حول بيان وزارة الأوقاف الأسدية من العبث بالأموال إلى العبث بالدين والحرمات

أصدرت الزمرة المتسلّطة على إرث الوقف الإسلامي العظيم باسم وزارة الأوقاف بيانا في الخامس من شهر رمضان المبارك ، تدافع به عن إثمها وبغيها وفجورها وخيانتها للأمانة . وتعرض فيه خدماتها وإنجازاتها على أولياء النعمة، المستوجبين للطاعة والاحترام من الكفرة الفجرة المسيطرين على سورية منذ عقود بقوة الحديد والنار.

وأول ما يجب أن نلحظه في بيان الخيانة والإثم أنه مرافعة دفاع ترفعها أقلام السوء إلى سادتها من المستهدفين لسورية الوطن سيادةً وإسلامًا وإنساناً وهُوية وتراثا .

ومع كل ما اجترحه مصدرو البيان من خيانة وإثم في تاريخ وزارات الأوقاف الأسدية، ومع كل ما تضمنه البيان من إفك مفترى وبهتان مبين في توصيف واقع ما يجري في سورية، ومن نبذ واتهام وتخوين وتجريم للقابضين على الجمر من الأمناء والشرفاء ، ومع كل ما تضمَّنه البيان من اعترافات وإقرارات تشين أهلها، وتدمغهم بالخيانة والإثم، وتتضمن اعترافًا صريحًا منهم في ضلوعهم في جريمة تحريف الإسلام وتجنيد الجنود لإضلال المسلمين وفتنتهم عن دينهم الحق ؛ إلا أن حكاية المسلمين في سورية وحكاية أوقافهم الإسلامية المنهوبة على يد وزارة الأوقاف المتواطئة مع زمرة السُّراق الفسدة المارقين المتسلطين على تراث الأوقاف الإسلامي العظيم ، تبقى أكبر من قضية بيان...

لقد شكل نظام (الوقف الإسلامي) بأبعاده الدينية والاجتماعية والفكرية جسرًا لفعل الخير ، وحبس أثره ، على سبيل الصدقة الجارية ، وكان ركنا ركينا في الحياة الإسلامية العامة . فتحت هذا العنوان شيدت المساجد والمدارس والمكتبات والمستشفيات وسُبلت السُّبل ، وأقيمت الرُّبط (المواقع المتقدمة على الثغور والجبهات) ، وحُبست الخيل للجهاد ، وأسست المسالح ، وامتدت الأوقاف الإسلامية لتشمل مراكز إيواء ورعاية للدواب المسنة، والقطط والكلاب الشاردة، وكل أشكال البر التي لا يتسع للإفاضة فيها هذا المقام . وكان كل وقف من هذه الأوقاف مؤسسة مستقلة قائمة بنفسها، مستغن بريع ما وقف عليه من توابع بنفسه غير محتاج لتمويل يموله، ولعل هذا أروع ما في عبقرية الوقف الإسلامي . فمن يقف المدرسة عمرانا وبناء يقف من التوابع الريعية ما يسد حاجة المعلمين والطلاب معا . ومن يقف المسجد يقف معه من التوابع الريعية ما يسدّد نفقاته ونفقات إمامه وخطيبه وخادمه أيضا.

ومنذ ابتليت بلادنا بالمستعمر الغربي ، ظلت هذه المؤسسة العظيمة والعريقة مستهدفة لأسباب منها ما هو سياسي، ومنها ما هو اجتماعي، ومنها ما هو اقتصادي . وقد يطول بنا الأمر لو حاولنا التتبع والاستقصاء.

وعلى يد المستعمر الغربي وشركائه وحلفائه ووكلائه تمَّ تحطيم هذه المؤسسة الشرعية العظيمة، ومصادرة إرثها بكل امتداداته وصوره وأبعاده، فتم تأسيس ما يسمى ( وزارات الأوقاف) في العالم العربي كجهة اعتبارية موهومة . أعطيت الحق بالعبث بمقدرات كل إرث المسلمين العقاري والعمراني والثقافي والحضاري .

لقد تم تأسيس وزارات الأوقاف في العالم العربي والإسلامي كجسر للسيطرة على إرث المسلمين . زمر من الفاسدين المفسدين ، لتدمير الوقف وتبديد ثرواته ، وتحويلها إلى جيوب السرّاق المستفيدين من داخلها على كافة المستويات . وكان حجم تسلط هؤلاء الفاسدين العاملين كشبكة متعاونة على الإثم والعدوان أكبر من كل إرادات المصلحين الذين مروا بالمؤسسة وحاولوا وقف عملية الانهيار .

ما أكثر ما نسمع بعض صعاليك هذا الزمان يتبجحون : ولماذا تنفق الدولة على المساجد ؟! ولماذا تدفع الحكومة من الميزانية العامة فواتير كهرباء المساجد ؟! وإن ما سرقته أنظمة الإثم والجور والخيانة والعهر من أموال الوقف الإسلامي كان كفيلا لو أحسنت إدارته أن يغطي بريعه ميزانيات تنموية حقيقية في بلدان مثل الشام ومصر .

ولقد تم في سبيل تدمير هذه المؤسسة العدوان على قوانين الشريعة الإسلامية ، والاستهانة بإرادة الواقفين وازدرائها ، وهم المالكون الحقيقيون والأصليون لكل هذا الإرث العظيم . وهم الذين تحمي إراداتهم كل الدساتير والقوانين.

ولقد خص هذا العدوان السافر في كل الأقطار الإسلامية ومنها وطننا سورية الوقف الإسلامي وحده، حيث تم مصادرته جهارا نهار تحت عنوان زائف اسمه ( وزارة الأوقاف ) . ولم تمتد يد هذه الوزارة أو الوزارات إلى أيّ وقف ملي أو مذهبي آخر يهودي أو مسيحي أو .. هذا فقط ليعتبر المعتبرون .

وعلى ظهر وزارة الإثم هذه تمَّ إلغاء الأوقاف الذرية وهي عملية مصادرة عملية لأموال يملك ريعها مواطنون محددون ، كما هي محصورة حسب رغبة مالكها الأصلي بنفع مخصوص محدود .

أخضعت الأوقاف الإسلامية وحدها ، دون أوقاف بقية الملل والنحل الأخرى ، لعملية تأميم مجحف ، كان مدخلا للسرقة والسلب على المستوى المالي ، كما كان ، وهذا الأخطر ، مدخلا للسيطرة على علماء الإسلام من أئمة وخطباء وقيمين ، كانت قد حررتهم إرادة الواقف الأول ، وكفلت لهم من خلال نظام الوقف الإسلامي الفريد كرامة العيش مع حرية الموقف والكلمة . فتحولوا إلى طبقة من صغار الموظفين يتحكم بمعايشهم فجار وفساق لا يرجون لله وقارا .

وتحت لافتة ( وزارة الأوقاف) المريبة هذه تمَّ مصادرة جميع الأوقاف الذرية ، وتحت لافتة وزارة الأوقاف هذه تمت شرعنة بيع الأراضي والأملاك الوقفية ، وهي أملاك حسب إرادة مالكها الأصلي لا تباع ، ليجد رجال المافيا والمافيا الأسدية في سورية بشكل خاص ، في وزير مأفون ومدير مأجور، من يسهل لهم عمليات السيطرة والاستيلاء على تراث دين من أراض وعقارات حماها القانون الشرعي ، كما حمتها إرادة المالك الأصلي من البيع أو التداول ..

ولقد سيطرت المافيا الأسدية بالتعاون مع (الاكليروس) البشع الذي أسند إليه اللص الكبير الوكالة على أموال الوقف الإسلامي في سورية على إرث لا يقدر من أموال الواقفين المرصود لأشكال من النفع العام . ووصل بهم أن تواطؤوا مع أعداء الإسلام حتى على السجاد الفاخر الذي وقفه أصحابه لمواضع سجود الساجدين . فبيعت التوابع من دور وعقارات وأسواق ، وسُرقت المحتويات العينية من كل خزائن ومساجد الشام.

ومن إدراكنا لحجم الفاجعة التي وقعت على إرثنا الإسلامي في سورية متمثلا بإرث الوقف الإسلامي العظيم ، نتابع هذه الأيام بألم بالغ واستنكار كبير امتداد يد الإثم والبغي والعدوان إلى قلب الإنسان المسلم حيث نقاء العقيدة وصفائها ، تمتد أيدي هؤلاء المأجورين للعبث بالعقائد والشرائع والحرمات ، بعد أن طال ما رتعوا في الأموال والمقدرات..

لقد تضمن بيان وزارة الأوقاف الأسدية – جسر الجريمة – المؤرخ في الخامس من رمضان / 1439 . والذي رفعه مجرمون مفسدون دفاعا عن دورهم في الجريمة ضد الإسلام وأهله إقراراتٍ خطيرة بتجنيدهم جنودًا في مدرسة الشر والإثم تحت عنوان (الداعيات) تارة ، وتحت عنوان ا(لفريق الديني الشبابي ) تارة أخرى .

الفريق الديني الشبابي الذي سيعهد إليه - حسب منطوق البيان - تلقين أبناء المسلمين حقيقة الإسلام الصحيح ، دون أن ننسى أن هذا الفريق – وحسب منطوق البيان مرة أخرى - مكوَّن من دعاة من أتباع ملل ونحل ومذاهب وأديان متعددة، كلهم سيتوكلون حسب بيان وزارة الأوقاف تعليم الإسلام المنفتح لأبناء المسلمين في محاولة لابتداع دين ( متجانس ) يخدم مصالح المتجانسين.

ثم إن إقدام زمرة الإثم والإفساد مرة أخرى على العبث بمناهج المدارس الشرعية لتطويعها لخدمة أهداف المشروع ( الصهيوني – الصفوي ) الواحد لهو كارثة أخرى ينبغي التحذير من آثارها وتداعياتها . ونضيف إلى ذلك إقدام زمرة الإثم على تأسيس الحسينيات والمدارس والكليات التي تنشر عقائد الضلال والخرافة وفقه اللطم وعقيدة انتظار الغائب الموعود ، والتردد على الأضرحة من ضريح إلى ضريح .

هذا ما يتباهى به بيان وزارة الأوقاف الأثيم ..!!!!

نقول للحاطبين في حبال الكفر والبغي والعدوان من عصبة الشر في وزارة الأوقاف الأسدية، المجترئين على أخيار الشام وأهله ((سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ))

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين