حسن الخط إحدى البلاغتين (1)

مقال في فضل الكتابة، وأنواع الخطوط العربية، وآداب الكتابــة والنسخ

القلم في الأدبيات العربية والإسلامية

يطلق ـ في اللغة ـ على القلم: اليَرَاع، والمِزْبَر، والمِرْقَـم، وسمي قلما لأنه يقلم، أي يقطع، ومنه تقليم الظفر.

وذكر الله تعلى القلم في كتابه العزيز، وأقسم به فقال:{ ن، والقلم وما يسطرون}سورة القلم. وجعل الله القلم وسيلة للعلم، فقال: {علَّم بالقلم}، قال القرطبي: يعني الخط والكتابة. 

وقيل في تفسير قوله تعالى: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} فاطر/1: إنه الخطّ الحسن(1). 

وعن أبي هريرة قال: كان رجل من الأنصار يجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيسمع من النبي صلى الله عليه وسلم الحديث فيعجبه ولا يحفظه، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «استعن بيمينك» وأومأ بيده للخط(2).

وعن قتادة، قال: «القلم نعمة من الله تعالى عظيمة، لولا ذلك لم يقم دين، ولم يصلح عيش، فدلّ على كمال كرمه سبحانه، بأنه علّم عباده ما لم يعلموا، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم، ونبّه على فضل علم الكتابة، لما فيه من المنافع العظيمة، التي لا يحيط بها إلا هو، وما دونت العلوم، ولا قيدت الحكم، ولا ضبطت أخبار الاولين ومقالاتهم، ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة، ولولا هي ما استقامت أمور الدين والدنيا».

ويعدّ القلم في الأدبيات العربية والإسلامية رمزًا للعلم والأدب، كما يعدُّ السيف رمزًا للقوة العسكرية؛ لذلك فقد قال صلاح الدين الأيوبي: «لم أفتح البلاد بسيفي، وإنما برأي القاضي الفاضل» (3). 

وأطلق على الوزير ابن العميد، علي بن محمد (ت: 360 هـ) لقب «ذي الكفايتين»؛ أي السيف والقلم، كما أطلق على الوزير الأندلسي لسان الدين ابن الخطيب (ت: 776 هـ) لقب «ذي الوزارتين»؛ أي السيف والقلم، وهناك روائع أدبية في المناظرة بين السيف والقلم (4). 

جمالية الخط العربي

في اللغة: تعددت الألفاظ التي يعبّر فيها عن حسن الخط وجودته، فيقال لتحسين الخط: التَّرقين: وهو الكتابة الحسنة. والتَّنميق: وهو تحسين وتزيين الكتابة. والتّرجيع: وهو وشي الكتاب ونقشه وتلوينه. والتَّرقِيش: وهو الكتابة والتَّنقيط. والتَّرقيم: وهو الإعجام، قال الزمخشري في الفائق: الرَّقيم الكتاب المرقوم؛ أي كان يفعل في تسوية الصفوف ما يفعل السَّهَّام في تقويم قدحه، أو الكاتب في تسوية سطوره. والتسطير: وهو تصفيفُّ الكتابة. وكتاب التحاسين: ما كتب بتأنّ وأصول، وهو خلاف المشق. المَشْق: سرعة الكتابة. 

وحسن الخط مما يرغَب فيه الناس في جميع البلاد، واستكمال صنعة الكتابة من الكمالات البشرية، وإن كانت من الزيادات لا من المقاصد، وقد يتعيّش بعض الفقراء بمنافع قلمه ولا يحتاج إلى الغير (5). وينسب إلى سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله: «حسن الخط إحدى البلاغتين» (6). 

ومن فضل حسن الخط: أنه يدعو الناظر إلى قراءته؛ وإن اشتمل على لفظ مرذول، ومعنى مجهول، وربما اشتمل الخط القبيح على بلاغة وبيان وفوائد، فيرغب الناظر فيه عن المنفعة به لوحشة صورته، وكان مشايخ الكتاب ودهاة العمّال يختارون أن يكون ما يرفعونه من حساباتهم إلى دواوين السلطان بخط قبيح ومداد ناضل ليثقل تصفحه فيترك استقصاء النظر فيه (7).

وفي الاصطلاح: عرّف العلماء علم أدوات الخط: بأنه معرفة الأقلام، وطريقة استعمال جيدها من رديئها، وطريق بريها، وأنواع المداد، وكيفية صنعتها وإصلاحها، ومعرفة أنواع الكاغد وجيدها من رديئها وطريق إصلاحها، وغير ذلك من أدوات الكتابة (8). 

وقد اهتم المسلمون بفنّ الخط اهتمامًا عظيمًا، ووضعوا له قواعد ضبطوا فيها أصوله، ومن أشهر المصنفات في علم الخط: «القصيدة الرائية البليغة» لعلي بن هلال ابن البواب البغدادي (9)، وهو الذي لم يوجد في المتقدمين ولا في المتأخرين من كتب مثله ولا قاربه، وإن كان أبو علي بن مقلة (10)أول من نقل هذه الطريقة من خط الكوفيين وأبرزها في هذه الصورة، وقد استقصى فيها أدوات الخط، ومنها: 

وَارْغَبْ لِكَفِّكَ أَنْ تَخُطَّ بَنانُها.... خَــيرًا تُـخَـلِّـــفُـهُ بِـــدارِ غُــرُورِ فجميع فعل المرء يلقاه غداً ... عند التقاء كتابهِ المنشور 

أشهر أنواع الخطوط العربية

تنسب الخطوط العربية إما إلى أسماء البلاد التي كتبت فيها، كالكوفي والفارسي، أو إلى أسماء مبدعيها، كالريحاني، أو إلى نسبة مقاديرها، كالثلث، وأشهر أنواع الخطوط العربية هي:

الخط الكوفي: وهو أقدم الخطوط العربية، وهو خط جميل، يستخدم في عمل اللوحات غالباً. وكتبت به المصاحف، وسُمِّي بهذا الاسم لانتشاره في الكوفة بالعراق.

خَطُّ النسخ: وهو الأكثر انتشاراً في عصرنا، فهو خط الكتب المطبوعة، ونسخ القرآن الكريم، ويتمتع هذا الخط بمرونته، وأول من وضع قواعد خط النسخ الوزير ابن مقلة. وأطلق عليه النسخ لكثرة استعماله في نسخ الكتب ونقلها.

الخط الفارسي: ويسمى أيضاً "خط التعليق"، وهو خط جميل تمتاز حروفه بالدقة والامتداد والرشاقة، إضافة إلى سهولته ووضوحه وانعدام التعقيد فيه، ولا يتحمّل التشكيل، رغم اختلافه مع خط الرقعة.

خَطُّ الديواني: ويقال له السلطاني، ويقسم إلى قسمين: الديواني الرقعة، والديواني الجلي.

خَطُّ الرقعة: وهو من أسهل الخطوط العربية وأبسطها، وهو خط الحياة اليومية المحسن، وقواعده سهلة، وغالباً ما يعهد به للمبتدئين ويستخدم في اللافتات واللوحات الإعلانية لسرعة إنجازه وسهولة قراءته.

خط الطُّغراء: ويقال له خط «الطُّرَّة» أو «الطُّغراء» أو «الطُّغرى»: وهو تشكيل جميل يكتب بخط الثلث على شكل مخصوص، وأصله علامة سلطانية تكتب في الأوامر السلطانية أو على النقود أو غيرها، ويذكر فيها اسم السلطان أو لقبه، ويضاف إلى تلك الخطوط: خط الإجازة؛ وهو مزيج من الثلث والنسخي، وخط الطغراء، والخط المغربي بأشكاله المتنوعة (11).

الخط المنسوب: ويوصف الخط الجميل بأن خط منسوب. وقيل في معناه: إنه كانت الخطوط الموزونة لها نسب قياسية خاصة، بلغ عدد أقلامها أربعة وعشرين قلمًا، عندما ظهر الخطاطان: الوزير أبو علي محمد بن مُقلة، ثم أخوه أبوعبدالله الحسن بن مقلة، اللذان توصّلا إلى تأليف ستة أنواع من الخطوط، هي: الثلث، والريحان، والتوقيع، والمحقَّق، والبديع، والرقاع، وهنْدس أحدهما مقاييسها وأبعادها، ووضع معايير لضبطها والوصول بها إلى صيغ جمالية محكمة، معتمدًا في ذلك على العلاقة بين النقطة والدائرة والخط، فجعل حرف الألف الذي حدد طوله بعدد من النقاط قطرًا لدائرة، ونسب إليه الحروف جميعًا (12).‏

خَطُّ الثُّلث: وهو الأكثر صعوبة من حيث قواعده، وبه تكتب غالباً عناوين الكتب، وتتفرع عنه أقسام. ويعتبر ابن مقلة واضع قواعد هذا الخط من نقط ومقاييس وأبعاد، والثلث هو أصل الخطوط العربية، ولا يعتبر الخطاط فناناً إلا إذا أتقنه، ويمتاز عن غيره من الخطوط بكثرة المرونة، إذ تتعدد أشكال معظم الحروف فيه، لذلك يمكن كتابة جملة واحدة عدة مرات بأشكال مختلفة.

آداب الكتابــة

كان العلماء في الماضي يرون «أن من المروءة أن يُرى في ثوب الرَّجل مداد» للدلالة على اشتغاله بالعلم وتقييد المسائل، أما اليوم فقد قلّ من يستعمل القلم والمداد، حيث حلّ مكانهما أزرار «الكمبيوتر». 

وثمّة جملة من الآداب والمستحبّات التي ينبغي أن يتحلى بها النُّساخ (13) ، ومن هذه الآداب:

الطهارة: حيث ينبغي للناسخ إذا جلس للنَّسخ أن يكون على وضوء (14).

البسملة: ويستحبّ ابتداء الكتاب والرِّسالة ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم؛ اقتداء بالكتب السَّماويَّة، التي أشرفها القرآن الكريم؛ لما قاله العلاَّمة أبو بكر التّونسيّ من إجماع علماء كل ملَّة على أنَّ الله سبحانه افتتح جميع كتبِه ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم، ويشهد له خبر: «بسم الله الرَّحمن الرَّحيم فاتحة كل كتاب» وعملاً بخبر: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أقطع» (15)أي قليل البركة.

الحمدلة: قال ابن عبد البر: إن أولى ما ابتُدئ به كتاب، وافتتح به خطاب حمد الله على جزيل آلائه، وشكره لجميل بلائه، ثم الصلاة على خاتم أنبيائه. والتحميدات في أدب التأليف، المنطَلق فيها القرآن الكريم، ثم أصبحت من تقاليد كتابة الرسائل مع عبد الحميد الكاتب (ت: 132هـ) الذي أطال التحميدات، ومن ذلك انتقلت إلى مقدمات الكتب عامة، فأصبح الحمد لله بدءَ كل مقال (16). 

أمَّـا بعد: هذه اللفظة يستحب الاتيان بها في الخطب والمواعظ، ومن عادة البلغاء العرب العرباء إذا تكلموا في الأمر الذي له شأن افتتحوه بذكر الله وتحميده، فإذا أرادوا الخروج إلى الغرض المسوق إليه فصلوا بينه وبين ذكر الله بقولهم: أما بعد، وقد جاءت كثيرًا في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم واستعملها الخلفاء الراشدون (17). وعبارة «أما بعد» اختلف في أول من قالها، فقيل: يعرب بن قحطان، كعب بن لؤي، جدّ النبي (18). وقيل: أول من كتبها قس بن ساعدة الإيادي. 

تعظيم اسم الله تعالى: ومن آداب النساخ أنه كلّما كتب اسم الله تعالى أتبعه بالتعظيم، مثل: تعالى أو سبحانه، أو عزَّ وجل، أو تبارك، ويتلفظ بذلك (19).

الصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : ومن آداب النساخ أنه كلما كتب اسم النبي كتب بعده: «صلى الله عليه وسلم» ومن الآداب التي التزم بها الكتاب عدم اختصار صيغة الصلاة على النبي في الكتابة، كما يفعله البعض، حيث يكتبون «صلعم» وعليه أن يتلفظ بها وهو يكتبها، ولا يسأم من تكريرها. روى عبيدالله القواريري قصّة طريفةً عن جارٍ لهم كان يعمل نساخًا؛ فقال: مات جار لنا، وكان ورّاقًا، فرأيته في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي. قلت: بماذا؟ قال: كنت إذا كتبت اسم النبي كتبت « صلى الله عليه وسلم » (20).

الترضِّي عن الصَّحابة: دأب النساخ على كتابة «رضي الله عنه» أو «رضوان الله عليهم» كلما مرّ اسم أحد من الصحابة؛ ولا خلاف بين الفقهاء في أنه يستحب الترضي عن الصحابة رضي الله عنهم. ويستحب الترضي عمن اختلف في نبوته: كذي القرنين، ولقمان، وذي الكفل (21).

الترحُّم على الأئمة: دأب النساخ على كتابة «رحمه الله» أو «رحمة الله عليه» أو «تغمده الله برحمته» للخلفاء أو الأئمة لاسيما الأعلام منهم؛ و اختلف الفقهاء في جواز الترحم على الصحابة ، فذهب بعضهم إلى أنه عند ذكر الصحابة الأولى أن يقال : رضي الله عنهم . وأما عند ذكر التابعين ومن بعدهم من العلماء، والعباد، وسائر الأخيار فيقال: رحمهم الله (22).

وصل ما أضيف إلى اسم الله تعالى إلى اسمه: كره العلماء أن يُفصَل في الخطِّ بين ما أضيفَ إلى اسم الله تعالى وبينَ اسم اللهِ: مثل عبدِالله بن فلان وعبدِالرحمن بن فلان، وغير ذلك من الأسماءِ فيكتب عبد في آخر سطر ويكتب في السطر الآخر اسم الله (23).

توضيح الخط: ومن آداب الكتابة توضيح الخط وتحسينه؛ فقد كره العلماء الخطَّ الدَّقيق من غير عذر، قال الحافظ العراقي: ويكره الخطُّ الرَّقيق إلاَّ... لضيق رَقٍّ أو لرحَّال فلا (24).

ضبط المُلتَبِس: ومن آداب الكتابة العناية بضبط المُلتَبِس من أسماء النَّاس، فإنّها لا تستدرك بالمعنى، ولا يُستدلّ عليها بما قبل وما بعد. ومن أشدِّ ما ينبغي أن يُعتنى به أسماء البلاد الأعجمية والقبائل الغريبة.

كتابة إن شاء الله تعالى: يستحب للكاتب عند انتهاء ما يكتبه من مكاتبة أو ولاية أو غيرهما أن يكتب: «إن شاء الله تعالى»: تبركًا ورغبة في نجاح مقصد الكتاب، فقد ورد الحث على التعليق بمشيئة الله تعالى والندب إليه؛ قال تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلا أَن يَشَاء اللهُ}.

كتابة التاريخ: يقال: أرَّخت الكتاب، بالتثقيل، والتخفيف لغة، إذا جعلت له تاريخاً، قال محمد بن عمر المدائني في «كتاب القلم والدواة»: أجمعت العلماء والحكماء والأدباء والكتّاب والحسّاب على كتابة التاريخ في جميع المكتتبات. قال صاحب نهاية الأرب: ولا غنية عنه، لأن التاريخ يستدل به على بعد مسافة الكتاب وقربها، وتحقيق الأخبار على ما هي عليه، وقد قال بعض أئمة الحديث لما استعملوا الكذب: استعملنا لهم التاريخ، وقد اصطلح الكتاب على أنهم يؤرخون المكاتبات والولايات ونحوها مما يصدر عن الملوك والنواب والأمراء والوزراء وقضاة القضاة ومن ضاهاهم (25).

كتابة العلم النافع: قال ابن الحاج: ينبغي أن يحذر ـ الناسخ ـ من النسخ في غير العلوم الشرعية. وذكر الذهبي أن المُحدِّث النَّاسخ شجاع بن فارس الذُّهْليّ البغداديّ (ت: 507 هـ) نسخ بخطّه التّفسير والحديث والفقه ما لم ينسخه أحد من الورّاقين، وندم على كتابته دواوين الفحش، فدخل عليه أحد أصدقائه يومًا فقال له: تَوّبنِي. فقال: مِن أيّ شيء؟ قال: كتبت شعر ابن الحجّاج (حسين بن أحمد البغدادي، وصف بأنه سفيه الأدباء وأمير الفحش) بخطّي سبع مرّات (26). 

احترام الكتاب: يتأكّد احترام الكتاب وتقديره لعدة أسباب، منها أنه أحد أوعية العلوم، ويشتمل على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والتعاليم الدينية. ومظاهر احترام الكتاب عديدة، منها وضعه أثناء النسخ في مكان مرتفع (27). ومنها: عدم التوسُّد عليه؛ فقد نصّ الفقهاء على أنه إذا كان في كتب العلم قرآن حرم توسُّدها، والوزن بها، والاتِّكاء عليها، وإن لم يكن فيها قرآن كره ذلك. ومنها: عدم بذله لغير أهله؛ فقد قصد بعض أهل الذمة أبا عثمان المازني، وسأله أن يقرئه كتاب سيبويه، وبذل له مائة دينار عن تدريسه إياه، فامتنع أبو عثمان عن قبول بذله وأصرّ على ردّه، فقال له المبرد: جعلت فداك؛ ترد مائة دينار مع فاقتك وشدّة حاجتك؟ فقال: نعم يا أبا العباس: اعلم أن كتاب سيبويه يشتمل على ثلاثمائة آية من كتاب الله، ولست أرى أن أمكّن منها ذميّاً (28).

المَحو والإزالة: لم يكن النساخ والكتبة على درجة واحدة من الضبط، فقد كان بعضهم يقع ببعض الأخطاء؛ ِفإذا وقع فِي الكتاب مَا لَيْسَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن ينفى عَنهُ ذَلِك؛ إِمَّا بِالضَّرْبِ عَلَيْهِ ـ أي الشطب ـ والحك له أو المحو(29) ؛ والمَحْو تارة يكون بالإصبع، وتارة يكون بخرقه (30). والكشط: بشر الورق بسكين ونحوها، ومنهم من يضع دائرة صغيرة أوَّل الزِّيادة وآخرها، ويسمِّيها صِفرا، وربَّما كتب بعضهم عليه «لا» وبعض النساخ يستعمل كلمة «سهو» أو «مكرر» (31).

الترحّم: وينبغي لكاتب الحديث وراويه أن يحافظ على كتابة الترضي والترحم على الصحابة والعلماء وسائر الأخيار، والنطق به، ولا يسأم من تكراره، ولا يتقيد فيه بما في الأصل إن كان ناقصا (5).

كتابة الترضي: ينبغي أن يحافظ على كتابة الترضي عن الصحابة والتابعين من العلماء وسائر الأخيار، ومن أغفله حرم حظاً عظيماً، وإذا جاءت الرواية بالترضي كانت العناية به أشد.

يتبع

======

1- فتح القدير: الشوكاني (4/ 338) ط. دار الفكر – بيروت.

2 - رواه الترمذي (2666).

3 - هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس: ماجد عرسان الكيلاني. ط1 الدار السعودية، 1985. (ص: 224) نقله عن ابن الأثير، وابن كثير. 

والقاضي الفاضل: قال الذهبي عنه: المولى، الإمام، العلامة البليغ، القاضي الفاضل، محيي الدين، يمين المملكة، سيد الفصحاء، أبو علي، عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحسن بن أحمد بن المفرج، اللخمي، الشامي، البيساني الأصل، العسقلاني المولد، المصري الدار، الكاتب، صاحب ديوان الإنشاء الصلاحي. قال العماد: قضى سعيداً، ولم يبق عملاً صالحاً إلا قدّمه، كان للحقوق قاضياً، وفي الحقائق ماضياً، والسلطان له مطيع، ما افتتح الأقاليم إلا بأقاليد آرائه. سير أعلام النبلاء للذهبي (21/ 339).

4 - انظر: مجاني الأدب في حدائق العرب: رزق الله شيخو (4/ 162) مطبعة الآباء اليسوعيين، بيروت.

5 - تفسير حقي (11/ 239).

6 - نهاية الأرب في فنون الأدب: النويري، ط. دار الكتب، القاهرة (7/14).

7 - الفهرست: لابن النديم. الفن الأول من المقالة الأولى، في وصف لغات الأمم، من العرب والعجم، ونعوت أقلامها وأنواع خطوطها، وأشكال كتاباتها الكلام على القلم العربي.

8 - انظر: الموسوعة العربية السورية (8/836). وفن الخط العربي، مولده وتطوره: مصطفى اُغُور درمان، ترجمة صالح سعداوي، إستانبول 1990. وتاريخ الخط العربي وآدابه: محمد طاهر الكردي، مطابع الفرزدق بالرياض، 1982. ونشأة وتطور الكتابة الخطية العربية ودورها الثقافي والاجتماعي: فوزي سالم عفيفي، وكالة المطبوعات بالكويت 1980. والخطاطة "الكتابة العربية": عبد العزيز الدالي، مكتبة الخانجي بمصر1980.

9 - علي بن هلال ابن البواب البغدادي (ت: سنة 413 هـ) مولى معاوية بن أبي سفيان. وكان دهاناً يجيد التزويق. وصحب ابن سمعون الواعظ وقرأ النحو على أبي الفتح بن جني. وبرع في تعبير الرؤيا وقصّ على الناس بجامع المنصور، وله نظم ونثر وإنشاء. قال ابن خلكان: هذّب ابن البواب طريقة ابن مقلة، ونقحها، وكساها طلاوة وبهجة (سير أعلام النبلاء).

10 - ابن مقلة (272 -318 هـ) أبو علي، محمد بن علي، الوزير المشهور، نبغ في الخط العربي، وبلغ مرتبة عالية في فنّه إلى أن انتهت إليه جودة الخط وحسن تحريره، ووضع القواعد المهمة في تطوير الخط العربي وقياس أبعاده وأوضاعه، وعلى طريقته سار الخطاطون من بعده، وقد تولى أول أمره بعض الأمور الإدارية في الدولة.

11 - انظر: الموسوعة العربية السورية (8/836). وانظر: فن الخط العربي، مولده وتطوره، حتى العصر الحاضر: مصطفى اُغُور درمان، ترجمة صالح سعداوي، إشراف أكمل الدين إحسان أوغلي، إستانبول 1990. وتاريخ الخط العربي وآدابه: محمد طاهر الكردي، مطابع الفرزدق بالرياض، 1982. ونشأة وتطور الكتابة الخطية العربية ودورها الثقافي والاجتماعي: فوزي سالم عفيفي، وكالة المطبوعات بالكويت، 1980 (ص:49-52). والخطاطة "الكتابة العربية": عبد العزيز الدالي، مكتبة الخانجي بمصر1980 (ص: 22).

12 - الموسوعة العربية العالمية: الخط العربي.

13 - من أبرز العلماء الذين بيّنوا هذه الآداب: ابن عبد الـبر (368 -463 هـ) أبو عمر، يوسف بن عبد الله النمري القرطبي؛ إمام عصره في الحديث والأثر وما يتعلق بهما. قال الذهبي: كان إمامًا دينًا ثقة، متقنًا علامة متبحرًا صاحب سنة واتباع، وكان أولاً أثريًا ظاهريًا فيما قيل، ثم تحول مالكيًا مع ميل بيِّن إلى فقه الشافعي في مسائل. في كتابه «جامع بيان العلم وفضله». وكذلك السمعاني، عبد الكريم بن أبي بكر المروزي الشافعي (ت: 562 هـ) في كتابه «أدب الإملاء والاستملاء». وكذلك القلقشندي، أحمد بن علي (ت: 821 هـ) في كتابه «صبح الأعشى في صناعة الإنشا»، جعل بابًا من أبوابه مخصوصًا بعلم الخط وأدواته.

14 - المدخل: ابن الحاج (ت: 737 هـ) دار التراث (4/ 85) .

15 - قال ابن الصّلاح: هذا حديث حسن، بل صحيح. الموسوعة الفقهية الكويتية: كتاب (34/ 179).

16 - بهجة المجالس: لابن عبد البر (1/35).

17 - شرح منظومة الآداب الشرعية: موسى بن أحمد الحجاوي الحنبلي (ت: 968 هـ) ط. وزارة الأوقاف بدولة الكويت.

18 -أمَّـا بعد: من الظروف، مبنية على الضم؛ لكونها منقطة عن الإضافة، أي بعد حمد الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

19 - المعيد في أدب المفيد والمستفيد: عبد الباسط بن موسى العلموي (ت: 981) المكتبة العربية، دمشق.

20 - الصلة في تاريخ أئمة الأندلس: لابن بشكوال (ص: 308) ط. مكتبة الخانجي.

21 - الموسوعة الفقهية الكويتية (تَرَضِّي: 11/ 196).

22 - الموسوعة الفقهية الكويتية (ترحم: 11/ 185).

23 - ألفية العراقي = التبصرة والتذكرة: عبدالرحيم بن الحسين (ت: 806 هـ) دار المنهاج، الرياض (ص:142).

24 - الموسوعة الفقهية الكويتية (نحسين). وحديث: يا معاوية: أخرجه السمعاني في أدب الإملاء (ص: 170).

25 - درة الغواص في أوهام الخواص: القاسم بن علي الحريري (ت: 526 هـ) دار الكتب العلمية، بيروت (6/ 226).

26 - تاريخ الإسلام: للذهبي، تحقيق عمر عبد السلام التدمري، ط. دار الكتاب العربي، (35/ 161).

27 - المعيد في أدب المفيد والمستفيد: عبد الباسط بن موسى العلموي (ت981) ط. المكتبة العربية، دمشق.

28 - إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس: محمد دياب الإتليدي (ص: 86) ط. الكتب الثقافية، بيروت.

29 - توجيه النظر إلى أصول الأثر: طاهر الجزائري، (2/ 789) ط. مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب (2/ 789).

30 - مَحَوت الكلمةَ وطرستها: إِذا أزلت كتابتها وطَلَستها وطمستها: إذا محوتها لتفسدها. وحككتها وكشطتها وقشطتها وجرَّدتها وسحفتها وسحوتُهَا: إذا قشرتها. وطرَّست على الكلمة: ِإذ أَعَدت الكتابة عليها. وطرمس الكتاب: إذا محاه، كطلمس. وخَرمش الكتاب: أفسده.

31 - مقدمة ابن الصلاح: عثمان بن عبد الرحمن (ت: 643 هـ) تحقيق: د. نورالدين عتر، ط. دار الفكر سوريا (ص: 201).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين