الايمان الحقيقي والفاعلية في المجتمع

نوه الشيخ محمد ياسر عرنوس خطيب مسجد نور الدين زنكي إلى أن الإيمان الحقيقي يجعل من صاحبه ذا فاعلية في المجتمع ونفع للناس و استقامة في النفوس ، واستشهد بآيتي سورة النحل (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)

وهاتان الآيتان فيهما إشارة للمقارنة بين المؤمن الفعال من أجل نفع البشرية أي من يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ، وبين الرجل العالة على المجتمع يأخذ خير المجتمع ولا يقدم شيئا، فهناك من يأخذ ولا يعطي ويقبل على نفسه أن يحوز مالا او جاها او مكانة دون ما يقابل هذه الامتيازات بل إنه على عكس ما يراد منه أينما وجهه مديره أو المسؤول عنه لا يرجع بفائدة ترجى ، وهناك من يسير الخير معه حيث سار ويقيم النفع للناس معه حيث أقام ، ولا يكاد يخلو يوم من أيامه إلا وقد أفاد المجتمع بما ينبع من إيمانه.

وأضاف الخطيب أن في سورة الأنفال إشارة إلى أن كفاءة المؤمن الصابر العملية إذا كان في حال القوة تعادل عشرة أضعاف غير المؤمن ، فإن كان المؤمن في حالة الضعف فإن كفاءته على الأقل تعادل ضعف كفاءة غير المؤمن وذلك في قوله تعالى (أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِين).

وأشار الخطيب أنه لا يليق بالمجتمع المؤمن أن يكون أعضاؤه من الكسالى والمترفين, ,والمنعمين الذين يجلسون في أماكنهم لا يبرحون إلى نفع ولا إلى خير، ولا يرتقون إلى معالي الأمور ،، وأن هذا التكاسل والتواني الذي يرى من البعض لا يوافق فهم السلف للقرآن ولسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام لأن آيات القرآن تهز المؤمن هزا عنيفا للعمل والأقدام والنفع متوكلا على الله مشيرا لقصة موسى عليه السلام حين سقى للفتاتين في مدين مع ما كان عليه من التعب الجسمي والجوع الذي فيه جراء سفره الطويل هاربا من طغيان فرعون قال تعالى (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌفَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ )لم تقبل شهامة إلايمان عنده ولا نخوته أن تبقى الفتاتان لا تستطيعان سقاية غنمهما إلا بعد انتهاء أولئك الرعاة الذين فقدوا النخوة والشهامة فكانوا لا يسمحون للفتاتين بالسقي إلا بعدهم. وذكر كيف أن عثمان رضي الله عنه اشترى بئر رومة الذي كان يحتكره اليهودي في المدينة فلا يسمح لأحد بالشرب منه إلا شراءا فجعله عثمان رضي الله عنه وقفا للمسلمين كما في صحيح البخاري وقال عثمان: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يشتري بئر رومة، فيكون دلوه فيها كدلاء المسلمين» فاشتراها عثمان رضي الله عنه

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين