ممن شَمِلتهم مغفرة الله عز وجل ومَنّ عليهم بالعتق من النار...

 

يخنُقُ فرحتَه الجزئية هذه حِزامٌ من الأحزان لا ليقع في اليأس أو الإحباط وإنما ليتولّد عنده مزيدٌ من قوة الإصرار على مغالبة أسبابها:
 
1. حُزنُ إقصاء الإسلام عن موقع الإدارة السياسية والتشريعية والإعلامية والتربوية في بلاد المسلمين... وهو كارثة الكوارث ومنبع أخطر الشُّرور وأشدّ المفاسد.
 
2. وحُزنُ تولِّي (من لا خَلاق لهم عند الله) - في الأعم الأغلب من الحالات - سُدّة الحكم والمسؤوليات في العالم الإسلامي.
 
3. وحُزنُ مأساة احتلال (أعداء المسلمين) لفلسطين الحبيبة والعراق الغالية وأفغانستان الأبيّة وكشمير الممتَحَنة... مع عدد آخر من بلاد المسلمين الرازحة تحت نير الاحتلال الروسي البغيض.
 
4. وحُزنُ حصار وخنق (قطاع غزة) منذ سنوات مع ما ينطوي عليه هذا الظلم من آلام ونكبات، وحُزن كارثة فيضانات باكستان وما خلّفته من مآسٍ وأحزان... في حياة الملايين من المسلمين.
 
وعلى الرغم من ذلك كله فإنّ بَريق آمال الخلاص من هذه الأحزان سيبقى محفِّزاً لتحويلها إلى واقع مُشرِقٍ عزيز يُرضي اللهَ ورسولَه ويغمُرُ المؤمنين الصادقين بالفرح {ويؤمئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله}... بريق الثقة العظيمة بالله وقوة الإيمان به، وإرادة التغيير وعزيمة التنفيذ، وبريق التخطيط الواعي الصادق للمستقبل، وبريق الأمل العظيم بالمؤمنات الأبيّات صانِعات الأجيال والمتصدِّيات لأخطر مشاريع الإفساد في بلاد المسلمين سواء الإفساد الأخلاقي البشع أو إفساد التخلُّف والتجهيل وتهميش الإنسان...
 
 
ما العيد إلا أن نَرجِعَ لديننا      حتى يعودَ قُدسُنا المفقودُ
ما العيــد إلا أن نعودَ أمـةً       فيها محمَّدٌ لا سواه عميدُ

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين