للازواج فقط !؟

عرض : يحيى حاج يحيى

كتاب يجمع ألوانا من النقد الاجتماعي ، و قد ضم محاضرة و عشر مقالات

حملت المحاضرة عنوان الكتاب [للأزواج فقط] وهو كما يقول المؤلف : موضوع ذو مساس بالأزواج و غير الأزواج ، ممن هم على أهبة الزواج القريب أو البعيد ، أو ربما على أهبة الطلاق أيضا !! و حجر الزاوية فيه هو [ظاهرة الخيانات الزوجية] ! إلا أن البحث يتشعب من بعد ذلك ليتناول أمورا فرعية متعددة و ذلك عندما يتعرض الحديث لأسباب الظاهرة ونتائجها وكيفية علاجها .

وقد اصطنع الكاتب أسلوب الحوار بين اثنين أحدهما يسأل ؟ و الآخر يجيب ، وأخذت المقالة [المحاضرة] حوالي خمسين صفحة من القطع المتوسط وقد رد المؤلف هذه الظاهرة المخجلة المؤسسية الهادمة للبيوت إلى عدم التكافؤ ، وكثرة العرض بكشف النحور والصدور و التزويج الإلزامي ، خباثة المنشأ ، الحرمان المادي و المعنوي،وأما النتائج فتتجلى في عواقب أخلاقية وصحية واجتماعية و نفسية . وأما حل هذه المعضلة الوخيمة بجميع أشكالها وبجميع أسبابها فيختم به المؤلف محاضرته : في حسن الانتقاء قبل الزواج ، وتناول الأمور بحكمة و أناة بعد الزواج و إزالة الأسباب . و أما ما يجمع الوقاية والعلاج فهو تقوى الله ، التي تبعد المرء عن مواطن السوء وطرق الشيطان والترفع عن الأخلاق والممارسات السيئة . وتعمل على تسديد الزوجين أو الجنسين في المحافظة على عفتهما وطهارتهما في السر والعلن !

ومعرفة حقوق الزوجة والرضا بما قسم الله ، فإن الذين يتقون الله يوفقون إلى نظائرهم من أهل العفاف و الطهر ، مختتما بحديث النبي صلى الله عليه وسلم [إن لله ملائكة يسوقون الأهل إلى الأهل] و بقوله تعالى [الخبيثات للخبيثين ، و الخبيثون للخبيثات ، والطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات ]

و تتحدث المقالة الثانية [ التيار والمنجرفون ] عن أولئك الذين لا يثبتون على فكرة أو مبدأ ، فهم يتغيرون حسب التيار فيجرفهم و كأنهم هشيم المحتظر !

وأما [كنوز قارون] فهي مؤسية مضحكة ،تتوقف عند مجموعة من ذوي الدخل المحدود أو المنهوب يلتقون عند بائع ثياب مستوردة مستعملة [بالة] فرحين بتلك الثياب ، ومما يحزن الكاتب أننا لا نستورد بالات الثياب فقط ، ولكن [بالات الفكر و المبادئ ] و يقف في مقالة [ الحقيقة على الطريقة اليابانية] ليرينا بمنظار الناقد ، الكاشف لبواطن الأمور أن كثيرا مما نراه و يحسبه الناس منحا وعطايا ومواقف كرم لم تكن في حقيقتها إلا دعاية ونفاقا ودغدغة لمشاعر الجماهير التي سحرتها أجهزة الإعلام فجعلت عيونها ترى ما ليس له حقيقة !

وفي [السلبيات و الإيجابيات] يوضح الكاتب أن كثيرا مما يسمى نقدا ما هو إلا غيبة أو بهتان ! لبس لبوس التقويم ، و لا ينظر إلا بعين واحدة ، و أنه من الضروري الرؤية بالعين الأخرى لتظهر الإيجابيات التي لا تعدم في الناس و أما في [كراسي هذا الزمان] فانصب النقد على فئة من الناس يستهويها القفز و المظاهر و البحث عن منصب دون الالتفات إلى عواقب الأمور ، وقدجعلوا من كراسيهم وسيلة لصيد الغنائم .

و في [أنا و الأربعون] يتوقف الكاتب عند نظرة متفحصة للذات ، و أنه جدير بالمرء وقد بلغ الأربعين أن يعدل مساره إذا كان منحرفا ، و يغذالسير إذا كان على جادة الصواب ! و في [التنفس خارج علب الإسمنت] نقد طريف لحياتنا المادية و قد تغيرت أنماط حياتنا في السكن و المواصلات والمآكل والملابس ففقدنا كثيرا من نقائنا و براءتنا !

و في [ المعقدون] يدير حوارا بينه و بين آخر لاستجلاء أنواع العقد الاجتماعية و النفسية والفكرية و الحضارية ومظاهرها وتطبيقاتها ، وضررها في حياة الفرد والمجتمع .

وأما في [ قراءة جديدة لمجلة قديمة] فيستعرض ما تحفل به بعض المجلات النسائية من دعوات للنساء أن يصرن كعرائس الشمع ، لا هم لهن إلا الزينة والتبرج،كما [في الشواطئ – والتسريحات – و الأزياء – و تفسير الأحلام – و المأكولات ] فأين موقع المرأة بعد هذا ، في الواقع و الحياة ؟!

و في [لباس الناس] يوضح الكاتب أن التقليعات [الموضات] هي التي تتحكم في الأذواق ، وتلقي بثقلها بعيدا عن عادات الشعوب ، و حاجاتها النفسية و الجسدية ، إذ لم يعد اللباس سترا و ذوقا بعدما تلاعبت دور الأزياء في حاجات الناس و أذواقهم .

حفل الكتاب في صفحاته التي تجاوزت المئتين من القطع المتوسط بنقد صادق مؤسٍ أحيانا ومضحك أحيانا أخرى بتصويره العيوب و المثالب – كماهي في واقعها – لا على أنها ضربة لازب تسيطرعلى المجتمع و تكبل الناس .. فهي حالات مرضية ، ليس فيها ما هو عضال يصعب البرء منه ..

ففي العودة إلى الذات ، وثمعرفة علة الوجود في هذا الكون ، والقيام بالمهمة الملقاة على الأمة التي اختارها الله لحمل رسالته إلى البشرية مخلص ومنجاة ، لأنها في موقع القيادة ،[ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ، ويكون الرسول عليكم شهيدا.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين