مختصر قنوت النوازل

من الأعمال المشروعة في هذا الوقت: (القنوت)، وهو سنّة نبوية، فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما ألـمّت بالمسلمين نازلةٌ وقُتل سبعون من الصحابة القرّاء غدرًا؛ فدعا شهرًا كاملًا متتابعًا في جميع الصلوات على مَنْ قتلهم، وفي هذا تعليم وتربية للمسلمين على الالتجاء إلى الله جل جلاله والتضرّع إليه في الشدائد والابتلاءات التي تنزل بعموم المسلمين.

وملخّص أحكام القنوت فيما يلي:

1- القنوت مشروعٌ إذا نزلت بالمسلمين نازلةٌ عامة، ومن ذلك الأوبئة، فهي أشدّ فتكًا وأكثر ضررًا من العدو في بعض الأحيان، وقد تكون من صنعه، قال الإمام النووي /: "الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور: إنْ نزلت بالمسلمين نازلة -كخوف أو قحط أو وباء أو جراد أو نحو ذلك- قَنَتُوا في جميعِها [يعني جميع الصلوات]، وإلا فلا". المجموع (3/494).

2- القنوت مستحبٌّ في الصلوات الخمس: لحديث ابن عبّاس ب قال: (قَنَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ، فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ) أحمد (2746) وأبو داوود (1443)، وهو في الفجر والمغرب آكد؛ لحديث أنس رضي الله عنه : (كَانَ القُنُوتُ فِي المَغْرِبِ وَالفَجْرِ). البخاري (798).

3- موضع القنوت: قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: "وأمّا القنوت: فالناس فيه طرفان ووسط: منهم من لا يرى القنوت إلا قبل الركوع، ومنهم من لا يراه إلا بعده، وأمّا فقهاء أهل الحديث -كأحمد وغيره- فيُجَوّزُونَ كلا الأمرين؛ لمجيء السنّة الصحيحة بهما، وإن اختاروا القنوت بعده؛ لأنّه أكثر، وأَقْيَسُ؛ فإنّ سماع الدعاء مناسبٌ لقول العبدِ: (سمع الله لمن حمده) فإنّه يُشرعُ الثناءُ على الله قبل دعائه كما بُنِيَت فاتحةُ الكتاب على ذلك: أوّلها ثناءٌ وآخرها دعاء". مجموع الفتاوى (23/100).

4- القنوت مشروعٌ للجماعة والمنفرد، في المساجد وغيرها، لاسيما إنْ عُطّلت المساجد بسبب الوباء، قال ابن حجر / في القنوت زمن الطاعون: "الدعاءُ برفعه عن المسلمين الذين وقع ذلك ببلدهم مشروعٌ اجتماعًا وانفرادًا في القنوت". بذل الماعون في فضل الطاعون (ص 316).

5- صيغة دعاء قنوت النوازل: دعاءُ القنوت في النازلة يختلف عن دعاء القنوت في الوتر (اللهم اهدنا فيمن هديت ...الخ)، فيُدْعَى فيه برفع النازلة بما يناسب الحال، والسنّة فيه الاختصار، قال النووي /: "واعلم أنّ القنوت لا يتعيّن فيه دعاء على المذهب المختار، فأيّ دعاءٍ دَعَا به حصل القنوتُ". الأذكار (ص 61). ففي هذه النازلة: نسألُ الله سبحانه العافية، وندعوهُ تعالى أن يُعيذنا من هذا الوباء، وأن يُسلّمنا منه، وأن يرفعه عنّا، وأن يُصبّر من أصابه، وأن يشفيه، ونحو ذلك من الأدعية.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين