الجوائح في الإسلام (11)الغلاء يعم حلب ومصر

(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) صدق الله العظيم.

غلاء حلب

في سنة (778هـ/1376م) اشتد الغلاء في حلب، وكذلك في طرابلس الشام حتى بيع المكوك بستمائة درهم وأُكلت الكلاب وغيرها، وبيع الشيء الذي كان يباع بدرهم بأربعين درهم.

غلاء مصر

وقع الغلاء في مصر سنة (780هـ/1378م) وقد شمل الغلاء كل شيء، حتى اشترى بعض الناس زوج أوز بألف ومائتي درهم.

الغلاء يجتاح مصر مجدداً

قلت مياه النيل في سنة (1106هـ/1694م)، فقلت الغلات، وحل الغلاء وتفانت الناس والحيوان في مصر. واشتد الغلاء في السنة القابلة امتداداً لغلاء السنة الماضية. ففي منتصف شهر المحرم من سنة (1107هـ/1695م) ضج الفقراء والشحاذون رجالاً ونساءً وأطفالاً، وتوجهوا بجموعهم التي تعد بالآلاف إلى القلعة بالقاهرة، ووقفوا بساحة الديوان وصاحوا من الجوع، فلم يجبهم أحد، ورجموا بالأحجار، فركب الوالي وطردهم، فنزلوا إلى الرميلة ونهبوا حواصل الغلة التي فيها، وكان القمح وحاصل (كتخدا الباشا) مليئاً بالشعير والفول، وتصاعد الغلاء في مصر، حتى بيع أردب القمح بستمائة نصف فضة، والشعير بثلاثمائة، والفول بأربعمائة وخمسين، والأرز بثمانمائة نصف فضة. أما العدس فكان مفقود.

وحصل شدة عظيمة من جراء هذا الغلاء، وفقدت المعايش بمصر وأقاليمها، وتوافدت سكان القرى والأرياف إلى القاهرة، حتى امتلأت منهم الأزقة، واشتد الكرب حتى أكل الناس الجيف، ومات الآلاف من الجوع، وخلت القرى من أهلها، وخطف الفقراء الخبز من الأسواق ومن الأفران ومن على رؤوس الخبازين. واستمر هذا الحال إلى أن عزل (علي باشا) ثامن عشر من المحرم.

ثم تولى (إسماعيل باشا)، وحضر من البر وطلع إلى القلعة، فلما استقر في الولاية ورأى ما فيه الناس من الكرب والغلاء، أمر بجميع الفقراء والشحاذين بالتجمع في قرا ميدان، فلما اجتمعوا أمر بتوزيعهم على الأمراء والأعيان، كل إنسان على قدر حالته وقدرته، وعين لهم ما يكفيهم من الخبز والطعام صباحاً ومساءً.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين