الطلاق ليس هزلاً

تكاد لا تهدأ الاتصالات الهاتفية بالعلماء وهيئات الفتوى للسؤال عن طلاق نطق به الرجل إن كان وقع أم لم يقع ؟

وكذلك تكثر زيارات الأزواج مع زوجاتهم لهؤلاء العلماء والهيئات ليسمعوا منهم وقائع وتفاصيل ما حدث ، وكيف حدث ، وماذا كانت نية الزوج ، وما الكلمات التي نطق بها .

وهذا يشير إلى أن الأزواج والزوجات ما كانوا يريدون الطلاق فعلاً ، فلا المرأة التي قالت لزوجها إذا كنت رجلاً طلقني .. كانت تريـد الطلاق ، ولا الرجل الذي استجاب لها كان يريده .

إذن كيف نمنع النساء من طلب الطلاق تعبيراً عن ضيق أو غضب أو عدم رضا ، وكيف نمنع الرجال من الاستجابة لنسائهم إذا طلبن منهم الطلاق .

على المرأة أولاً أن تبحث عن عبارات أخرى للتعبير عن ضيقها وغضبها وعدم رضاها ، عليها أن تحفظ لسانها من طلب الطلاق بكلمات لا تحرمها الجنة فحسب ، بل تحرمها رائحتها التي تفوح لمسافات بعيدة جداً.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي وابن حيان والحاكم عن ثوبان رضي الله عنه .

ثم لتتذكر المرأة أنها بتلك الكلمات تهدم بيتها إذا استجاب لها زوجها ، وأكثر النساء يندمن بعد ذلك ، بل فور أن ينطق زوجها بكلمة الطلاق تُصدم ؛ وقد تنهار .

ولتعلم الزوجة أنـه حتى لو لم يستجب زوجها لطلبها فإنه يغضب عليها ، ويبغضها ، وينفر منها .

أما نصائحي للمرأة حتى تنجح في صرف لسانها عن طلب الطلاق من زوجها فأوجزها في ما يلي :

- استحضري أن تلك الكلمات التي يقذفها لسانك يقذفك الله بها مسافات بعيدة جداً عن الجنة .

- اطبعي في ذهنك صورة المرأة التي تطلب الطلاق من زوجها بامرأة ممسكة بعود كبريت مشتعل وتريد به إشعال بيتها .

- عوّدي لسانك على كلمات أخرى تعبرين بها عن غضبك وإن كان الأفضل عدم التعبير عن الغضب ؛ بل الجنوح إلى الحلم والسلم والصبر ؛ فهذا أعظم أجراً وأسلم عاقبة .

- يمكن أن تحلفي أنك لن تنطقي بكلمات طلب الطلاق من زوجك .

أما نصائحي للرجل فهي :

- استحضر أن طلب زوجتك لتطليقها إنما هو تعبير عن ضيقها وتسخطها وغضبها … ومن ثم استقبله بالصبر والتجاوز والحلم .

- زد من حذرك وصبرك وحلمك في أيام حيض زوجتك فإن أكثر طلبها للطلاق إنما يكون في هذه الأيام بسبب التغيرات البدنية والنفسية التي تحدث لها خلالها وتجعلها سريعة الانفعال كثيرة الغضب . وقد أكـدت الإحصاءات العالمية أن 90 % من حالات الطلاق تقع أيام الدورة .

- لا تستجب لاستفزاز زوجتك إذا قالت لك : إذا كنت رجلاً طلقني ، وخاطب نفسك : الرجولة تقتضي أن أضبط أعصابي ، ولا أستجيب لها ، ثم خاطب زوجتك بقولك : لأني رجل فلن أطلقك .

- أيضاً ، كما نصحت الزوجة ، يمكن أن تحلف أنك لن تطلق زوجتك بالاستجابة لها عبر لسانك ، بل بإرسال الطلاق عن طريق المحكمة . ولا شك في أن هذا يمنع ردة الفعل العاجلة غير المتبصرة .

وهذه بعض العبارات التي أقترحها على الرجال ليردوا بها على زوجاتهم حين يطلبن منهم تطليقهن :

• كيف أطلقك وأنا أحبك ؟! لا يمكن أن أطلق زوجة أحبها .

• سأطلقك إذا وجدتِ لي زوجةً مثلك تعوضني عنك .

• هل يطلق رجل امرأة لا يستغني عنها ؟ أنا لا أستطيع العيش دونك .

وبعد ؛ فإن توقف المرأة عن ترديد كلمات تطلب بها الطلاق من زوجها تعبيراً عن ضيقها أو سخطها أو غضبها ، وتوقف الرجل عن الاستجابة لزوجته وهو يعلم أن طلبها لا يعبر عن رغبة حقيقية لديها ، سيحققان النتائج التالية :

1- توفير الوقت والراحة لمئات العلماء والمشايخ الذين يستقبلون آلاف الأسئلة كل يوم ، في أنحاء مختلفة من العالم ، يطلب فيها أصحابها إجابتهم إن كان الطلاق الذي نطقوا به وقع أو لم يقع .

2- توفير الوقت والراحة للأزواج والزوجات أيضاً ، فهم يتعبون ويتأزمون ويضيقون ويتلاومون فيُفقدون حياتهم الزوجية سعادتها واستقرارها .

3- تجنب وقوع الطلقة الثالثة التي تجعل الطلاق بائناً لا رجعة فيه إلا بعد زواج المطلقة . والوصول إلى هذه الحال يضايق الأزواج كثيراً .

4- نجاح الأزواج والزوجات في ضبط ألسنتهم ، فلا الزوجات يطلبن الطلاق ولا الأزواج يستجيبون ، يكسبهم جميعاً ملكة التحكم في مشاعرهم والسيطرة على ألسنتهم ، ليس في طلب الطلاق وإيقاعه فحسب ، بل في إطلاق كثير من الكلمات والعبارات غير الحسنة والخاطئة .

5- حماية الأبناء والبنات من الآثار السلبية الكثيرة لوقوع الطلاق ، وكذلك للخلافات الزوجية المستمرة .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة " صحيح الجامع

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين