السامري ..والعجل الذهبي وهل نرى شبها به في زمن الكورونا الخفي

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا رسول الله محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد

فقد كانت عقوبة السامري التي حدثنا الله عنها في سورة طه أن لا يمس أحدا ولا يمسه أحد ، جراء قيامه بتضليل بني إسرائيل بما سولت له نفسه الخبيثة ودعوتهم لعبادة عجل ذهبي صاغه لهم من الحلي التي أخرجوها معهم من مصر فرارا من فرعون ، رغم شهودهم معجزة انفلاق البحر الأحمر ونجاتهم مع موسى عليه السلام وغرق فرعون وجنوده ،

قال تعالى : "فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي طلْت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفًا "، وبذلك أضحى السامري في عزلة جبرية يهلك فورا ويموت إن مسّ أحدا أو مسه أحد.

- واليوم يبدو أن أشباه السامري قد سلطهم الله تعالى على الجنس البشري الذي قبِلت أكثريته بالدعوة إلى عبادة عجل المادّة من حُلي الثروات والموارد ، وترك نهج الله في كل أمور الحياة، رغم ما أراه الله من آيات في نفسه وفي الكون ، فصار الناس جراء الوباء في عزل جبري يجعلهم لا يمس بعضهم بعضًا ولا يُمسّون !!

- إنه مهما قيل في سبب انتشار الوباء على الأرض التي وضعها الله للأنام فإن المشترك الإنساني الذي لا يقوى على إنكاره أحد هو الموت الذي يدْهمُ أهل المدائن والقرى ، والذي عجز العالم كله على مدى ألوف السنين عن تأخيره أو تعجيله ، وهو ما يؤكد أن هناك من يحيي ويميت ، فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

- إن شهر شعبان قد أظلنا بفضل الله ، وهو شهر كريم يبشرنا بقدوم جاره العزيز شهر رمضان المبارك ، فقد بدأ العد العكسي له ، وإن الفطن من تعرّض لنفحات الله ، فاجتهد في الطاعات والمكرمات والمبرات في زمن البأساء والضراء واقتراب الآجال ، فاللهم أهلّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام هلال خير ويمن وبركة وكشف الوباء والبلاء وتسلط الأعداء.

- إن إعلان الدولة للتعبئة العامة جراء انتشار الوباء وإن اقتضى إحجاما عن التنقل في الطرقات وممارسة الأعمال في المؤسسات ، إلا أنه يقتضي في المقابل إقداما استثنائيًا من الحكومة بالدرجة الأولى باتجاه إغاثة المواطنين في بيوتهم وتيسير سبل العيش الكريم لهم ، واتخاذ قرارات جريئة بتمويل إنقاذ الشعب من ماله المغصوب من النافذين في الدولة على مدى قرن كامل مهما علا شأنهم وتعززت حصاناتهم ، فإن من يعجز عن إحقاق الحق وبخاصة في زمن الكوارث يقوم من حيث يدري أو لا يدري بتشريع الأبواب لفوضى جارفة تأكل الأخضر واليابس.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين