علاقة خاصة بين الإسلام والفن

الدين والفن من خصوصيات الإنسان وحده دون سائر المخلوقات، فنبعهما واحد هو روح الإنسان .

فالإنسان عبر تاريخه الطويل منذ أن كان يعيش في الكهوف ، يبحث عن الإله ويتصوره في فنونه ونقوشه التي اكتشفها علماء الآثار .

بل إن الآثار الفنية الخالدة للإنسان ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالدين .

بدءاً من الأهرامات والمعابد المصرية ، مروراً بمعابد البوذية والهندوسية وصولاً إلى الكنائس والمساجد .

وإن سُئلت عن أعظم أعمال "مايكل أنجلو" فستقول تلقائياً : سقف كنيسة "سيستين" .

ومن أعظم أعمال "ليوناردو دافنشي" : لوحة العشاء الأخير .

وإذا كانت عُرَى الاتصال بين الدين والفن لا يمكن فصمها ، فإن الإسلام قد أسس علاقة خاصة بينه وبين الفن .

فإن كانت علاقة الفن بالدين في سائر المعتقدات كانت علاقة ( الفن في خدمة العقيدة ) ، حيث انحصر دوره داخل دور العبادة ولخدمة المعتقد بفنون الرسم والنحت والموسيقى .

فإن العلاقة بين الإسلام والفن هي : ( الفن في خدمة الإنسان بروح العقيدة ).

فالفن في الإسلام ليس حبيس دور العبادة ، أو فناً طقوسيا لخدمة الشعائر كما هو في سائر المعتقدات .

ولكن الفن في الإسلام حاضر في كل مظاهر الحياة ، وفي كل ما أنتجته يد الفنان الملتزم بروح الإسلام (سواء كان مسلماً أم لا) .

فظهر الفن الإسلامي في عمارة المساجد والمدارس والأسبلة والتكايا والأسواق .. وظهر في النسيج والسجاد بأنواعه ، والمشغولات المعدنية والزجاجية والخزفية ، والأثاث المنزلي ، وفي تزيين الكتب وأغلفتها ، وحتى في أسلحة القتال ، وفي كل ما يمكن أن تقع عليه عينك في الاستخدامات الحياتية اليومية .

ولهذا انفرد الإسلام عن سائر المعتقدات بوجود أقسام للفن الإسلامي في المتاحف العالمية الكبرى وفي المراجع الفنية .

وذلك لأن الإسلام أضفى توحيده وشموله وعالميته على روح الفن الذي أنتجه .

فلأنه دين التوحيد ؛ فقد اعتمد فنه على التجريد .

ولأنه دين شامل ينتظم شؤون الناس جميعاً ؛ فقد وضع بصمته على مختلف أنشطة المسلم في حياته العادية .

ولأنه دين عالمي ؛ فقد أعطى لكل الشعوب التي دخلت في الإسلام من الصين للأندلس ، أعطاها حق الاحتفاظ بخصوصيتها الثقافية مع الالتزام بروح الإسلام العامة ، فتنوع الإنتاج ، وحمل مع تنوعه ثقافات الشعوب التي أنتجته من عرب وفرس وترك وصينيين وغيرهم .

وبرغم هذا الاتساع الجغرافي والزمني والاحتفاظ بخصوصية الشعوب الثقافية ، فقد أنتج فناً يحمل روحا واحدة جمعت كل تلك الفنون تحت اسم (فن إسلامي) 

، وهو ما لم تستطع فعله أي عقيدة أخري .

وجب الحديث عن تلك العلاقة الحميمية الخاصة بين الإسلام والفن ، في زمن أصبحت فيه كلمة "فن" كلمة سيئة السمعة بما يُقَدَم من غثٍ وفُحشٍ باسم الفن ، وبما يدعيه البعض من قطيعة بين الإسلام والفن عموماً .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين