حدث في العشرين من ربيع الأول: عزل عقبة بن عامر الجهني عن ولاية مصر

في العشرين من ربيع الأول من سنة 47 عزل الخليفة الأموي معاوية الصحابيَّ الجليل عقبةَ بن عامر الجهني رضي الله عنه عن إمارة مصر، بعد أن كان عليها والياً مدة سنتين وثلاثة أشهر، جمع له فيها بين الخراج والصلاة، أي الناحية المالية والإدارية.

وجاء عزل عقبة بن عامر وتعيين مسلمة بن مخلد الخزرجي الأنصاري بطريقة يتجلى فيها دهاء معاوية، فقد كانه خائفاً من أن يكون لعزل عقبة عواقب لا يحمدها، ولذا قال لمسلمة أن يكتم أمر تعيينه، وأرسل إلى عقبة فجعله على البحر وأمره أن يغزو جزيرة رودس، فلما توجه سائراً، استوى مسلمة على سرير إمرته، فلما بلغ ذلك عقبة فقال: ما أنصفَنا أميرُ المؤمنين؛ عزلنا وغرَّبنا!

والأمير الجديد مسلمة كان كذلك رجلاً صالحاً عابداً، حسن التلاوة لآيات الله، طويل الصلاة، زاد في مسجد عمرو بن العاص، وأمر ببناء منارات المساجد كلها، وأن يؤذن المؤذنون في الليل في وقت واحد، وتوفى وهو أميرمصر في سنة 62.

وعقبة بن عامر صحابي جليل، له فضل الهجرة والصحبة والسابقة، آمن بُعيد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتزم معه البقاء في المدينة، روى الإمام أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار والطبراني في الأوسط عن عقبة قال: بلغني قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا في غنم لي أرعاها، فتركتها ثم أتيته، فقلت: جئت أبايعك. فقال: بيعةً أعرابية تريد أو بيعةَ هجرة؟قلت: بيعة هجرة. فبايعته، وأقمت.

ويبدو أنه مع إقامته كان يذهب في البادية مع أصحابه وبقي وراءهم فيها ليتعلموا من رسول الله ثم كره ذلك فانضم إليهم في المدينة فاضطروا إلى العودة إلى إبلهم في البادية، فلم يعجب ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عقبة رضي الله عنه قال: جئت في اثني عشر راكباً حتى حللنا برسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال أصحابي: من يرعى لنا إبلنا، وننطلق فنقتبس من نبي الله صلى الله عليه وسلم فإذا راح ورحنا أقبسناه مما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ففعلت ذلك أياماً، ثم إني فكرت في نفسي، فقلت: لعلّي مغبون يسمع أصحابي ما لم أسمع، ويتعلمون ما لم أتعلم من نبيّ الله صلى الله عليه وسلم.

فحضرت يوماً، فسمعت رجلاً يقول: قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ وضوءاً كاملاً كان من خطيئته كيوم ولدته أمه. فتعجبت لذلك؛ فقال عمر بن الخطاب: فكيف لو سمعتَ الكلام الأول كنت أشد عجباً. فقلت: اردد عليّ جعلني الله فداك. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات لا يشرك بالله شيئاً فتح الله له أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء، ولها ثمانية أبواب.

قال: فخرج علينا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، فجلست مستقبله، فصرف وجهه عني، حتى فعل ذلك مراراً، فلما كانت الرابعة، قلت: يا نبيّ الله بأبي وأمي، لم تصرف وجهك عني؟ فأقبل عليّ فقال: واحدٌ أحبّ إليك أم اثنا عشر؟ فلما رأيت ذلك رجعت إلى أصحابي.

وكان عقبة فقيراً من أهل الصفة الذين كان أغلبهم لا يفارقون المسجد، وقد نذروا أنفسهم للعلم والذكر، وأقرهم على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل شجعهم على أن تكون مجالسهم لحفظ القرآن، فقد روى عقبة فقال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصّفّة فقال: أيّكم يحب أن يغدو إلى بطحان أو العقيق فيأتي كلّ يوم بناقتين كوماوين زهراوين يأخذهما من غير إثم ولا قطع رحم؟ قلنا: كلنا يحب ذلك يا رسول الله. قال: فلان يغدو أحدكم إلى المسجد، فيقرأ أو يتعلم آيتين خير له من ناقتين، وثلاثاً خير له من ثلاث، وأربعاً خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل.

وصار عقبة بن عامر صاحب بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الشهباء التي يقودها في الأسفار، وأتاحت له هذه المهمة الشريفة فرصة أن يرتوي من معين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتوشح بتوجيهه ويتسم بأدبه، روى الطبراني في الكبير عن عقبة قال: قدت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته، رَتوة من الليل، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أَنِخْ. فأنخت، فنزل عن راحلته ثم قال: اركب يا عقبة. فقلت: سبحان الله! أعلى مركبك يا رسول الله وعلى راحلتك؟! فأمرني فقال: اركب. فقلت أيضاً مثل ذلك، ورددت ذلك مراراً حتى خفت أن أعصي رسول الله صلى الله عليه وسلم فركبت راحلته ورحله، ثم زجر الناقة فقامت، ثم قادني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم في نَقَب من النِّقاب، فقال: يا عقبة، ألا أعلمك سورتين من القرآن هما أفضل القرآن، أو من أفضله؟ فقلت: بلى، بأبي أنت وأمي. فعلمني المعوذتين، ثم قال: يا عقبة، إذا رأيت الفجر فأعلمني. فلما رأيت الفجر قلت: يا رسول الله، هذا الفجر. فأناخ راحلته، ثم توضأ، ثم أقام الصلاة، ثم أخذ بيدي، فجعلني عن يمينه، فقرأ بهما في صلاة الصبح، ثم التفت إلي، فقال: يا عقبة، اقرأ بهما كلما قمت ونمت.

قال عقبة: ثم لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فابتدأته فأخذت بيده فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال، فقال: يا عقبة صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك. ومن توجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة بن عامر عندما سأله: يا رسول الله ما النجاة؟ قال: يا عقبة، أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك.

بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عقبة أن يقضي بين متخاصمين وفي حضوره، وهذا شرف عظيم، وثقة كبيرة من الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الصحابي، وتشجيع وتدريب له، روى الإمام أحمد في مسنده والطبراني في الأوسط عن عقبة بن عامر قال: جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خصمان يختصمان، فقال لي: اقض بينهما. فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنت أولى. قال: اقض بينهما. قلت: على ماذا يا رسول الله؟ قال: اجتهد، فإن أصبت فلك عشر حسنات، وإن أخطأت فلك حسنة.

وكان آخر لقاء لعقبة بن عامر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته، عندما زار الرسول قتلى أُحد ثم اعتلى المنبر فخطب الناس مودعاً، وروى ذلك عقبة في الحديث الذي رواه له البخاري ومسلم، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات، ثم طلع المنبر فقال: إني بين أيديكم فَرَطٌ، وأنا عليكم شهيد، وإن موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه من مقامي هذا، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها. قال عقبة: فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر.

وكان عقبة بن عامر من أحسن الناس صوتاً بالقرآن، فقال له عمر بن الخطاب: اعرض عليّ. فقرأ عليه سورة براءة، فبكى عمر، وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عقبة بن عامر أحد الصحابة الذين قاموا بجمع القرآن، وذلك لمعرفته بالذكر الحكيم، وحفظه لأماكن السور، وكتب مصحفاً بمصر بيده، قال مؤرخ مصر عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المتوفى سنة 347: رأيت مصحفه بمصر على غير تأليف مصحف عثمان، وفي آخره: كتبه عقبة بن عامر بيده. ولذلك عده بعض المؤرخين - بحق - من أوائل القراء الذين جاءوا مصر.

وكان رامياً لا يترك الرمي والتدرب عليه حتى في شيخوخته، وكيف يتركه وقد رويت عنه أكثر الأحاديث المتعلقة بالرمي، روى له مسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، يقول:﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي.

وروى الإمام أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير عن خالد بن زيد الجهني قال: كنت رجلاً رامياً، وكان عقبة بن عامر الجهني رجلاً يحب الرمي، إذا خرج خرج بي معه، فدعاني يوما فأبطأت عليه، فقال: تعال أقول لك ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما حدثني: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل يُدخِل بالسهم الواحد ثلاثةَ نفر الجنة: صانعَه المحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومنبله. وقال: ارموا واركبوا، ولأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا، وليس من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته امرأته، ورميه بقوسه، ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها. ولهذا توفي عقبة عن أكثر من ستين قوساً بجعابها ونبالها، وأوصى بهن في سبيل الله.

جاهد عقبة في فتوح الشام، وكان هو البريد إلى عمر بفتح دمشق سنة 14، وحدَّث عقبة أنه قدم على عمر وعليّه خفّان، فقال لي عمر: كم لك يا عقبة مذ لم تنزع خفيك؛ تمسح عليهما؟ قلت: من الجمعة إلى الجمعة: ثمانية أيام، قال: أحسنت وأصبت السُّنة.

وسكن عقبة بن عامر دمشق وكانت داره من نواحي باب توما، ثم استدعاه عمر بن الخطاب إلى المدينة مع النفر الذي استدعاهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لكثرة روايتهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمعهم من الآفاق؛ عبد الله وحذيفة وأبي الدّرداء وأبي ذر وعقبة بن عامر، فقال: ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآفاق؟ قالوا: أتنهانا؟ قال: لا، أقيموا عندي، لا والله لا تفارقوني ما عشت، فنحن أعلم ما نأخذ ونرد عليكم. فما فارقوه حتى مات.

ولما وقعت الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية، شهد عقبة بن عامر صفين مع معاوية، ثم تحول إلى مصر، وطلب من معاوية أن يقطعه أرضاً ليترزق منها، فمنحة مساحة ألف ذراع في ألف ذراع، فلما خرج ينتقيها كان حريصاً على ألا يخل بشروط العهد بين المسلمين وأهل مصر، قال ابن عبد الحكم: كتب عقبة بن عامر إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، يسأله أرضاً يسترفق فيها، فكتب له معاوية بألف ذراع في ألف ذراع، فقال له مولى له كان عنده: انظر أصلحك الله أرضاً صالحة. فقال عقبة: ليس لنا ذلك، إنَّ في عهدهم شروطاً ستة منها، أن لا يؤخذ من أرضهم شيء، ولا من ذراريهم، ولا يكلفوا غير طاقتهم، ولا يُزاد عليهم، وأن يقاتل عاملُهم عدوَّهم من ورائهم، وأنا شاهد لهم بذلك. وعُرِفت الأرض التي اقتطعها عقبة بمُنية عقبة في الجيزة، ومما فعله عقبة في إمارته أنه أمر أهل الجيزة أن يجمعوا، أي يصلوا الجمعة، في مسجد همدان الذي بناه مزاحف بن عامر، وذلك تخفيفاً عليهم من الذهاب إلى مسجد عمرو بن العاص في الفسطاط.

تولى عقبة بن عامر أول منصب له في سنة 35، لما بدأت الفتنة في مصر وتكلم الناس بالطعن على عثمان في مصر، وذهب أميرُها عبد الله بن سعد إلى أمير المؤمنين عثمان في المدينة، واستخلف على مصر عقبة بن عامر، ولم تمض هذه الولاية بالوكالة دون مشاكل، فقد توثب عليه محمد بن أبي حذيفة زعيم التمرد، وأخرجه من الفسطاط، ودعا إلى خلع عثمان وأسعر البلاد وحرض الناس على عثمان، ولم يقم عقبة بمقاومته بالسلاح، ولكنه عارضه وبيَّن أن طلاوة لسانه تحمل وراءها الفتنة والخروج على الدين، خرج عقبة بن عامر إلى الجمعة فجلس بقرب المنبر، فخرج محمد بن أبي حذيفة، فاستوى على المنبر، فخطب، وقرأ سورة - وكان من أقرأ الناس - فقال عقبة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليقرأن القرآن رجال لا يجاوز تَراقِيَهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيَّة. فسمعها محمد بن أبي حذيفة، وكان سريع البديهة حاضر الجواب، فقال: والله لئن كنتَ صادقا - وإنك ما علمتُ لكذوب - إنك لمنهم.

وانتهت فتنة محمد بن أبي حذيفة في سنة 43 حين عين معاوية بن أبي سفيان أخاه عتبة بن أبي سفيان أميراً على مصر، ودامت ولايته عليها سنة وأشهراً ثم توفاه الله فاستخلف على مصر عقبة بن عامر.

شارك عقبة بن عامر بعد عزله في الجهاد، فخرج رئيساً على جند مصر في سنة 52 في الجيش الذي غزا القسطنطينية في خلافة معاوية، والذي كان فيه أبو أيوب الأنصاري.

روى عقبة بن عامر أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى له أئمة الحديث الستة أحاديث في مواضيع متنوعة وبألفاظ مختلفة وروايات متعددة، يتضح منها فضله وحرصه وفقهه، واستفادته من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن صحابياً جليلاً مكثراً مثل جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، المتوفى سنة 78، رحل من المدينة إلى مصر، في أيام مسلمة بن مخلد، ليسأل عقبة بن عامر عن حديث انفرد به عقبة، ثم عاد إلى المدينة، فقد جاء جابر بن عبد الله على مسلمة بن مخلد، وهو أمير على مصر، فقال له: أرسل إلى عقبة بن عامر الجهني حتى أسأله عن حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه. والحديث الذي أراد جابر سماعه، هو ما رواه كاتب عقبة دخين بن عامر قال: قلت لعقبة بن عامر: إن لنا جيراناً يشربون الخمر وأنا داع لهم الشُرَط فيأخذوهم. قال: لا تفعل، ولكن عِظْهم وتهددهم. قال: ففعل، فلم ينتهوا، فجاء دخين إلى عقبة فقال: إني نهيتهم فلم ينتهوا وأنا داع لهم الشرط. فقال عقبة: ويحك لا تفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ستر عورة فكأنما استحيا موؤدة من قبرها.

وكان مما حمله عن رسول الله حديث بثَّه في مصر ولم يصل إلى إمام جليل مثل الإمام مالك بن أنس رحمه الله، قال الإمام عبد الله بن وهب بن مسلم الفهري تلميذ الإمام مالك، المولود سنة 125 والمتوفى سنة 197: كنت عند مالك، فسئل عن تخليل الأصابع، فلم ير ذلك، فتركت حتى خفَّ المجلس، فقلت: إن عندنا في ذلك سنَّة: حدثنا الليث وعمرو بن الحارث، عن أبي عشانة، عن عقبة بن عامر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأتَ، خلِّل أصابع رجليك. فرأيته بعد ذلك يُسأل عنه، فيأمر بتخليل الأصابع، وقال لي: ما سمعت بهذا الحديث قط إلى الآن. فانظر رحمك الله إلى أدب التابعين وتأمل أين نحن منهم اليوم!

وقد أخذ الحديث عن عقبة بن عامر الصحابي الجليل عبد الله بن عباس، وأخذ عنه كثير من التابعين في الشام ومصر، منهم أبو إدريس الخولاني، عائذ الله بن عبد الله، المتوفى سنة 80، وأبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني مفتي أهل مصر في وقته، المتوفى سنة 90، وأبو ليلى دخين بن عامر الحجري، وكان كاتبه، وتوفي سنة 100، وأبو عمران التجيبي أسلم بن عمر، وعابس بن سعدي المرادي قاضي مصر المتوفى سنة 68، الذي تولى القضاء سنة 60، وكان أعرابياً غير معروف من قبل بالعلم، ولكنه جالس عقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو حتى استفرغ علمهما. وأخذ عنه كذلك عبد الرحمن بن جبير المصري المؤذن، المتوفى سنة 97، وكان عبد الله بن عمر معجباً به ويقول إنه من المخبتين.

وكان عقبة لا يألو من حوله من الشباب نصحاً، قال قال عامر بن ذريح الحميري: بتّ عند عقبة بن عامر أنا وجابر بن سهل، فقال له عقبة: لئن دخلت الجنة لتندمنّ. قال: فقلت له: ولِمَ أندمُ إن دخلتُ الجنة؟ فقال: لعلك أن ترى عبد بني فلان فوقك، فتندم من أن لا تكون أعطيتَ ثوباً أو رغيفاً فتلحق به.

توفي عقبة بن عامر سنة 58 بمصر، عن عمر يناهز 73 سنة، وهو أول من دفن بقرافة المقطم، وفي القاهرة الآن مسجد عقبة بن عامر بجوار قبره في شارع عقبة بن عامر خلف مسجد الإمام الليث بن سعد رضى الله عنه، أنشأه والي مصر الوزير محمد باشا السلحدار قبل قرابة 300 سنة، ودفن شهابُ الدين أحمد بن يحيى بن أبي حجلة التلمساني، المتوفى سنة 776، أحدَ أولاده في جوار عقبة بن عامر، فحفزه ذلك على أن يصنف كتاباً في مناقب عقبة بن عامر أسماه: جوار الأخيار في دار القرار.

رحمه الله ونفعنا ببركاته.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين