لماذا لاتكونين جميلة؟

الجمال واحد من أربع في المرأة تجعل الرجل راغباً في الزواج منها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تَرِبَت يداك) متفق عليه.

وجعل النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي تَسرّ زوجها إذا نظر إليها من خير النساء: (خير النساء من تسرّك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك) صحيح الجامع.

ولقد أكدت الدراسات العلمية أن حسن مظهر المرأة لزوجها واهتمامها بزينتها له، في مقدمة ما يشدّه إليها ويُحببه فيها ويُعلِّقه بها، ففي دراسة للعالمة النفسانية أندريا ميلترز من كلية علم النفس في جامعة ميثوديست في تكساس، جاء أن لجاذبية المرأة دوراً أساسياً وحاسماً في جعل الزواج ناجحاً وسعيداً ومستمراً.

شملت الدراسة 80 زوجاً وزوجة، واستمرت أربع سنوات، وكان محورها: (هل يمكن لامرأة جميلة أن تكون مفتاحاً للسعادة الزوجية؟)، وكانت الإجابة: نعم.

وهذا على خلافه عند المرأة، فجمال الرجل لايلعب دوراً مهماً أو أساسياً عندها في إنجاح الزواج واستمراره.

هل يعني هذا أن على المرأة غير الجميلة أن تندب حظها وتستسلم لواقعها؟!

والإجابة طبعاً: لا، لأن الجاذبية ليست في الشكل وحده، فالجمال ليس مقتصراً عليه، فالحديث العذب جميل، والابتسامة المشرقة جميلة، والنظرة الحانية الدافئة جميلة.

حتى في الأخلاق جمال، ففي طاعة الزوج جمال يسعده ويرضيه، وفي مداراته والتودد إليه جمال يأسره ويفتنه، حتى إن كثيراً من الرجال الذين تزوجوا نساء جميلات لكنهن مغرورات متكبِّرات، شقوا بهنّ وعاشوا حياة تعيسة معهن، وكثيرون منهم طلّقوهن.

إن المرأة التي لم تُرزق جمال الخِلقة، تستطيع أن تجعل زوجها يراها جميلة بخُلقها، ولطف عِشرتها، ولينها، ومودّتها.

ولا يغيب عنا أن الجمال في عصرنا صارت له صناعة، وأدوات (ماكياج) تجعل المرأة تبدو لزوجها أحسن مظهراً وأكثر جذباً، فإذا جمعت الزوجة بين جمال المظهر وحُسن المخبر، نجحت في إدخال السرور على قلبه وإسعاده، وأعانته بذلك على إسعادها وإرضائها.

ولقد أجاز الفقهاء إجراء النساء بعض الجراحات التجميلية التي تُزيل قُبحاً ظاهراً وتجلب جمالاً باهراً.

عرَّف العلماء جراحة التجميل الضرورية هي (الجراحة التي تكون لإزالة العيوب، كتلك الناتجة عن مرض أو حوادث سير أو حروق أو غير ذلك، أو إزالة عيوب وُلِد بها الإنسان؛ كبتر إصبع زائدة، أو شقّ ما بين الإصبعين الملتحِمين، ونحو ذلك).

وسُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن الحكم في إجراء عمليات التجميل فقال رحمه الله: (التجميل لإزالة العيب الناتج عن حادث أو غيره، لا بأس به ولا حرج فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أَذِن لرجُل قُطِعَت أنفه في الحرب أن يتخذ أنفاً من ذهب).

وأضاف: (أمّا التجميل الزائد لزيادة الحُسن فهو مُحرّم لايجوز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة لما في ذلك من إحداث التجميل الكمالي الذي ليس لإزالة العيوب).

بل إن كثيراً من الأزواج لايوافقون زوجاتهم على إجرائهن عمليات تجميل، ويطمئنونهن بأنهم راضون بهنّ كما هنّ.

وهكذا فإن المرأة تستطيع أن تُدخِل السرور إلى قلب زوجها إذا نظر إليها، بنظافتها في بدنها، وحرصها على تزيُّنها، وإشراق وجهها بابتسامتها، وصوتها الخفيض في همسها، ورفقها وحنانها وحبها.

إن أي رجل تكون له زوجته هكذا؛ سيراها أجمل الجميلات، وأفتن الفاتنات، وجنة من الجنات.

ولقد عبّر الشعراء عن معاني هذا الجمال بأبيات من الشعر جميلة، ومنها قول عمرو بن معديكرب:

ليس الجمالُ بمئزرٍ فاعلم وإن رُدِّيتَ بُرْداً

إن الجمال معادنٌ ومناقبٌ أورثن مجداً

وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

ليس الجمالُ بأثوابٍ تُزيِّننا 

إن الجمالَ جمالُ العلم والأدب

وقول الشاعر:

جمالُ الروحِ ذاك هو الجمالُ

تطيبُ به الشمائلُ والخلالُ

ولاتُغني إذا حَسُنَتْ وجوهٌ

وفي الأجسادِ أرواحٌ ثِقالُ

وقول الشاعر:

ليس الجمال بنوعِ ثوبٍ يُرتدى

فالثوب لايُعطي النفوس جمالا

لكنّ ما هو في فؤادٍ طاهرٍ

عرَفَ الحياة فضيلةً وكمالا

وقول الشاعر أو الشاعرة:

ليـس الجمـال بعينٍ طرفـُها الحَـوَرُ 

ولا بخــدٍّ كزهــرِ الروض يبتســمُ

ولا بقــدٍّ كغصـنِ البــانِ معتدلٍ 

ولابوجه كبدرِ التَّمِّ مبتسـمُ 

إن الجمال الذي تسمو الأنامُ به 

العلم والفضل والآداب والكـرمُ 

ولا يزيـــن الفتى إلا شـمائلـه 

من عظَّم الناس بين الناس يُحترمُ 

وصــورة المــرء مــرآة لصاحبها 

يلــوح منها إليك المجــدُ والشممُ

هكذا أجاد هؤلاء الشعراء في بيان جمال الروح والأدب والخلق والعلم واللطف واللين والرفق، وهو جمال تستطيع كل أنثى أن تتحلى به.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين