ليست كرامة المرأة واستمرار حياتها وحريتها في اشتراط العصمة بيدها

قرأت كلاماً استأتُ منه كثيراً : فيه دعوة للفتيات بأن تشترط على من يتقدم لخطبتهنّ أن تجعل العصمة بيدها ، وفيه تغرير بهنّ بأن هذا هو الحل الأمثل للحفاظ على كرامة الزوجة وحقوقها واستمرار حياتها وحريتها ، وهذا بعض ما جاء فيه :

( وإن الإسلام الذي يصلح لكل زمان ومكان لديه الحل، وهو في "جعل العصمة بيد الزوجة"، أي تطلق نفسها متى شاءت، فتقول له: "طلقت نفسي منك"، ولا تنتظر موافقة زوج، أو حكم المحكمة، وتأخذ حقوقها المالية كاملة.

نعم "العصمة بيد الزوجة" أمر مباح وشرعي، وهو يضبط فوضى اللامسؤولية والعضل التي تعيشها كثيرات ، فلا يجب أن يستهجنه أحد أو يرفضه، أو يعتبره مخالفاً للرجولة؛ فوجود العصمة في يد الزوجة يُبقي للزوج حق الطلاق أيضاً، ويمكنه منه ، نصيحتي اليوم لكل زواج ولكل فتاة أن تجعل "العصمة في يدها" شرطاً أساسياً مكتوباً في العقد الشرعي ليس من باب التخوين، وإنما من باب الاحتياط ، وإذا لم يقبل الخاطب فاحذروه، وفكروا ملياً بإلغاء الزواج، لأن الذي يتعنت بأمر شرعي، ويظن رفضه "رجولة" وقبوله "خنوثة"، فهذا لا يفهم ولا يعرف للمرأة حقها، فلا يمكن أن يؤتمن عليها ، "العصمة بيدها" ضرورة ملحة في هذا العصر، وأتمنى أن تجعله المحاكم في قانون الأحوال الشخصية، وتلزم الأزواج بالموافقة عليه، وذلك "حماية لحق الزوجات"، وحماية للمجتمع من الفساد، فالزوجة المقهورة المهملة والمعضولة، قد تلجأ للحرام إذا منعت من الحلال ، والخلاصة وعند الزواج: تشترط "العصمة بيدها" فهذا الأمان الحقيقي الذي يضمن حق الفتاة لها حريتها وكرامتها واستمرار حياتها ) اهـ .

#تعليقي_على_هذا_الكلام :

1- في الحقيقة لم أقرأ في حياتي مثل هذا الكلام والذي يصدر عن ضيق أفق ونظرة قاصرة ، وإن غالب النساء العاقلات تحب أن يكون رفيق حياتها رجلاً بكل معنى الكلمة لا ترغب أن تكون العصمة بيدها ، بل قد تندم المرأة أشد الندم عندما تشترط ذلك ثم تتسرع في تطليق نفسها .

وهذه العبارة تدل على قصور في الفقه والواقع الاجتماعي ، ولها الأثر التربوي السيء :

( وإذا لم يقبل الخاطب أن تكون العصمة في يد الزوجة فاحذروه وفكروا ملياً بإلغاء الزواج ، لأن الذي يتعنت بأمر شرعي ويظن رفضه رجولة وقبوله خنوثة فهذا لا يفهم ولا يعرف للمرأة حقها فلا يمكن أن يؤتمن عليه ) .

لماذا التحذير والتخوين بهذا الرجل الذي لا يقبل ذلك ؟

اذا كان جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم : لا يجعلون لهذا الشرط أي قيمة ولا اعتبار فقهي ، بل وحتى ولو قبِل به الزوج فليس ملزما به .

ولم يقل بجوازه الا الحنفية ، ولا يعني جوازهم له إلزام كل الرجال بهذا الحكم .

الامر هو حسن قبول واختيار لدين الرجل وأخلاقه مع الاستشارة والاستخارة والتوكل على الله . 

وليس الحل بهذه الطريقة التي تشعر بالتخوين ، فأكثر نفوس الرجال تأبى ذلك .

وهذا يساهم في العنوسة عندما يشاع بأن هذه الفتاة تشترط ذلك مما يؤدي إلى نفور الشباب من الزواج من أمثالها ، وبالتالي له الأثر في الخلل في بناء المجتمع .

2- المقدمة فيها تدليس وعدم أمانة في نقل الحكم الشرعي فهذا الكلام : "وإن الإسلام الذي يصلح لكل زمان ومكان لديه الحل، وهو في "جعل العصمة بيد الزوجة"، أي تطلق نفسها متى شاءت" ليس صحيحاً على إطلاقه لأنه يوهم الفتيات أن هذا الشرط قد دعا إليه الإسلام وحث المرأة على المطالبة به ، والعكس هو الصحيح لأن الإسلام من حيث الأساس جعل العصمة حقاً للرجل .

وأما من أراد أن يأخذ برأي الحنفية في هذا فله ذلك ، دون تخوين وتحذير ممن لا يقبل به وهو مقتنع ومتمسك بهذا الحق وهذا الأصل الذي منحه اياه الإسلام 

3- هناك حلول شرعها للإسلام في حال عضل الزوج وسوء عشرته وظلمه وطغيانه منها :

أ- يمكن للمرأة أن تطلب من القاضي التفريق بسبب الضرر المعتبر شرعاً، وله أن يحكم بذلك إذا أثبتت الزوجة ادعاءها، وبعد أن يبذل جهده في الإصلاح بين الزوجين كما أمر الله تعالى، وخاصة اختيار حكمين يساعدانه في هذه المهمة .

ب- يمكن للمرأة أن تخالع زوجها إذا رغبت في ذلك أمام القاضي الذي يجب عليه أن يبذل كل جهد ممكن للإصلاح بينهما، فإن يئس قضى بالخلع .

ج- يمكن للمرأة أن تتفق مع زوجها على الطلاق ضمن أي شروط مشروعة يتراضيان عليها .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين