عندما يقوم البعض باقتطاع كلام العلماء لتشويه صورتهم والطعن بعلومهم

هناك ظاهرة يتبعها كل من يريد أن يحقِّق شهرة ويريد إظهار نفسه أنه تنويري، وأنه يقوم بإصلاح ما جاء في كتب الفقه والتفسير والحديث : فأسهل طريق لذلك هو النَّيل من العلماء والفقهاء ، واقتطاع كلامهم في غير السياق الذي قيلت فيه ، وتصوير هؤلاء الأئمة الثقات والعلماء المحققين أنهم هم السبب لما وصل إليه البعض من غلو وتطرف .

مع أن كتب هؤلاء الأئمة الثقات والعلماء المحققين ومناهجهم تدرس منذ مئات السنين ، وكانت الأحكام الفقهية التي استنبطوها بمثابة دساتير وقوانين لدول إسلامية أقامت حضارات راقية خلال قرون متعددة ، وقد تخرج على هذه الكتب الفقهية كبار العلماء والفقهاء في كل عصر ، ولم نسمع أن هناك من درَسها دراسة متخصصةً على علماء متخصصين قد وقع في التطرف والشذوذ .

وسأعرض لكم بعض ما جاء في مقالة نشرها ذلك الكاتب ليوهم الآخرين بمعلومات مضللة ، حيث يقول :

( هذه الفتاوى لا تتحدث عن قتل الكافر ... بل عن إباحة دمه... 

وإباحة الدم يعني حق كل الناس في قتله دون انتظار قرار حاكم....

إلى متى سنظل جبناء ونختبئ خلف أصابعنا....

هل ينفع التبرير بأنها مؤامرات على الإسلام؟؟؟ ولماذا نكون نحن أدواتها؟؟؟؟؟ 

ندرّس هذه الفتاوى في معاهدنا الدينية ثم نقول : من اين تأتي داعش؟؟؟؟؟؟.

الكافر الذي لا عهد له ولا امان يقتل عند الفقهاء ودمه مباح 

◀️ قال القرطبي: (والمسلم إذا لقي الكافر ولا عهد له: جاز له قتله).

[تفسير القرطبي 338/5]

◀️ قال ابن كثير: (قد حكى ابن جرير الإجماع على أن المشرك يجوز قتله إذا لم يكن له أمان وإن أمّ البيت الحرام أو بيت المقدس) [تفسير ابن كثير 6/2]

◀️ قال الإمام النووي: (وأما من لا عهد له، ولا أمان من الكفار: فلا ضمان في قتله على أي دين كان) [روضة الطالبين 259/9]

◀️ قال الإمام الشافعي: (الله تبارك وتعالى أباح دم الكافر وماله إلا بأن يؤدي الجزية أو يستأمن إلى مدة). [الأم 264/1]

◀️ قال الشوكاني: (أما الكفار فدماؤهم على أصل الإباحة كما في آية السيف؛ فكيف إذا نصبوا الحرب…). [السيل الجرار522/4]

◀️ وتأمل قول الفاروق عمر لأبي جندل -رضي الله عنهما-: (فإنما هم مشركون، وإنما دم أحدهم: دم كلب!). رواه أحمد والبيهقي ) اهـ .

#الجواب :

يتألف كلام صاحب المقالة : من مقدمة ، ومن فتاوى نقلها كاتب المقدمة عن كاتب آخر .

1- أبرز صفة اتَّصف بها مَنْ كتبَ تلك المقدمة لهذه المقالة هو التدليس والتزوير والافتراء على علماء الأمة فهو يقول : ( هذه الفتاوى لا تتحدَّث عن قتل الكافر ... بل عن إباحة دمه ، وإباحة الدم يعني حق كل الناس في قتله دون انتظار قرار حاكم) وهذا الحكم لم يقل به عالم من علماء الأمة .

ويضيف كذبة أخرى وهي تدريس هذه الفتاوى الباطلة في المعاهد الدينية فيقول : ( ندرّس هذه الفتاوى في معاهدنا الدينية ثم نقول : من اين تأتي داعش؟؟؟؟؟؟) 

فهذا كذب مضاعف ، فالمعاهد الدينية المنتشرة في العالم الإسلامي تقرر مناهج معتمدة أقرتها لجان تشرف عليها جهات رسمية موثوق بها . 

2- أما الكاتب الثاني الذي عدَّد تلك النقولات لكبار علماء الأمة ومنهم الإمام الشافعي والنووي وغيرهما فهي مجتزأة ومقتطعة عن سياقها 

وما نقله الكاتب عن القرطبي وغيره من الفقهاء، مِن أدلة في قتل الكفار مطلقا، استدل بها صاحب المنشور في غير سياقها، فهي في قتل الكافر المحارب، الذي ليس له عهد ولا أمان ولا هدنة، وهذا ليس محل خلاف، ولا كلام فيه، وإنما الكلام عمّن دخل من الكفار بلاد الإسلام، بختم دخول، وإذنٍ من السلطات الحاكمة في بلد مسلم، فهذا بإعطائه إذن الدخول استؤمن، وأُعطي العهد والأمان، ولا يجوز التعدي عليه، حتى ولو كان في الأصل محاربا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن قَتَلَ مُعاهدًا لمْ يَرَحْ رائِحةَ الجنة).

ومعلومٌ أنّ دواوينَ الفقه الإسلاميّ، عندما تتكلمُ على غيرِ المسلم وعلاقته بالمسلمين، تقسمه إلى أقسام أربعة :

1- محارب 

2- وذمي 

3- ومستأمن 

4- ومعاهد 

والكاتب جعلَ الأقسامَ الأربعةَ قسمًا واحدا، وهذا لم يقل به أحد.

هذه النقولات عن كبار الفقهاء تتعلق بالكافر الحربي ، ولا تتعلق بكل كافر ، فعلى سبيل المثال : يهودي يعيش في إسرائيل هذا يسمى في الفقه الاسلامي كافر حربي يجوز قتله إلا اذا دخل دولة إسلامية بعهد وأمان فلا يجوز قتله. 

هل سمعنا عالما وفقيها أو فتوى من جهة معتمدة قالوا بجواز قتل نصراني أو يهودي او بوذي او هندوسي إذا كانوا من المسالمين ؟؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين