أولادنا والصيف

المحاور:

- أوصانا الله تعالى في أولادنا كثيراً، باعتبار أنهم أمانة في أعناقنا، سيسألنا الله عنهم يوم القيامة؛ قال تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم).

- ‏ تتسع حدود مسؤوليتنا عن أبنائنا لتشمل عقيدتهم وأخلاقهم وسلامة عقولهم وقلوبهم وأجسادهم، فالطفل يولد على الفطرة؛ وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه .. أو يبقيانه على دين الفطرة (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة).

- ‏ الذين يستهلكون أنفسهم في طلب المعاش، ولا يعطون لأولادهم أوقاتاً (لسماعهم وتوجيههم ومراقبتهم) يخسرون أولادهم وهم ينظرون إليهم .. ومعلوم أن الذي خلق أولادنا تكفل برزقهم في حين كلفنا نحن بحسن تربيتهم .. ولا نقلل هنا من قيمة السعي في طلب المعاش، ولكنه يبقى وسيلة ولا يرقى إلى مستوى الغاية. 

- ‏ في الوقت الذي نتمنى فيه أن يكون أولادنا فرصتنا للسعادة والبهجة وقرارة العين في الدنيا والآخرة (وولدٍ صالح يدعو له) ، نجد أن هنالك من يسعى لكي يسرق مهجة قلوبنا منا، وبالتالي تتحول تلك الفرصة إلى تحدي، ويصبح أولادنا مصدر شقائنا وتعاستنا.

- ‏ يحتاج أولادنا إلى بيئة ترعى قلوبهم وعقولهم وأجسادهم، وهذه البيئة غير موجودة بالصورة التي نحب، لأجل ذلك فإننا نخاف على أولادنا أيام دوامهم المدرسي؛ من صحبة سيئة، ومنهاج مختلٍّ أو ضعيف، وإدارة تربوية مستنزفة، وأنشطة غير مهدفة .. كما أننا نخاف عليهم أيام إجازتهم من فراغ مدمِّر أو برامج مسمومة.

‏وحتى نُعذر إلى الله تعالى، ونشعر بالارتياح (النسبي) بالقيام بشيء من واجب الأبوة تجاه أبنائنا، لاسيما في فترة الإجازة الصيفية؛ فإنه لابد من الانتباه للأمور الآتية:

1. مراعاة الخصائص النمائية للفترة العمرية؛ فهم وإن كانوا كلهم طلاب مدارس، فهم متفاوتون في أعمارهم، وبالتالي متفاوتون في احتياجاتهم النفسية.

2. الالتفات الى مواهبهم وطاقاتهم .. فبعد اكتشافها لابد من العمل على تنميتها بالتدريب، واستثمارها بالتجريب.

3. تحذيرهم من خطورة الأجهزة الإلكترونية ووسائل التواصل ومواقع الإنترنت، وضبط أوقات استخدامهم النافع منها، بحيث لا تطغى على الأنشطة التفاعلية الحية.

4. الحرص على دمجهم بالنوادي الصيفية القرآنية، والبيئات النظيفة؛ سواء ما كان منها رياضياً أو معرفياً أو مهارياً، مع اشتراط كونها تنفع ولا تضر.

5. تمكين علاقتهم ببيوت الله تعالى من خلال إجراء مسابقات تعزز حرصهم على صلاة الجمعة والجماعة.

6. الحرص على ربطهم بالأقارب كالأعمام والعمات والأخوال والخالات (وأولادهم) من خلال الزيارات المتبادلة، لاسيما إن كان هؤلاء الأقارب من العلماء أو الفضلاء.

7. مشاركتهم ألعابهم التي يحبون والتنافس معهم فيها.

8. سرد الحكايات والتجارب النافعة لهم.

9. محاورتهم في مختلف القضايا التي تهمهم، ومحاولة لفت انتباهم للقضايا الأكثر أهمية في حياتهم، لاسيما تلك التي تتعلق بمستقبلهم في الدنيا، ومآلهم في الآخرة.

10. الخروج معهم في رحلات داخلية (وأخرى خارجية إن تيسر ذلك) ومشاركتهم في الإعداد والتنفيذ لبرامجها الماتعة والنافعة.

11. اشراكهم في بعض المخيمات الكشفية؛ إن كانت متاحة، ضمن مجموعة كشفية ذات رسالة طيبة.

12. اصطحابهم إلى أماكن أعمالنا إن كانت أعمالا خاصة، أو إن كان مسموحاً بذلك .. ومحاولة نقل خبراتنا لهم (في التجارة والصناعة وغيرها).

13. تنمية قيمة المطالعة لديهم، وإقامة علاقات ودية بينهم وبين الكتب والمجلات النافعة، من خلال تحفيزهم وتكريمهم بعد كل مادة يقرأونها ويناقشونها.

14. مشاركتهم ببعض المهمات والأعمال البيتية كالتنظيف والدهان والصيانة والترتيب.

15. جمع أولاد العائلة وبعض الجيران، وإقامة أنشطة تعزز بينهم المحبة والتنافس في الخير.

16. اصطحابهم في رحلة عمرة إلى الديار المقدسة.

17. الخروج معهم في مسير طويل، مشياً على الأقدام، وتعويدهم على التعايش مع البيئات المختلفة. 

18. يمكن أن يكون الصيف فرصة لتعلم لغة جديدة أو اكتساب حرفة مفيدة .. إن تيسر لذلك شخصيات أو مؤسسات تدريبية لا تهدف إلى التجارة والربح فحسب.

لن يكون لأيٍّ من هذه الوسائل والأنشطة قيمة إلا إذا:

1. أدرك جميع أفراد العائلة قيمة الزمن، وحرمة هدر الوقت.

2. حرص الجميع على التنويع، وكسر الروتين والنمط المدرسي المعتاد.

3. بذل الوالدان شيئاً من المال والجهد في المتابعة والبحث والتحضير.

4. توافق الجميع على أهداف واضحة محددة في كل إجازة، مما ينسجم مع أهداف الأسرة العامة، ويحرصون على تحقيقها.

5. عدم التقليل من قيمة الدور الذي تقوم به مراكز التحفيظ فهي خير مُستأمَن على تحقيق الكثير مما سبق من الأهداف .. ولكن بالتوافق مع الأسرة والبيت.

وختاماً:

يقع على عاتق الأنظمة والدول توفير البيئة المحفزة على الخير والبناء والإنتاج .. وحسن استثمار الأجيال .. بالشراكة مع الأهل .. فإذا غاب ذلك الدور المهم المنوط بالدول والأنظمة، صار من واجب الأهل أن يحققوا ما يستطيعون منه .. وإلا فإن شياطين الإنس والجن (ستجتالهم) .. وعندها ستتحول الأمة من ضعف إلى ضعف، ومن تيه إلى تيه .. ولن تسعد أوطاننا ببركات وطاقات أجيالنا .. ولن يكون أيُّ أمل حينئذ بتحرير أقصانا وتخليص أسرانا.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين