من آداب الاتصال الهاتفي - ١ -

كن حصيفاً في اختيارك لزمان ومكان من تتصل بهم، فلا تتصل في أوقات الراحة، أو صلاة الجماعة، وأوقاتُ الراحة قد تختلف قليلاً باختلاف العرف والعادة، ولكن يمكن أن نحاول تحديدها فنقول: لا تتصل بأحد قبل الثامنة صباحاً، وما بين الثانية والرابعة بعد الظهر، وبعد التاسعة ليلاً.

ولا تتصل بأحد عقب الأذان لإحدى الصلوات فقد يكون في المسجد يصلي الجماعة فيكون اتصالك مزعجاً للمصلين وشاغلاً لمن اتصلت به، وإن كان يصلي في بيته أو عمله فقد شوشت عليه.

وتأمل قبل أن تتصل مكان من تتصل به، فلا تتصل بمن هو في عمله إذا كان حديثك معه لا يتعلق بذلك، ولا تتصل بمريض في مشفى فإن اتصالك قد يشق عليه، وحديثك معه قد يزعج من حوله من المرضى، وخير من ذلك إرسال رسالة نصية لمن تعرف أنه مشغول تسأله عن الوقت المناسب للاتصال به، وبخاصة إن كان حديثكما سيطول ويتشعب.

وإذا اتصلت بمن تريد فلم يجب، فلا تستمر في الاتصال، بل اقطعه بعد ثلاث رنّات، لعلها تكون بمثابة السنة في الاستئذان ثلاثاً، ولا تكرر الاتصال بعد دقيقة أو اثنتين، ولا تتصل على هاتف آخر له، كأن تتصل على منزله، فإن لم يجب تتصل بعمله أو بهاتفه المحمول، بل انتظر برهة من الوقت لا تقل عن ربع ساعة ثم عاود اتصالك بمن تريد.

وقبل اتصالك استجمع ذهنك ونظِّم أفكارك فيما تريد الحديث فيه أو معرفته أو التشاور فيه مع من اتصلت معه، وذلك حتى لا تفوتك نقطة أو أمر تريد تناوله معه، وإذا كان الأمر يتعلق بزواج أو مرض أو تجارة فحبذا لو سجلت هذه النقاط في مذكرة تكون أمامك عند اتصالك، وإذا فعلت ذلك سهل عليك تقدير مدة الاتصال الهاتفي، ولهذا أهميته في مراعاة ما سبق ذكره من تخير المكان والزمان.

إذا اتصلت وردَّ عليك من اتصلت به أو أحد ممن يلوذ به، فابدأ بتحية السلام:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم عرِّف نفسك باسمك الصريح، إلا إن كان من تتصل به من الأصدقاء المقربين، وإن كان من تتصل به صديقاً مضى على اتصالك به فترة طويلة أو من بلد آخر، فيلزم كذلك أن تعرِّف نفسك، ويكون ذلك بذكر اسمك وكنيتك بشكل ترى أنه قد أزال أي لَبس محتمل، فإن الأسماء قد تتقارب والأصوات تتشابه.

وانتقل بعد تعريف نفسك إلى سؤال من اتصلت به إن كان وقته يتسع لاتصالك والحديث معك، وتقبل اعتذاره إن اعتذر عن الاستمرار، فهو بمثابة تطبيق للأدب القرآني الكريم في سورة الحجرات: ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾. وإن اتصل بك أحد وكنت مشغولاً أو غير مستعد لاتصاله، فلا بأس في أن تعتذر له، وعلينا أن ننمي هذا الأدب الرباني في أوساطنا بعد أن أصبح الهاتف المحمول لا يكاد يفارق الإنسان في نهاره وليله، وصار كثير من الناس لا يراعون ما سبق وأشرنا إليه من تخير وقت الاتصال ومكانه، ويتوقعون إجابة اتصالهم فورا وفي كل وقت.

ومن الأمور المفيدة في الاتصالات التي لا تتعلق بالمجاملات إرسال رسالة نصية تكون بمثابة الاستئذان يحدد فيها راغب الاتصال ما يريد الحديث عنه والوقت الذي يريد الاتصال عنده، فيكون المتلقي جاهزاً للاتصال متفرغاً له وقتاً وفكراً، وقد يحتاج ما تريد منه إلى مراجعة وتحضير، فيقوم المتلقي بذلك قبل اتصالك، لما قدمت بين يديه من تمهيد وإعلام.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين