الفردية سبب للفرقة والتنازع 

يخاطب القرآن الكريم الإنسان بطاقاته الثلاث الروحية والجسدية والعقلية ويجعل الطاقة الروحية أساسا لبناء الجسم والعقل ويغذي روح الإنسان بالعبادة ويغذي عقله بالعلم والمعرفة ويغذي جسمه بالمحسوسات المعروفة

حتى يكون الفرد عضوا إيجابيا في الجماعة. 

ويدعوه القرآن إلى إقامة التوازن بين الطاقات الثلاث حتى يحقق وظيفته الإنسانية ورسالته الحضارية في المجتمع بالتغاهم والتعاون 

وقد امر الله الفرد في إيات كثيرة بالعمل الجماعي. 

وكذلك امر رسوله صلى الله عليه وسلم الالتزام بالجماعة وعدم شق صفها 

والمشكلة اليوم ان بعض الأفراد يلتزمون مدة معينة بالجماعة ثم يفارقونها لأسباب تخصهم وياليتهم حافظوا على الاحترام المتبادل ولكن يصبح شغلهم الشاغل النقد غير البريء وإظهار السلبيات وكأنهم وحدهم على حق وغيرهم على باطل. 

وأسأل ما الفائدة من العمل في ميدان السلبيات غير ادخال اليأس إلى قلوب الناس وتفريق الصف وأضعاف الثقة؟! 

ولذلك أجد ان سبب التنازع في التيار الإسلامي هو الفردية فبدلا أن تجتمع الأمة على رأي الجماعة ، نجد مئات الآراء من الأفراد الذين جعلوا من أنفسهم أمة مقابل أمة فكيف لنا والوضع بهذا الشكل أن نحقق البنيان المرصوص ونحن امام ظاهرة الأفراد وإعجاب كل فرد برأيه؟!

إذن سبب التنازع هو الفردية فالإنسان الفرد بحب أن يتميز ويحب أن يكون مهما، ويحب أن يشار إليه بالبنان، وقد يصل به الأمر إلى أن يبني مجده عل أنقاض الجماعة، وأن يبني غناه على فقرها، وأن يبني عزه على ذلها، وأن يبني قوته على ضعفها، وأن يبني كرامته على إذلالها. 

قال تعالى: ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ).

فإن كانت الريح من جهات عديدة وكانت متوازنة معتدلة هادئة فهي رياح، وأما إذا اجتمعت الرياح كلها في جهة واحدة ( اي الفردية ) فتصبح ريحا مدمرة 

والمراد في الآية: فتذهب قوتكم الواحدة المجتمعة. 

بينما الإسلام يأمر الفرد بالصبر على أخيه المسلم فإن تفوق فيكون معه ويعنه ولا ينافسه فالدعوة تعاون وليست تنافسا. 

وفيها قبول للآخر وليس رفضه وفيها قبول النصيحة. 

وأما الانطلاق من الذات والدعوة إلى الذات ففيها رفض للنصيخة 

والإنسان عنده طبع وعنده تكليف والطبع يتناقض مع التكليف لأن الطبع فردي والتكليف تعاوني فإذا اطاع الفرد هواه فهو يؤكد فرديته ويبني مصلحته على حساب الجماعة والأمة. 

أما إذا كان الفرد مع الله فسيؤثر التعاون على الفردية .

وكل فرد يتحرك بقيمه أو بطبعه فالتكليف مباديء وقيم والطبع سجية ولا يحصل نزاع إلا حين يكون الهوى المطاع هو الذي يوجه الآراء والأفكار فليس الذي يثير النزاع هو اختلاف وجهات نظر وإنما هو الهوى الذي يجعل صاحب وجهة يصر عليها مهما تبين له وجه الحق لأنه وضع الذات في كفة والحق في كفة ورجح الذات على الحق ابتداء. 

وفي الختام أقول : إذا أردنا الدنيا سنتقاتل، ولكن إذا اردنا الآخرة فستسع الدنيا الجميع.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين